من دماء المعارك إلى خزائن المال.. كيف تحصد أمريكا الأرباح من حرب أوكرانيا؟
جعجع يؤكّد الثّوابت.. و”الحزب” يتجاهل الخطاب
خطاب الدكتور سمير جعجع في “ذكرى شهداء المقاومة اللبنانيّة” ربّما هو الأطول في حياته السياسيّة. استغرق إلقاؤه 49 دقيقة (مع التصفيق). جاء شاملاً. فالاستحقاقات بين ذكرى السنة الفائتة واليوم كثيرة: خسارة “الحزب” لـ”حرب الإسناد” وسقوط الأسد والحرب الإيرانيّة – الإسرائيليّة، وعام 2025 حافل بالمحطّات التاريخيّة: الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب اللبنانيّة، مرور 35 عاماً على اتّفاق الطّائف، مرور عشرين عاماً على الانسحاب السوري من لبنان… تطرّق الدكتور سمير جعجع إليها كلّها.
خصّص جعجع في خطابه مساحة كبيرة لـ”الحزب” الذي خسر الحرب بوجه إسرائيل، ودعاه إلى التوقّف عن المكابرة والهروب إلى الأمام، والإقرار بالواقع الجديد وتسليم سلاحه والانخراط في مشروع الدولة. رأى البعض في هذا الكلام تكراراً. ربّما صحيح. ولكنّ أهمّيّة كلام جعجع أنّه يأتي في مرحلة جديدة في لبنان، مرحلة بدأت قبل شهر بالتمام والكمال حين اتّخذت الحكومة اللبنانيّة في جلستين متتاليتين (5 و7 آب) القرار بـ”حصريّة السلاح بيد الدولة”، وكلّفت الجيش اللبنانيّ إعداد الخطّة لذلك. وبالفعل أعدّت قيادة الجيش الخطّة وعرضها قائده على مجلس الوزراء الذي رحّب بها.
كلام رئيس أكبر حزب مسيحيّ ورئيس أكبر كتلة نيابيّة في البرلمان ممثَّل بأربعة وزراء في الحكومة كان يستحقّ ردّاً من “الحزب”. ولكنّ جواب “الحزب” كان اللاجواب. أشادت مقدِّمة تلفزيون المنار عشيّة الخطاب بالمسيَّرة اليمنيّة التي استهدفت مطار رامون الإسرائيليّ، وانتقدت “المتآمرين من عرب وأعراب، من ضُربت عليهم الذِلّة لخِذلانهم الحقّ وأهله”. من جهتها اكتفت صحيفة “الأخبار” بمقال صغير عرض بعض ما جاء فيه.
عدم ردّ “الحزب” هو جزء من المكابرة، فهو يعتبر أنّه يخوض المعارك الإقليميّة والدوليّة التي تمتدّ من اليمن إلى سوريا مروراً بالعراق وفلسطين، ومن الصين شرقاً إلى فنزويلا غرباً. بالتالي تعتبر قيادته أن لا وقت لديها لخوض السجالات في الداخل، عِلماً أنّ هذه الحروب هي التي أضعفت “الحزب”. فالكلّ بات يعلم أنّ انخراطه في الحرب السوريّة كشفه أمنيّاً أمام الأجهزة الإسرائيليّة. وخوضه “حرب الإسناد” استجلب حرباً إسرائيليّة وجّهت له ضربة قاصمة تمثّلت باغتيال أمينه العامّ وغالبيّة قيادته العسكريّة. وتستمرّ في تتبّع القيادات الجديدة واغتيالها.
تبدو مكابرة “الحزب” أيضاً تجاه الحكومة اللبنانيّة ورئيسها. يتعامل معها وكأنّها حكومة مؤقّتة ويتعامل مع رئيسها على أنّه طارئ على الحياة السياسيّة اللبنانيّة وعابر فيها. يتوجّه إليه مباشرة فقط بخطاب التخوين والتبعيّة للخارج.
قيادة “الحزب” في طهران
ربّما يكون السبب الآخر لـ”لاجواب الحزب” على خطاب جعجع أنّ قيادته باتت كلّيّاً في طهران بعد اغتيال السيّد نصرالله. هذا ما تؤكّده مصادر لبنانيّة وأجنبيّة فوجئت بجواب قيادة “الحزب” التي تفاوض في مسألة السلاح بأنّها تريد العودة إلى القيادة العليا!
بعد تفجيرَي البيجرز وأجهزة اللاسلكي واغتيال نصرالله أتى قائد فيلق القدس العميد إسماعيل قاآني إلى لبنان. أقام عدّة أيّام عمل خلالها على إعادة تشكيل القيادة العسكريّة الجديدة لـ”الحزب”. حينها اعتقد البعض أنّ قاآني قضى في استهداف السيّد هاشم صفيّ الدين الذي كان قد عُيّن سرّاً أميناً عامّاً لـ”الحزب”. ولكنّه ظهر في طهران. تؤكّد زيارة علي لاريجاني الأخيرة أنّ قيادة “الحزب” في طهران وليست في الضاحية. نتيجة لذلك بات تسليم السلاح بيد المرشد الأعلى. وتعتبر إيران أنّها خسرت بعض أوراقها في المنطقة، لكنّها لم تخسر الحرب.
الشّيعة لن يسمعوا لـ”الحكيم”؟
توجّه “الحكيم” في كلمته برسالة إلى الشيعة اللبنانيّين قائلاً لهم: “لا تصدّقوا أنّ السلاح يحميكم ويحصّل حقوقكم وشرفكم”. وأضاف: “لقد آن الأوان كي تَخرجوا وتُخرِجوا تاريخكم الوطنيّ النّاصع مثل جبل عامل وأنْ ترسموا خطّ النّهاية لحاضركم الحافل بالخيبات والنّكسات، ودائرة الارتباطات والمشاريع الإقليميّة واستخدامكم أوراقاً للتّفاوض أو لتصفية الحسابات”.
قال لي أحد السياسيّين المخضرمين: “الشيعة لن يسمعوا لسمير جعجع”. ربّما صحيح، تماماً كما أنّ الموارنة لن يسمعوا لزعيم سنّي ولا السنّة لزعيم شيعي. والسبب أنّ المجتمع اللبنانيّ لا يزال مجموعة قبائل طائفيّة ومذهبيّة، ولم يرتقِ بعد إلى منزلة المجتمع الواحد. ولم ترتقِ الشعوب اللبنانيّة إلى منزلة الشعب اللبنانيّ الواحد. وهو ما يُضاعف المسؤوليّة التاريخيّة على قادة الشيعة، خاصّة في “الحزب”، ويدعوهم إلى التعقّل لإنقاذ الطائفة ولبنان من سياسة الانتحار.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|