محليات

Uber: سعر تنافسي على الشاشة.. وابتزاز الركاب على الأرض

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كانت مريم تهم بالصعود من منطقة الحمرا إلى القماطية، وطلبت خدمة "أوبر". وفق ما ظهر أمامها على شاشة التطبيق، كان السعر 15 دولاراً. دخلت إلى السيارة، فعاجلها السائق: إلى أين تريدين إيصالك، لا يظهر أمامي المكان". أبلغته بالوجهة فرد سريعاً، مبلغ 15 دولاراً غير كافٍ. أريد عشرين، لأن المسافة بعيدة، وتطبيق "أوبر" غير محدَّث.

قبل هذه الحادثة أبلغني أحد الأقارب أنه عندما حجز السيارة على تطبيق أوبر بسعر 13 دولاراً، تواصل السائق معه على الهاتف، وقال له إنه يريد 23 دولاراً على "التوصيلة" لأن المسافة طويلة. والأسوأ من ذلك أنه عندما أنزله في بيروت عاد وطلب منه 30 دولاراً، فتشاجر معه، وكانت النتيجة أنه دفع في النهاية 25 دولاراً، عوضاً عن الـ13 التي حددتها "أوبر" لهذه الخدمة.

 

لا شفافية ولا تنافس

منذ دخول شركة "أوبر" إلى السوق اللبنانية، كان الرهان على أن تقدّم بديلاً عصرياً ومنظماً عن خدمات التاكسي التقليدية، بسعر تنافسي يراعي القدرة الشرائية للمواطنين. إلا أن ما يحصل عملياً على الأرض يعكس صورة مختلفة؛ إذ يلجأ بعض سائقي "أوبر" إلى فرض أسعار أعلى بكثير من تلك المحددة على التطبيق، بحجّة أنّ "الأسعار الرسمية غير دقيقة". وعوضاً عن أن تكون "أوبر" منصة للشفافية و"تحرير" المواطنين من سطوة مكاتب التاكسي التقليدي، انتهت التجربة في لبنان بأن الخدمة تُدار من دون أية رقابة على السائقين.

 

"المدن"، أجرت تحقيقاً استقصائياً، وجربت أكثر من سائق، وأكثر من منطقة، وأجرت مقارنة بين أسعار خدمة "أوبر" وأسعار التاكسي. طلبنا خدمة إيصال من الحمرا إلى حي السلّم، فأظهر التطبيق أن السعر هو 9 دولارات، وهو مبلغ تنافسي مع مكاتب التاكسي التقليدي الذي طلب 16 دولاراً. ولكن، بعد حجز السيارة، هبّ السائق وتواصل معنا على خاصية "الإنبوكس" التي يتيحها التطبيق، وطلب مبلغ 20 دولاراً، مبرّراً ذلك بالقول: "ما بتوفي معي، وفيه عجقة".

 

عبر محاولات حجز السيارة لمناطق قريبة داخل العاصمة، يبدو سعر "أوبر" تنافسياً مع التاكسي. فمن الحمرا إلى الطيونة يصل سعر التاكسي التقليدي إلى 8 دولارات، في حين أنَّ سعر "أوبر" بعد الحسم الذي يظهر على الشاشة هو نحو ستة دولارات. وفي هذه الحال، لا يطلب السائق أي مبلغ إضافي. ولكن عندما تكون المسافة بعيدة، يتواصل السائق مع الراكب "على الخاص"، ويطلب سعراً يفوق السعر الرسمي على التطبيق، كما يفوق أسعار التاكسي بأشواط. فالتاكسي التقليدي طلب مثلاً مبلغ 18 دولاراً إلى العبادية، في حين أنَّ تطبيق "أوبر" كان يسجّل نحو 13 دولاراً. ومرة جديدة تواصل السائق، وطلب عشرين دولاراً. 

هذا السلوك يضع الركاب أمام معضلة: إما القبول بدفع ضعف السعر تقريباً، وإما إلغاء الطلب، وإعادة المحاولة مع سائق آخر، تماماً كما حصل مع مريم التي انصاعت للسائق في منطقة مهجورة في منتصف الليل. 

 

التطبيق يقتطع نسبة كبيرة من المبلغ

"الناس كانت تفكّر إنو "أوبر" أوفر من التاكسي، بس الواقع غير"، يقول أبو حسن، وهو سائق تاكسي يعمل في بيروت منذ أكثر من عشر سنوات. يضيف: "زبون طلع معي من المطار، قال إنو كان حاجز أوبر بس السائق طلب منه زيادة 15 دولار بحجة إنو "التطبيق مش دقيق". بالنهاية الزبون ترك أوبر وركب معي، مع إنو السعر عندي كان واضح من الأول".

 

وبعيداً عن الصراع والتنافس بين السائق التقليدي وأوبر، يشرح الباحث في منصات الاقتصاد الرقمي، وتحديداً في قطاع المواصلات، الدكتور ربيع جميل، أن شركة "أوبر" نفسها تتقاضى نسبة 25% من كل رحلة. وعليه يدفع السائق هذا المبلغ مسبقاً عبر شراء "بطاقة أوبر"، التي تتضمن عدداً محدداً من الرحلات. 

 

ويضيف جميل أن سعر البطاقة الواحدة ترواح بين 500 ألف ليرة (أي نحو 5 دولارات) و800 ألف ليرة (أي نحو 8 دولارات). لذا "عندما يشعر السائق أنه مغبون، يقوم برفع السعر ليعادل خسارته، سواء بسبب الانتظار الطويل، أو الزحمة، أو حتى بحثه المستمر عن راكب". 

 

ويلفت جميل إلى أن العمل مع الشركة في حد ذاته ليس مربحاً للسائقين، لأن الأسعار تحددها خوارزميات غير شفافة. لكن ما يجذب السائقين للاشتراك في التطبيق هو شبكة العلاقات التي يتيحها، بمعنى أن السائق قد يتعرف على عائلة مغتربة تحتاج إلى خدمة طوال مكوثها في لبنان، فيتفق معها على سعر معين من خارج التطبيق.  

 

أوبر عالمياً: التزام صارم بالأسعار

في معظم الدول التي تعمل فيها "أوبر"، يعتمد التطبيق على تسعيرة واضحة وثابتة، تُحتسب وفق خوارزمية تأخذ في الاعتبار المسافة، الوقت، والازدحام المروري. كما أنّ الشركة تفرض عقوبات صارمة على السائقين الذين يطلبون مبالغ إضافية من الركاب خارج إطار التطبيق، تصل أحياناً إلى حد إلغاء حساب السائق نهائياً. وهذا الالتزام جعل من "أوبر" مرجعاً عالمياً في خدمات النقل الذكي.

أما في لبنان، حيث تغيب المكاتب المحلية والرقابة الرسمية، يجد الركاب أنفسهم أمام نسخة "منفلتة" من الخدمة، تفتقد إلى أهم عنصر قامت عليه المنصة: الثقة والشفافية والسعر المسبق. وحيث لا تخضع المنصات لرقابة صارمة، تتحوّل الخدمة مساحة مفتوحة للاستغلال. ويجد المواطن نفسه أمام معادلة جديدة: "أوبر" لم تعد الأرخص، ولا الأكثر شفافية ومنافسة.

"المدن" تواصلت مع مكتب "أوبر" المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط عبر البريد الإلكتروني، وطرحت جملة أسئلة للحصول على توضيحات حول هذه الممارسات للسائقين في لبنان، لكننا لم نحصل بعد على أية إجابة. 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا