"دون محاكمات لا ثقة بالسلطة"..."الاشتراكي" يعمل لتحقيق دولي بجرائم السويداء
بدأ الحزب التقدمي الاشتراكي تحركاً سياسياً وديبلوماسياً، لحل تداعيات الاحداث الدموية المؤلمة والمؤسفة، التي وقعت في محافظة السويداء منتصف تموز الماضي، وادت الى سقوط نحو 1750 شهيداً والاف الجرحى ومئات المخطوفين، منهم نساء، اضافة الى مهجرين من ابناء طائفة المسلمين الموحدين الدروز، كما من المهاجمين على مدن وبلدات في جبل العرب، من الامن العام ووزارة الداخلية، التابعين للسلطة الجديدة الحاكمة برئاسة احمد الشرع، الذي زاره الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعلى رأس وفد من نواب الحزب ومسؤوليه وشيخ العقل سامي ابي المنى، مهنئاً ومد يد التعاون بتشجيع المرجعيات الدينية ممثلة بمشايخ العقل الثلاثة يوسف جربوع وحكمت الهجري ومحمود الحناوي، لتأييد الحكم الجديد، ودعم وحدة سوريا.
لكن ما حدث في محافظة السويداء، قلب المشهد، واول المتضررين وليد جنبلاط، الذي ُشنت حملة عليه، وصلت الى حد اتهامه، بانه ترك دروز سوريا لمصيرهم، ولم يؤمن حمايتهم، فجاءت المجازر والارتكابات ضد الموحدين، من السلطة التي اعطاها ثقته، وهذا ما خلق شرخاً بينه وبين مرجعيات جبل العرب، لا سيما منهم الشيخ الهجري الذي كان متطرفاً في مواقفه، طالباً حماية اسرائيل، وداعياً الى الانفصال عن الدولة السورية، واقامة حكم ذاتي يتماهى مع ما تطلبه فصائل كردية، وما يصدر عن مواقف لاطراف من الطائفة العلوية.
هذا الوضع المأساوي للدروز، والمحنة التي وقعت عليهم في سوريا من جبل السماق الى جرمانا وصحنايا واشرفيتها، انتجت انقساماً في المواقف حول الوضع الدرزي عموما وفي سوريا خصوصاً، وانعكاسات ما حدث ويحدث، على مصير طائفة الموحدين ووجودها في مدى جغرافي يمتد من لبنان الى سوريا وفلسطين المحتلة والاردن، وتقيم في محيط متعدد الطوائف والمذاهب، لا سيما مع الطائفة السنية.
استوعب جنبلاط الوضع وعالج مسألة منع حدوث فتنة سنية ـ درزية بموقف درزي موحد في لبنان، متعاوناً ومنسقاً مع كل مكونات المجتمع الدرزي، وتحديداً رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان، وسعى جنبلاط الاب الى استيعاب الهجمة والتحريض ضده، فاضطر نجله تيمور في احدى المناسبات، ان يدافع عن موقف والده، الذي لم يفرّط يوما بوجود الدروز وحقوقهم، وهو يقف معهم منذ نحو نصف قرن، ولم يترك دروز سوريا، بل وقف ضد من يريد ان يخرجهم عن انتمائهم العربي والاسلامي، ويضعهم في حضن العدو الاسرائيلي، وفق مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي، التي كشفت بان جنبلاط لم يترك اهالي محافظة السويداء، وهو كان لا يتمنى ان يحصل ما جرى، ويلوم السلطة في سوريا، بانها لم تقم بدورها في النظر، بمطالب الاقليات ومنهم الدروز، وتخوفهم من الجماعات التكفيرية، ومشاركتهم في السلطة.
وفي هذا الاطار، جاءت زيارة الحزب التقدمي الاشتراكي الى ممثلة الامم المتحدة في لبنان جيني هينيس بلاسخارت في مقرها، وضم وفد الحزب النائبين وائل ابو فاعور وفيصل الصايغ وامين السر العام ظافر ناصر والقيادي خضر الغضبان، وحمل الوفد رسالة من وليد وتيمور جنبلاط الى الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرش، ركزت على ثلاثة بنود وهي: تحقيق دولي وشفاف في احداث السويداء ومحاسبة المرتكبين، واطلاق جميع المختطفين لا سيما النساء والاطفال، واعتبار ما حصل في السويداء، هي جرائم حرب باستهداف متعمد للمدنيين ويشكل خرقاً للقانون الانساني، فاعتبرت مصادر سياسية مطلعة، بان في الرسالة تحولا في موقف جنبلاط لجهة عدم وفاء السلطة السورية بوعودها لها، بان لا يتعرض الدروز للاذى، وهو تنبه لذلك بعد احداث جرمانا، ولم يكن الشرع متجاوباً مع جنبلاط الذي تواصل معه لمنع تمدد رقعة الدم، فالتقى به مرة ثانية واكد له بان الدروز في سوريا، هم مع وحدتها وسلطتها الجديدة، ولا بدّ من الاطلاع على مطالب مراجع فيها والحوار معها، فوقعت احداث السويداء، وبات جنبلاط محرجاً امام محازبيه اولا ثم المناصرين والموحدين، واستغلال ما حصل لتحميله مسؤولية احداث السويداء، وهذا ما فرض عليه، اعادة قراءة رهاناته وتقديراته.
وبات جنبلاط على قناعة، بان استمرار الوضع في محافظة السويداء المحاصرة، وعدم تحقيق المساءلة وغياب العدالة، سيؤدي بسوريا الى احتمالات الانقسام والصراع الاهلي ويهدد وحدة سوريا، وهذا ما يراه جنبلاط، وفق مصادر في الحزب الاشتراكي التي تؤكد بان اتصالات الرئيس السابق للحزب، ما زالت مستمرة لبلورة خريطة طريق للحل، لتبقى سوريا موحدة، وهذا ما يسعى له مع دروز سوريا، وفي اتصالاته العربية والاقليمية والدولية.
وحول التحرك الاشتراكي الذي شارك فيه النائب فيصل الصايغ، فيقول لـ"الديار" بان ما ورد في الرسالة، ليس بالجديد، بل هو مطلب وليد جنبلاط، بلجنة تحقيق دولية، دون اغفال دور لجنة التحقيق الوطنية التي شكلها الشرع، لكن لا بدّ من تحقيق شفاف ليعيد الثقة الى مكونات المجتمع السوري، وتحديداً اقلياته يقول الصايغ الذي يؤكد بان واجب السلطة الجديدة، ان تعزز الثقة بها، ويشارك الجميع معها في قيام دستور وطني وبناء سوريا جديدة.
ويرى الصايغ، بانه لا بدّ من محاكمات فعلية وحقيقية مع جميع من ارتكبوا الجرائم، ودون ذلك لا ثقة ستتكون مع النظام الجديد الذي عليه ان يبدأ بتنفيذ ما توصلت اليه التحقيقات.
وكشف النائب الصايغ، بان لجنة تقصي دولية وصلت الى السويداء امس من جنيف وهي ستباشر عملها، وعلى ما ستحققه ستحصل مصالحات وبناء الثقة، والهدف دائماً هو تعزيز وحدة سوريا.
كمال ذبيان - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|