الصحافة

جنون إسرائيلي... في ظلّ غياب أميركي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يشير إستهداف إسرائيل قيادات في "حماس" موجودة في الدوحة إلى أنّ حكومة بنيامين نتانياهو لم تعد مهتمة بأمرين. الأمر الأوّل مصير الإسرائيليين الذين تحتجزهم "حماس" منذ شنها هجوم "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 مستهدفة مستوطنات غلاف غزّة.

لم تعد الرهائن ورقة تستطيع "حماس" استخدامها ما دام لا فارق لدى إسرائيل بقيت الرهائن على قيد الحياة أم لم تبق. ثمّة جنون إسرائيلي ليس بعده جنون يتمثل في الاعتقاد بأن الدولة العبريّة تستطيع أن تفعل ما تشاء في أي مكان تشاء وأن على الجميع في المنطقة الانصياع لرغبة عقول مريضة مثل عقل بنيامين نتانياهو أو إيتمار بن غفير أو بتسلئيل سموتريتش.

الأمر الآخر الذي لا بدّ من التوقف عنده أن إسرائيل في ظلّ الحكومة الحالية تعتبر نفسها فوق القانون وتمتلك حرية ممارسة "إرهاب الدولة"، على حدّ التعبير الشيخ محمّد بن عبد الرحمن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري. الأهمّ من ذلك كلّه أن العلاقة بقطر لم تعد، بالنسبة إلى الدولة العبريّة، بالأهمّية التي كانت عليها في الماضي. لم تعد من حاجة إلى الوساطة القطرية مع "حماس" مع ما يعنيه ذلك من إصرار لدى "بيبي" نتانياهو على متابعة خوض حرب غزّة إلى النهاية... أي إلى تهجير مليوني فلسطيني من أرضهم.

لم تنجح العملية الإسرائيليّة التي نفذت في الدوحة في تحقيق أهدافها. يبدو أن أفراد الفريق "الحمساوي"، الذي كان يفاوض من أجل إنهاء حرب غزّة، نجوا من الضربة. وحدها الأيام ستكشف أسباب هذا الفشل الإسرائيلي على الرغم من أن الإعداد لضرب "حماس" في الدوحة، وهو قرار اتخذ في لحظة معيّنة على وجه السرعة، استغرق وقتا طويلا. الإعداد أخذ وقتا لكن التنفيذ كان وليد لحظة فرضتها العملية التي نفذتها "حماس" قرب القدس وقتل فيها ستة إسرائيليين.

يظهر الإصرار الإسرائيلي على استهداف "حماس" في قطر، في الوقت ذاته، توجّها إسرائيليا إلى تقديم حرب غزّة على كلّ ما عدا ذلك. لا يتعلّق الأمر بالعلاقة بقطر وحدها بل بمستقبل العلاقة بكلّ دولة عربيّة في الخليج. بكلام أوضح، بات على كلّ دولة من دول المنطقة، بمن في ذلك المملكة العربيّة السعوديّة، التعاطي مع إسرائيل بحذر شديد، كما يفعل الملك عبدالله الثاني منذ فترة طويلة، من منطلقات مختلفة.

يختزل الوضع القائم الكلام المهمّ الذي صدر عن الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات في الدوحة حيث التقى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. قال محمّد بن زايد: " يشكل الإعتداء (الإسرائيلي) انتهاكا لسيادة قطر وجميع القوانين والأعراف الدولية ويقوض أمن المنطقة واستقرارها وفرص السلام فيها". ما يبدو على المحكّ كيف التعاطي مع إسرائيل من الآن فصاعدا؟ مثل هذا السؤال تطرحه على نفسها كلّ دولة من دول المنطقة، بمن في ذلك تلك التي وقعت اتفاقات مع الدولة العبريّة.

تجد دول المنطقة نفسها أمام إسرائيل جديدة لا تمتلك أي اهتمام بـ"فرص السلام"، بل أن السلام بالنسبة إلى نتانياهو إما يكون على الطريقة الإسرائيلية، أي سلام يكرّس الاحتلال في فلسطين وسوريا والهيمنة على الصعيد الإقليمي، أو لا يكون... 
بعد الضربة التي استهدفت قطر، وهي ضربة موجهة إلى طرف عربي امتلك في الماضي حسابات خاصة به في ما يتعلّق بكيفية التعاطي مع "حماس" على وجه الخصوص ومع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عموما، يبدو ضروريا التوقف عند نقطتين. أولى النقطتين أنّ إسرائيل باتت في غنى عن وسطاء مع "حماس". كلّ ما تريده هو الانتهاء من "حماس" التي لم تعد فائدة من وجودها، خصوصا في مجال تكريس الانقسام الفلسطيني... وإيجاد مبررات إسرائيلية للإمتناع عن دخول أي عملية سلام.

أما النقطة المهمّة الثانية فهي مرتبطة بالموقف الأميركي. اثبتت إدارة دونالد ترامب مرّة أخرى أنّها لا تمتلك سياسة مستقلّة عن السياسة الإسرائيليّة. لا دور أميركيّا في وقف حرب غزّة التي تحولّت إلى مأساة إنسانية لا شبيه لها في القرن الواحد والعشرين. تركت أميركا - ترامب اليمين الإسرائيلي يأخذ المنطقة كلّها إلى المجهول. حسنا، أبدى الرئيس الأميركي استياءه من ضربة قطر حيث توجد قاعدة عسكرية أميركية في العيديد، لكن ماذا بعد ذلك؟ 

الثابت أنّ الاستثمار في "حماس" لم يكن مجدياً لأي طرف من الأطراف الإقليميّة، بما في ذلك "الجمهوريّة الإسلامية" الإيرانيّة وإسرائيل. انقلب السحر على الساحر. ارتدّت كل الحروب التي افتعلتها إيران بعد حرب غزّة عليها. في حين لم تجد إسرائيل ما تفعله سوى إظهار مدى قوتها العسكرية وقدراتها على شنّ حروب عدة في الوقت ذاته. ماذا بعد ذلك؟ لا مفرّ في مرحلة معيّنة من طرح إسرائيل على نفسها أسئلة من نوع ما العمل بكلّ ما تمتلكه من جبروت؟ هل يسمح لها ذلك بأن تكون الحاكم الفعلي للمنطقة في غياب السياسة الأميركيّة؟

لا شكّ أنّ كلّ دولة عربيّة ستطرح على نفسها أسئلة تتعلّق بكيفية التعاطي مع إسراائيل بحكومتها الحالية. الأمر نفسه ينطبق على تركيا التي تمتلك أيضا طموحات خاصة بها والتي ربطتها علاقة متميّزة مع قطر و "حماس" في الوقت ذاته.
إذا كانت ضربة قطر كشفت شيئا، فهي كشفت الغياب الأميركي وكشفت مدى خطورة حكومة إسرائيليّة على رأسها شخص اسمه بنيامين نتنياهو لا يحترم أي اتفاقات أو أي مواثيق... ويعتقد أنّ في استطاعته تحقيق حلم مستحيل لسمه "إسرائيل الكبرى".

تبقى نقطة أخيرة تتعلّق بـ"حماس" نفسها والدور الذي لعبته منذ قيامها في العام 1987 في خدمة الاحتلال الإسرائيلي وضرب المشروع الوطني الفلسطيني الذي يحتاج حاليا سنوات طويلة لاستعادة عافيته والنهوض مجددا.

النهار - خيرالله خيرالله

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا