"دفاع مشترك" باكستاني - سعودي... خطوة أولى في مشوار قنبلة نووية جديدة؟
المشروع المسرّب لخطة معالجة الفجوة المالية: من السيّء إلى الأسوأ
يبدو من المعلومات المسرّبة عن خطة معالجة الفجوة المالية أن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ بالنسبة إلى المودعين، حتى بتنا نترحم على خطّة رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب التي ضمنت ٥٠٠ ألف دولار لكلّ مودع تسدد نقداً، والباقي سندات سيادية وأسهم مصرفية، ثمّ خطة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي التي ضمنت ١٠٠ ألف دولار لكل مودع ، مع تمكينه من سحب المبلغ الذي يتراوح بين ١٠٠ ألف دولار و٥٠٠ ألف دولار من وديعته بالليرة اللبنانية على سعر أقل من السعر الرسمي وهو نحو ٥٠ ألف ليرة لكل دولار، كذلك وضع سقفٍ أدنى للودائع غير خاضع للحسومات ويسدد نقداً، وهو ١٠٠ ألف دولار للودائع المدولرة قبل ١٧ تشرين ٢٠١٩، و٣٦ ألف دولار للودائع المدولرة بعد ١٧ تشرين ٢٠١٩، ليأتي أخيراً مشروع الخطّة التي تعمل عليها وزارتي المالية والاقتصاد وحاكمية مصرف لبنان. هذا المشروع الذي تسرّبت معلومات عنه، أقلّ ما يقال فيها إنها عشوائية وتفتقد إلى أدنى معايير المنطق والعدالة، سواء لجهة حقوق المودعين بصورة عامة، أو لجهة التمييز الفاقع في ما بينهم.
من أبرز الملاحظات على المشروع المسرّب ما يلي:
- ليس هناك ضمان لمبلغ المئة ألف دولار للمستفيدين من التعميم ١٥٨، فالمشروع ينصّ على زيادة السحوبات الشهرية الخاصة بهم إلى ١٢٠٠ دولار شهرياً ولمدة ٣ سنوات ، أي ما مجموعه ٤٣٢٠٠ دولار ، وإذا احتسبنا ما قبضه المودع خلال الفترة السابقة، فهو يتراوح بين ٨ آلاف دولار للذين سجّلوا أسماءهم مؤخراً في هذا التعميم وبين ٣٤ ألف دولار للذين سجّلوا أسماءهم في بدايته، وبذلك تترواح استفادة المودع الإجمالية بعد انقضاء الثلاث سنوات بين ٥١ ألف دولار و٧٧ ألف دولار ، فأين المئة ألف دولار المضمونة؟؟
- ورد في المعلومات المسرّبة وبشكل مبهم، عن حق استفادة أصحاب الودائع المدولرة قبل ١٧ تشرين، والذين لم يسجّلوا أسماءهم في التعميم ١٥٨، من مبلغ فدره ٢٠٠ ألف دولار نقداً مقسماً على ٥ سنوات ، فبأي منطق يجري التمييز بين الودائع المدولرة قبل ١٧ تشرين بهذا الشكل العشوائي، خصوصاً وأنّ المستفيدين من التعميم ١٥٨ هم أكثر تضرراً من هؤلاء، إذ كانوا لفترة طويلة يحصلون على نصف المبلغ الشهري بالليرة اللبنانية على سعر الدولار المصرفي الزهيد؟؟
- النقطة الأهم كما سُرّب والتي يستخلص منها ذروة العشوائية واللاعدالة، هي عدم شمول المبلغ المضمون المشار إليه أعلاه المودعين كافة، فمثلاً المودع الذي تزيد وديعته عن ١٠٠ ألف دولار أو ٢٠٠ ألف دولار ببضعة دولارات، لن يستفيد من أيّ مبلغ نقدي بل ستحول كامل وديعته إلى سندات وأسهم مصرفية، فبأيّ منطق يقاس هذا الأمر؟ وعلى هذا المنوال، ما المانع من تخلي المودع عن بضعة الدولارات المذكورة ليحصل على مبلغ ال١٠٠ ألف دولار وال٢٠٠ ألف دولار المذكورين ؟ أبسط قواعد المنطق والعدالة أن يشمل هذان المبلغان جميع الودائع من دون استثناء.
- بالنسبة للحسومات الكبيرة التي تطال الودائع التي تمّت دولرتها بعد ١٧ تشرين، فمن البديهي أن يكون هناك سقف أدنى من الوديعة غير قابل للحسم ( ٣٦ ألف دولار في مشروع خطة الرئيس ميقاتي) كما أنه من الضروري التمييز بين ودائع الموظفين المكوّنة من تعويضات نهاية الخدمة والادخار المحدود، وودائع أصحاب الشيكات المصرفية الذين استغلوا الأزمة لتحقيق الربح المجاني والفاحش.
- إذا كانت الأزمة المصرفية شاملة ، فلماذا يستفيد أصحاب الحسابات المصرفية العديدة من كل حساب ،فيما يقع الظلم على صاحب الحساب الواحد بمعزل عن حجم وديعته، وكأنّ الدولة تعاقب الأشخاص الذين لم يوزعوا حساباتهم على عدّة مصارف، والحل لهذه المسألة بسيط وهو اعتماد قاعدة النسبية، فبقدر حجم الوديعة يستفيد صاحبها من السحب الشهري.
- لم يتناول المشروع قضية الذين سدّدوا قروضهم المصرفية المدولرة على سعر ١٥٠٠ ل.ل للدولار من غير أصحاب قروض التجزئة كقروض السكن والقروض الشخصية وما شابه ، فأعفى كبار التجار الذين استنزفوا نحو ٣٠ مليار دولار من أموال المودعين.
- لم يأت المشروع أيضاً على ذكر أصحاب الودائع التي كان جزء منها مدولراً قبل ١٧ تشرين ثم أضيف إليه جزء آخر تم تحويله من الليرة إلى الدولار على سعر ١٥٠٠ل ، وكذلك الأشخاص الذين حولوا ودائعهم المدولرة قبل ١٧ تشرين أو جزء منها من مصرف إلى آخر ووضعت بأسمائهم الشخصية، أي لا غبار على أي تجارة بها، وبالتالي من البديهي أن يعامل الجزء الأول كوديعة مدولرة قبل ١٧ تشرين.
في الخلاصة، وإن كان مشروع الخطة لم يحل الى مجلس الوزراء بعد، فالملاحظات أعلاه هي بمنزلة جرس إنذار للقائمين على الخطة، فمن أعظم الخطايا الانسانية ضرب العدالة وتحويل القوانين إلى شريعة غاب يلتهم فيها القوي الضعيف بلا رحمة.
العميد المتقاعد دانيال الحداد - أخبار اليوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|