وزير الصحة يفتح ملف سلامة الغذاء بعد ازدياد حالات التسمم في لبنان
لا استراتيجية دفاعية لأن زمن اتفاق الدوحة بات من الماضي
عندما أُعلن اتفاق الدوحة بين الأطراف السياسية اللبنانية الأساسية بتاريخ 12 أيار 2008، على أثر "غزوة" 7 أيار وما سبقها من تعطيل للاستحقاق الرئاسي، بدا أن الأمور سائرة إلى معالجات نوعية لإرساء الاستقرار، وقد أظهر "حزب الله" حرصًا ظاهريًا على تسهيل تنفيذ الاتفاق بدءًا بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، علمًا أن الاتفاق أقر حصر السلطة الأمنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة. ولكن سرعان ما بدأ التعطيل مجددًا، بعد الانتخابات النيابية في مطلع حزيران 2009، فتأخر تشكيل الحكومة في عهد الرئيس سليمان خمسة أشهر، لتنتهي بتأليف حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري تضمنت من وُصف بالوزير الملك وكان الدكتور عدنان السيد حسين، على أساس أنه محسوب على رئيس الجمهورية، ليتبيّن أنه كان الوزير الوديعة لمصلحة "حزب الله"، إذ أسقط باستقالته الحكومة في 12 كانون الثاني 2011 فكان ما كان من ظاهرة القمصان السود التي نقلت الأكثرية النيابية من ضفة الرئيس الحريري إلى ضفة الرئيس نجيب ميقاتي بين ليلة وضحاها.
في تلك الأثناء، درج تعبير الاستراتيجية الدفاعية على إيقاع سلسلة جلسات حوارية في قصر بعبدا أعقبت إعلان بعبدا في 11 حزيران 2012 والذي لم يتأخر "الحزب" بانتهاكه بشكل سافر لا سيما في موضوع "تحييد لبنان عن سياسات المحاور الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية".
فالواقع، أن اندلاع الثورة السورية في آذار 2011 كشف تدريجًا حقيقة نوايا "حزب الله" ومن خلفه إيران، فضرب إعلان بعبدا بعرض الحائط ورفض تقديم رؤيته للاستراتيجية الدفاعية، علمًا أن الرئيس سليمان لحظ في الورقة التي قدمها وضع سلاح المقاومة بإمرة الدولة اللبنانية.
اليوم، تخطت الوقائع مسألة الاستراتيجية الدفاعية التي يحاول "حزب الله" إعادة إحيائها، وهو الذي أطاحها في الأساس ولم يعترف بها، سعيًا لتكريس سلاحه كأمر واقع ولا يقبل الجدل. لكن الحقيقة تقتضي التسليم بأن زمن الترضيات والتسويات والترقيع قد ولى، فلا شيء وسيطًا بين اتفاق الطائف والقرارات الدولية والاتفاق الأخير لوقف النار، وبين ظاهرة السلاح التي عادت تمثل استثناءً بعدما كانت القاعدة عمليًا لعقود عدة.
ولذلك، إن الإصرار على رفض تسليم السلاح يشكل حالة صدامية مع الشرعيتين الدولية والوطنية، وهما شرعيتان لا تقبلان أنصاف الحلول، لأنهما تستندان إلى نصوص وأصول قانونية ودستورية، فضلا عن الخلل العسكري والسياسي الذي يخالف رهانات "حزب الله" وحساباته. بل إن "الحزب" لم يعد يملك مجالًا واسعًا للمناورة، فلا إيران المرتبكة تستطيع توفير الدعم الذي وفرته سابقًا على الصعد العسكرية والمالية والاجتماعية، ولا محور الممانعة ما زال يتمتع بما كان عليه من قدرات مع سقوط نظام بشار الأسد، والانهيار الكبير لحركة "حماس" في غزة، وانكفاء المليشيات العراقية المرتبطة يإيران عن الواجهة، فضلًا عن الضربات الموجعة التي تلقاها "الحزب" والحوثيون والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
أما في الداخل، فإن "حزب الله"، وكما يقول قيادي سيادي، بات أعجز من أن يفتعل 7 أيار جديدًا وغزوة عين الرمانة جديدة، علمًا أن الجيش اللبناني هو اليوم في أوج قوته عمليًا ومعنويًا، على الرغم من المعاناة المادية. ولذلك، لا بد لرئيس الجمهورية الذي لا نشك أبدًا بالتزامه عنوان حصرية السلاح أن يتخطى ما يبدو خشية من تداعيات معينة، وألا يتوقف عند محاولات أخذه إلى دائرة وسطية خلافًا لقناعاته الثابتة.
ولا يمكن في أي حال فصل الاستحقاق الانتخابي النيابي عن الواقع الراهن المرتبط بعنوان حصرية السلاح، لا سيما وأن "حزب الله" يسعى إلى المماطلة والتسويف، وصولًا إلى تأخير تنفيذ خطة حصر السلاح إلى ما بعد الربيع المقبل ولو جزئيًا، لأن ما يهمه جدًا، هو الاحتفاظ بسطوته على الناخبين في بيئته، مع الإشارة إلى أن الأوضاع الاقتصادية والمالية وانعدام الحركة الإعمارية هي عوامل تزعج "الحزب" جدًا، ويبحث عن كيفية تعويضها عبر الرهان على تحصيل مكاسب معينة من الدولة.
وفي المقابل، تعمل القوى السيادية على تعزيز حضورها الانتخابي من خلال التأكيد أن السلاح لا يمكنه أبدًا أن يشكل شرطًا للنجاح والتفوق عبر الخيار الديموقراطي إلا في حالات استثنائية. ويلتقي رموزها على الجزم بأن الأحزاب السيادية اليوم هي أقوى مما كانته زمن الحرب، من خلال التأييد الشعبي الذي منحها شرعية وقوة فاعلتين في القرار، فكم بالحري عندما يصبح السلاح عالة وعبئاً على حامله؟
وتلفت إلى أن الأميركيين والأوروبيين على الموجة ذاتها في التحفظ على تسهيل وصول أي مساعدات إعمارية واستثمارية جدية إلى لبنان، طالما أن السلاح ما زال يشكل تهديدًا ليس للأمن وللاستقرار فحسب، بل لأي مشاريع بغاية الإعمار والاستثمار، لا سيما وأن ظلال السلاح تمتد إلى أداء مؤسسات الدولة في بعض الجوانب، وإلى المدى المتاح لتطبيق القانون وتشكل حالة ضاغظة ولو بشكل غير مباشر على القضاء الذي ينبغي أن يمثل المرجعية الضامنة والملاذ الأخير.
والتوجه نفسه يطغى على الموقف العربي وبخاصة الخليجي، حيث لا يخفي السفراء والدبلوماسيون في المجالس الخاصة كلماتهم حيال ضرورة تسليم سلاح "الحزب" مع نهاية العام الجاري، أو على الأقل تسليم معظمه لا سيما الثقيل منه في الموعد المحدد، مع التأكيد دوليًا وإقليميًا على توفير "مساعدات الضرورة" للجيش اللبناني بما فيها ما يتعلق بضبط الحدود والمعابر الشرعية من جهة، وللبرامج الإصلاحية من جهة أخرى.
أنطوان مراد -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|