9 وزراء لبنانيون يرفضون المشاركة بجلسة لحكومة ميقاتي و”يحرموه من تسجيل هدف في مرمى التيار”
في موسم المونديال، رغب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مدعوماً من الثنائي الشيعي تسجيل هدف في مرمى التيار الوطني الحر من خلال الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء تحت حجة حاجات الناس الملحة، وفي طليعتها توزيع الاعتمادات المخصصة للاستشفاء والموافقة على الطلب من مصرف لبنان سداد مبلغ 35 مليون دولار شهرياً للأشهر الثلاثة المقبلة لزوم شراء أدوية للأمراض المستعصية والمزمنة والسرطانية.
وقد عمد ميقاتي إلى استبدال جدول الاعمال الفضفاض بجدول من 25 بنداً حصراً للاعتراضات المسيحية، وقال “طلب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إعداد جدول أعمال الجلسة وقد وصلني الجدول الخميس متضمّناً 318 بنداً، وهذا لا ينسجم مع التوجّه لبتّ الملفّات الملحّة والاستثنائية، فطلبت تخفيض العدد حتى وصلنا إلى جدول أعمال بـ65 بنداً بعد طلب عدد من الوزراء وضع بعض الملفات الأساسية لوزاراتهم، ولكن أقول اليوم أيضاً إنه بعد الاطلاع على الجدول يمكن بسهولة استبعاد أكثر من 40 بنداً عن الجدول، ولن نقرّ الاثنين إلا الأمور التي نعتقد ويعتقد الوزراء أنها ضرورية”.
مَن يقاطع ومَن يشارك؟
إلا أن المفاجأة جاءت من قبل 9 وزراء أعلنوا رفضهم دعوة ميقاتي وهم الوزراء عبد الله بو حبيب، هنري خوري، موريس سليم، امين سلام، هكتور حجار، وليد فياض، وليد نصار، جورج بوشيكيان وعصام شرف الدين، ما يحول دون اكتمال نصاب الثلثين الضروري لعقد الجلسة.
وهكذا يفترض ألا تنعقد جلسة مجلس الوزراء بعدما راهن الرئيس ميقاتي والثنائي الشيعي على مشاركة وزير الاقتصاد السنّي أمين سلام ووزير الطاشناق جورج بوشكيان إلى جانب وزيري الاعلام والاتصالات زياد المكاري وجوني القرم المحسوبين على “تيار المردة” في الجلسة بما يؤمّن نوعاً من الميثاقية المسيحية إلى جانب نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي المنتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وكانت مشاركة وزيري حزب الله في الجلسة وعدم تضامنهما مع وزراء التيار سيترك تداعيات سلبية على العلاقة بين الطرفين التي بدأت تشهد توتراً إثر رفض النائب جبران باسيل السير بترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية إلى الرئاسة.
وجاء موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مؤازراً ضمناً لموقف التيار وغير محبّذ لعقد الجلسة، وهو أعلن في عظة الأحد “إن الاستخفاف في انتخاب رئيس للدولة يضع الحكومة ورئيسها بين سندان حاجات المواطنين ومطرقة نواهي الدستور. فحكومة تصريف الأعمالِ هي حكومةُ تصريفِ أعمالِ الناسِ، لا حكومةَ جداولَ أعمالِ الأحزابِ والكتل السياسية”، وَتمنى “على رئيسِ الحكومةِ الرئيس نجيب ميقاتي، الذي طالما نأى بنفِسه عن الانقساماتِ الحادة، أن يصَوِّب الأمور وهو يتحضّر مبدئيًّا لعقدِ اجتماعِ يوم الإثنين المقبل. فالبلادُ في غنى عن فتحِ سجالاتٍ طائفية، وخلقِ إشكالاتٍ جديدةٍ، وتعريضِ الأمنِ للاهتزاز، وعن صراع مؤسساتٍ، واختلافٍ على صلاحيات، ونتمنى على الحكومةِ خصوصًا أن تبقى بعيدة عن تأثيراتٍ من هنا وهناك لتحافظَ على استقلاليّتِها كسلطةٍ تنفيذية، ولو لتصريف الأعمال”.
وقد قرأ مستشار رئيس الجمهورية السابق أمل أبو زيد في موقف البطريرك الراعي “رسالة واضحة تنزع الميثاقية المسيحية عن جلسة ميقاتي وبالتالي لم تعد هناك شرعية لأي جلسة تناقض ميثاق العيش المشترك وخصوصاً في ظل الشغور الرئاسي”.
سجالات حادة
وعشية الجلسة شهدت جبهة ميقاتي التيار سجالات حادة لم تخل من اتهام رئيس الحكومة ب “استفزاز المسيحيين” من خلال دعوته إلى عقد مجلس الوزراء والسطو على صلاحيات رئيس الجمهورية. وقال النائب السابق أمل أبو زيد “أبى الرئيس ميقاتي إلا أن يستفز المسيحيين بدعوته مجلس الوزراء إلى الانعقاد بحجج واهية”، مستغرباً “كيف بات قلب ميقاتي فجأة على المستشفيات والمرضى وهو الذي قلبه من حجر على أبناء مدينته طرابلس؟!”.
وشنّت قناة OTV حملة على ميقاتي، وسألت “هل الهدف الفعلي من الدعوة إلى مجلس الوزراء هو القلق على شؤون الناس الحياتية والصحية؟ ليس من لبناني يصدق ذلك، خصوصاً ان اصحاب الدعوة ليسوا من اصحاب السوابق في هذا المجال. وهل الهدف الفعلي هو الحرص على الصلاحيات؟ بالطبع لا، فمن يستهدف عمداً صلاحيات رئيس الدولة، لا يمكن ان يكون مهتماً بالحفاظ على دور أي موقع آخر في الدولة. اما اذا كان الهدف توجيه رسالة في السياسة، “فحلكم تتعلمو وحلكم تفهمو” ان من تتوجهون إليهم بالرسائل ليسوا من اصحاب القلوب الضعيفة، ولا يتراجعون الا امام الحق. اما الباطل، فيصارعونه سياسياً حتى النهاية، حتى الغلبة. وفكرة العزل السياسي، اذا كانت راودتكم، فتعرفون مصيرها من دروس التاريخ القريب والبعيد”.
وكتبت نائبة رئيس التيار مي خريش: “دولة الرئيس… الأزمة الاجتماعية يلّي عم تتحجج فيها مش مستجدة… إنت رئيس حكومة مستقيلة والدستور بيمنعك تدعي لمجلس وزرا بغياب رئيس جمهورية… من وين استرجعت حق ساقط… وساقط معو تكليفك؟”، وأضافت “انتبه من الحقد لأنو بيجر للفتنة… النصيحة كانت بجَمَل… بعرف عم تضحك ع المتل لأنك بتسعّر بالدولار”.
وردّ المكتب الإعلامي لميقاتي على هذه المواقف، وقال “في سياق حملات التحريض التي يقوم بها “التيار الوطني الحر” صدر كلام لنائبة رئيس “التيار” يحمل في طيّاته تهديداً وتحريضاً وهو بمثابة إخبار إلى الأجهزة القضائية المختصة”.
وفي وقت لاحق، دخل الرئيس السابق ميشال عون على الخط، فرأى مكتبه الاعلامي “أن رئيس حكومة تصريف الأعمال كشف مرة جديدة، من خلال الدعوة التي وجهها لعقد جلسة للحكومة الاثنين، عن الأسباب الحقيقية التي جعلته يمتنع، طوال خمسة أشهر متتالية، عن تأليف الحكومة التي كلف بتشكيلها، ألا وهي محاولة الاستئثار بالسلطة وفرض إرادته على اللبنانيين خلافاً لأحكام الدستور والأعراف والميثاقية”. وأضاف: “إن التذرع بتلبية الحاجات الاستشفائية والصحية والاجتماعية وغيرها من المواضيع التي أوردها رئيس حكومة تصريف الأعمال في جدول أعمال الجلسة التي دعا إليها، لا يبرر له خطوته التي تدخل البلاد في سابقة لا مثيل لها في الحياة الوطنية اللبنانية، مع ما تحمله من تداعيات على الاستقرار السياسي في البلاد”. واذ حذّر “مما يمكن أن يترتب على هذه المخالفة الدستورية والميثاقية”، دعا “الوزراء إلى “اتخاذ موقف موحد يمنع الخروج عن نصوص الدستور التي تحدد بوضوح دور حكومات تصريف الاعمال، لأن أي اجتهاد في هذا الصدد هو انتهاك واضح للمبادئ والثوابت التي أرستها وثيقة الوفاق الوطني وكرّستها مواد الدستور”.
تواصل ميقاتي والراعي
ثم كان ردّ جديد من المكتب الاعلامي لميقاتي نفى فيه “ما يروّجه بعض الاعلام العوني الهوى والانتماء والتمويل عن اتصال جرى بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ودولة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد عظة غبطة البطريرك في قداس الاحد. والصحيح أن رئيس الحكومة اتصل يوم امس بالبطريرك الماروني للتشاور في الوضع وشرح له الظروف التي حتّمت الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء. وما يحاول الاعلام العوني إلباسه للبطريرك الماروني من موقف غير صحيح على الاطلاق”. وأكد “ان دولة رئيس الحكومة في دعوته إلى اجتماع الحكومة غداً يأخذ في الاعتبار هواجس البطريرك وموقفه وسيسعى بالتأكيد إلى ان تبقى الحكومة بعيدة عن تأثيراتٍ من هنا وهناك لتحافظَ على استقلاليّتِها كسلطةٍ تنفيذية، ولو لتصريف الأعمال، كما دعا البطريرك الراعي، في عظته اليوم، فاقتضى التوضيح”.
وكان الرئيس ميقاتي قال في تصريح “قبل طرح السؤال لماذا ندعو إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، فليقم المعنيون بالاستعجال بانتخاب رئيس للجمهورية وتستقيم المؤسّسات الدّستورية كاملة وتقوم بواجبها”، واضاف “يحزّ في نفسي أن يضع أحد دعوة مجلس الوزراء في إطار طائفي أو كأنه استهداف لفئة معينة. فهل نحن نفرّق في التقديمات والمساعدات التي نقدمها بين مريض وآخر؟ هذا كلام غير مقبول”. وعن قول البعض إنّ ميقاتي حاكم بأمر “الثنائي الشيعي” أجاب: “من يقول هذا الكلام يعلم أن الدعم هو لتيسير أمور الناس وما يتعلق بصحة المواطن. ومن يطلق هذه التهمة فليتذكّر كم “عرّض عضلاتو” عندما كان الثنائي الشيعي داعماً له”.
القوات مع مرسوم جوّال
من ناحيتها، تبدو القوات اللبنانية معارضة لعقد جلسة مجلس الوزراء، ولفت عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب فادي كرم إلى “أننا لم نكن يوماً ضد اجتماع حكومة تصريف الأعمال لأسباب طارئة، ولكننا فوجئنا بدعوة حكومة تصريف الأعمال إلى اجتماع وبجدول أعمال فضفاض يتضمن 65 بنداً وكأنها ليست بحكومة تصريف أعمال، وكأننا لسنا في ظل فراغ رئاسي. ومن هذا المنطلق بالذات نحن لسنا مع هذا الاجتماع للحكومة. وأما فيما يتعلق بالبند الذي له علاقة بصحة النّاس وتأمين أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية فيستطيع رئيس الحكومة إقراره بمرسوم جوال للضرورة القصوى”.
في المقابل، شكر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله للرئيس ميقاتي “دعوته مجلس الوزراء للانعقاد، بجدول أعمال محدد، لأن تسيير أمور الناس وحاجاتها في ظل هذه الضائقة الاقتصادية هو أكثر من ضرورة، وبخاصة تخفيف أعباء الفاتورة الاستشفائية عن كاهل المواطنين. وليتحمّل كل وزير مسؤولية موقفه تجاه ترك الناس بدون التغطية الصحية”.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|