الصحافة

الحكومة مُحاصَرة… من الجيش!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تُبقي الاعتداءات الإسرائيليّة الإجراميّة على جنوب لبنان الأبواب مفتوحةً أمام كلّ الاحتمالات، بما في ذلك تجميد تنفيذ خطّة الجيش، وذهاب “الحزب” بعيداً في الاعتراض على أداء الحكومة. الأخيرة، التي تُحاضر يوميّاً بدعم الجيش، تبدو أمام موقف بالغ الإحراج: الاعتداءات الإسرائيليّة الفاضحة حيث لم تنفع مناشدات السلطة للأميركيّين بالضغط على تل أبيب إلّا بزيادة الوحشيّة الإسرائيليّة، ووقوف الحكومة ضدّ الجيش نفسه في ظلّ تعاطيها السلبيّ مع حقوق العسكر، مَن هم في الخدمة وخارجها!

 بعد نحو أسبوعين من عرض قيادة الجيش خطّة حصريّة السلاح أمام مجلس الوزراء، وترحيب الحكومة ولجنة “الميكانيزم” بها، أصدرت قيادة الجيش بياناً “استثنائيّاً”، أعقب الغارات الإسرائيليّة يوم الخميس على جنوب لبنان، وأعلنت بشكل مباشر احتمال تجميد تنفيذ الخطّة، مؤكّدة أنّ “استمرار الاعتداءات والخروقات التي فاقت الـ4,500 سيعرقل تنفيذ الخطّة بدءاً من جنوب الليطاني”.

يُفترض أن يبحث اجتماع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائيّة “الميكانيزم” في الناقورة غداً الخروقاتِ الإسرائيليّة التي أعادت إلى الأذهان مشاهد ما قبل وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024. يقول مطّلعون إنّ سقف الجيش سيكون أعلى في هذا الاجتماع، مع توجّه رئيس الجمهورية جوزف عون لإثارة ملفّ الاعتداءات الإسرائيليّة في اجتماعات نيويورك خلال مشاركته في اجتماعات الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة.

ثناء وانكفاء

لا يتوقّع الجانب اللبناني السياسيّ – العسكريّ كلاماً مغايراً لِما سمعه في الاجتماع الماضي للجنة “الميكانيزم”، بحضور قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي مايكل كوبر والموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس.

في ذلك الاجتماع، كان الأميركيّون واضحين في شأن مسألتين:

– قناعتهم بأنّ إسرائيل تركّز راهناً على غزّة، وتنتظر من لبنان تقدّماً أكبر في مسألة نزع السلاح نهائيّاً، وعندها تبدأ الانسحاب. فيما تركّز الولايات المتّحدة بشكل كبير على سوريا، وتواكب بجدّيّة ما يجري في لبنان، و”ترحّب” بأيّ تقدّم في النقاش الأمنيّ – السياسيّ المباشر بين لبنان وإسرائيل في المسائل المشتركة.

– ثناء كبير على خطّة الجيش، مع عرض المساعدة “المفتوح”، وتقديم مساعدات سخيّة، وتقدير لخطوات الحكومة، وإصرار على تفعيل اجتماعات لجنة “الميكانيزم”. تُوّج الأمر بإعلان البنتاغون رصد رزمة ماليّة لدعم الجيش بقيمة 14.2 مليون دولار.

بين اجتماعَيْ النّاقورة

بين اجتماع “الميكانيزم” في 7 أيلول، بعد يومين من جلسة “الترحيب” بخطّة الجيش في الحكومة، واجتماعها غداً الأحد، “فظّعت” إسرائيل في اعتداءاتها، وكسرت المحظور بضربها مقرّ وفد “حماس” في الدوحة، واستكملت مشروع إزالة غزّة عن الخارطة وتنفيذ اجتياح برّيّ لها وعزلها عن العالم بقطع الاتّصالات والإنترنت عنها.

في لبنان حطّ المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في جنوب لبنان في جولة ميدانيّة هي الثالثة لمسؤول إسرائيليّ، وكثّفت إسرائيل ضرباتها من عمق النبطية وصولاً إلى تنفيذ غارات جوّية واسعة يوم الخميس، معتمدة أسلوب الإنذارات التحذيرية والتدمير الممنهج، ومكرِّسة تهجيراً واسعاً لأهالي الجنوب.

أمّا أميركيّاً فصدر لأوّل مرّة بعد جلسىة 5 أيلول، التي عرض الجيش خلالها الخطّة التطبيقيّة لحصريّة السلاح، موقف عكسته السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون اعتبر ما قامت به الحكومة “جيّداً ويفوق ما حقّقته في السنوات الستّ الماضية”، وما يقوم به الجيش “جبّاراً”، لكنّ الخطوات غير كافية.

يحصل ذلك في ظلّ قرار أميركيّ بحصر التعامل مع لبنان راهناً على المستويين الأمنيّ والعسكريّ، من دون أيّ لقاءات أو تحرّكات على المستوى السياسي. وبدا واضحاً أنّ زيارة الوفد الأميركي الموسّع، الذي لوحظ تفاوت “اللهجات” بين أعضائه، للبنان في 26 آب شكّلت خاتمة الزيارات السياسية للبنان، أقلّه حتّى نهاية العام، الموعد “المفترض” لنهاية المرحلة الأولى من تنفيذ خطّة الجيش.

الهامش يضيق

ضاق أمام الحكومة هامش الرهان على الدبلوماسيّة والضغط على واشنطن للضغط على إسرائيل، فأتت النتيجة رفع الجيش السقف في ما يخصّ احتمال فرملة تنفيذ خطّته، وزيادة “الحزب” ضغطه على الحكومة على بُعد أيّام قليلة من إحياء الذكرى الأولى لاستشهاد السيّد حسن نصرالله في 27 أيلول، رافضاً “البكاء الدبلوماسي” سبيلاً وحيداً للردّ على الاعتداءات الإسرائيلية، وسائلاً الحكومة عن مكان ملفّ إعادة الإعمار في مشروع الموازنة.

الجيش “يُحاصِر” الحكومة!

المعطى الأهمّ أنّ الحكومة، بأدائها، باتت محاصَرة من الجيش نفسه. تقول مرجعيّة موثوقة لـ”أساس”: “الجيش يقوم، باللحم الحيّ، بواجباته على أكمل وجه من توقيف شبكات المخدّرات إلى التزام مندرجات الورقة الأميركية التي وافقت الحكومة على أهدافها، لجهة تنفيذ بند حصريّة السلاح جنوب الليطاني، ووضع خطّة تطبيقيّة لذلك”.

في المقابل، ترتكب إسرائيل مزيداً من الجرائم، والحكومة لا تلتزم شعارها “دعم الجيش”. أليس العسكريّون المتقاعدون هم الجيش نفسه الذي تضع الحكومة كلّ “بيضاتها” في سلّته، وتضعه في الواجهة السياسية والعسكرية؟ ماذا فعلت الحكومة حتّى الآن من أجل دعمه؟ وما هو ردّ الحكومة على متطلّبات الجيش الملحّة التي عرضها قائد الجيش العماد رودولف هيكل في جلسة 5 أيلول، والتي من دونها يصعب تنفيذ خطّة بهذا الحجم، في ظلّ استمرار الاعتداء الإسرائيليّ؟

نقمة داخل الجيش

في هذا السياق تفيد معلومات بأنّ تحرّك العسكريّين المتقاعدين في الأيّام الماضية لاقى صدى إيجابيّاً في المؤسّسة العسكريّة، فوضع الجيش، المطلوب منه تنفيذ خطّة حصريّة السلاح والعمل على أكثر من جبهة على الحدود وفي الداخل، إضافة إلى وضع العسكريّين المتقاعدين، لم يعد ممكناً تحمّله.

إلى ذلك تتعالى أصوات داخل الجيش حاليّاً بسبب تقصير الحكومة الفاضح في تحسين الرواتب، فهل يمكن أن يخدم ضبّاط برتبة ملازم أوّل أو نقيب أو رائد على الحدود، أو يُطلب منهم تفكيك منظومة عسكريّة، براتب يراوح بين 400 و500 دولار في الشهر، فيما تراوح رواتب الضبّاط برتبة مقدّم وعقيد بين 600 و700 دولار، وتبلغ نحو 900 دولار للعميد؟ أما العسكر والرتباء فوضعهم أكثر  من صعب… ولذلك أتى التحرّك الأخير.

لذلك أتى التحرّك الأخير واسعاً وهادفاً، وشهد محطّات متنقّلة بين المناطق. كلّ يوم يتقاعد عسكريّ، وقد يكون من منفّذي خطّة سحب السلاح، ولاحقاً يتحوّل إلى ضحيّة تقصير الحكومة.

أما لجهة مؤتمر دعم الجيش، فقد أكّد الموفد الفرنسي جان إيف لودريان للمسؤولين اللبنانيين، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، العمل على تحضير مؤتمر الدعم في تشرين الأول المقبل، بدعم أميركي وسعودي، لكن حتى الآن لم يتبلّغ لبنان الرسمي بتاريخه المحدّد ولا المبلغ المرصود له من المانحين.

ملاك عقيل -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا