الصحافة

ما علاقة "حوار" نعيم قاسم بالنّوويّ الإيرانيّ؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

صوّت مجلس الأمن يوم الجمعة المنصرم ضدّ مشروع قرار لرفع العقوبات عن إيران بشكل دائم. لكن، في الأثناء، لا يزال أمام طهران والقوى الأوروبيّة الرئيسة ثمانية أيّام للاتّفاق على تأجيل تفعيل آليّة إعادة فرض العقوبات.

ما الذي يمكن لإيران أن تقدّمه في 8 أيّام وقد فشلت في تقديمه لسنوات؟ هل تكسب فرصة جديدة تستعيد من خلالها ثقة المجتمع الدولي؟ هل تضحّي بالبرنامج النوويّ لإنقاذ مشروعها البالستيّ؟ ما علاقة تصريحات نعيم قاسم التي طلب فيها “الحوار مع السعوديّة” بمستجدّات إيران الخاسرة إقليميّاً ودوليّاً؟

منذ بداية الألفيّة الثالثة، تتحايل إيران على المجتمع الدولي. تعمّدت سرّاً التخصيب النوويّ حتّى مستويات مرتفعة وصلت إلى 80 في المئة، وزادت أجهزة الطرد المركزي إلى ما يفوق 31 ألف جهاز. أنشأت عدّة مواقع سرّية خفيّة على التفتيش الدولي، واحتفظت بمخزون سرّيّ مرتفع من اليورانيوم العالي التخصيب (أعلى بكثير ممّا اتُّفق عليه).

لم تتوقف إيران عن عرقلة فرق التفتيش الدوليّة ومهامّهم، ومنعت داتا الكاميرات عن الوكالة الدوليّة. كانت تقبل بالمفتّشين “شكلاً” فيما تعترض مهامّهم على أرض الواقع.

بعدها استغلّت طهران خروج الولايات المتّحدة من الاتّفاق لتتمادى في برنامجها النوويّ والبالستيّ في التدخّل بشؤون الدول المجاورة. بقيت إيران على هذه الحال حتّى تلقّت “صفعة”.

بعد كلّ ذلك، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى من الاتّفاق ومزّقه، فانصرفت إيران عبر إعلامها إلى تحميله مسؤوليّة “عدم التقيّد” بالاتّفاق. نجحت في ذلك إلى حدّ كبير إعلاميّاً وحتّى دبلوماسيّاً مع بعض الدول الأوروبيّة التي انطلت عليها ادّعاءات طهران.

بعد حرب الأيّام الاثني عشر تلمّست الهزيمة واستدركت إمكان التعرّض لجولات حربيّة جديدة قد تصل إلى حدّ تدمير البرنامج النوويّ كليّاً مع عدم قدرتها بعد ذلك على إعادة تفعيله، فبدأت اتّخاذ خطوات “تراجعيّة” وإبداء بعض المرونة.

تميّزت خطوات طهران التراجعيّة بالتالي:

طرح العودة إلى المفاوضات بعدما كانت مشاركتها شكليّة وتمنّعت عن جعلها مفاوضات مثمرة ذات نتائج ملموسة.

طرحت التفاوض المباشر مع الترويكا الأوروبيّة.

عقدت “اتّفاق القاهرة” مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرّيّة رافايل غروسي بعدما وصفته بـ”الجاسوس” الذي ينقل أسرار برنامجها النوويّ إلى تل أبيب.

تراجعت عن شعار التفاوض مع واشنطن “المعتدية”، فصرّح وزير خارجيتها عبّاس عراقجي بأنّ “المفاوضات مع واشنطن لم تنقطع وتستمرّ من خلال الوسطاء”، على الرغم من تسريبات وردت في موقع “أمواج” الإيرانيّ في 19 أيلول عن مفاوضات “مباشرة” بين الأميركيّين والإيرانيّين.

الاستعداد لوقف التخصيب بنسبة عالية والعودة إلى نسبة 20% لحاجات سلميّة وإنسانيّة. وإذ تمّ رفض المقترح، أعلمت طهران الدول المعنيّة استعدادها للتراجع من نسبة 20 إلى حدود 3.67%، فتمّ رفض المقترح أيضاً والإصرار على عدم التخصيب نهائيّاً على الأراضي الإيرانيّة.

تلمّست إيران (خصوصاً بعد حرب الأيّام الـ12) جدّية أميركا وإسرائيل ومدى استعدادهما للذهاب معها عسكريّاً من دون ضوابط أو سقف إذا قرّرت مواصلة سياسة الاستكبار والتلويح بالنوويّ والبالستيّ. تعلم طهران تمام العلم مستوى الضرر الذي تعرّض برنامجها النوويّ في هذه الحرب وعدم إمكانها إعادة تفعيله في المديَين القريب والمتوسّط. عليه، تطرح طهران مع الدول المعنيّة التخلّي عن برنامجها النوويّ شرط الإبقاء على برنامجها البالستيّ.

تمتلك إيران صواريخ من فئة “ساجيل” و”غدر” و “خورمشهر” التي يصل مداها إلى 2,000 كيلومتر (تصل إلى شرق أوروبا ووسطها). بالموازاة تحتاج إلى صواريخ لا تتعدّى 300 كلم لحماية حدودها بالكامل من جميع الجهات. تحاول طهران إذاً التضحية بالنوويّ لأنّ البالستيّ يعوّض النفوذ المتضائل، الذي كانت تشتهيه ببرنامجها النوويّ “شبه المدمّر”.

لكنّ التحايل الإيرانيّ لم يعد ينطلي على المجتمع الدوليّ. إذ وضعت الترويكا حدّاً للتذاكي الإيرانيّ بالعودة إلى مجلس الأمن وتفعيل آليّة الزناد والحدّ من تحايل طهران على القانون الدولي وعلى قرار مجلس الأمن الرقم 2231. حاولت موسكو وبكين لفظاً وشكلاً العرقلة، لكنّ غالبيّة أعضاء مجلس الأمن لم يخالفوا مضمون القرار الدولي الذي امتنعت إيران عن تنفيذ بنوده.

خلال زيارة الأمين العامّ للمجلس الأعلى للأمن القوميّ علي لاريجاني للسعوديّة، ولقائه وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان، صرّح علناً وبشكل مباشر بمخاوف: “هناك مخاوف من إيران المغامِرة، لكنّ الواقعيّة تقلّل من هذه النظرة”. أثار لاريجاني موضوع الابتعاد عن “المغامرات” والتحلّي بالواقعيّة إثر تلمّس طهران سقوط الخطوط الحمر لدى تل أبيب وضمناً واشنطن.

تقوم استراتيجية الردع الإسرائيليّة الجديدة على:

عدم الاعتداد بالحدود الجغرافيّة للدول، أي ما عبّر عنه توم بارّاك من أنّ إسرائيل أسقطت حدود سايكس بيكو.
الضربات الاستباقيّة للتخلّص ممّا يهدّد أمنها، وهذا ما حصل في طهران واليمن وسوريا ولبنان.

في المقابل، تهدّد إيران بردٍّ، لكنّها أعجز من أن تُقدم على أيّ خطوة فعليّة بما فيها الانسحاب من وكالة الطاقة الدولية أو من اتّفاق حظر انتشار السلاح النوويّ. لكنّها في الوقت نفسه على استعداد تامّ للتضحية بأدواتها في المنطقة.

لا يمكن فصل طلب الأمين العام لـ”الحزب” نعيم قاسم الحوار مع السعوديّة عن كلّ هذه المستجدّات. يرى “الحزب”ومن ورائه وأمامه إيران أنّ السبيل الوحيد لإعادة النَفَس بعد انقطاع يكون باللجوء إلى السعوديّة لدورها البنّاء في لبنان ودعمها لدولته ومؤسّساته، ويعتقد أنّ الطلب قد يلقى آذاناً صاغية تعيد له “المشروعيّة”، وخصوصاً مع تمسّك الدولة اللبنانيّة بدعم عربيّ ودوليّ بقرار “حصر السلاح”.

لكنّ ما زرعه “الحزب” من كراهية وعداء للمملكة على مدار سنوات إن لفظيّاً على لسان أمينه العامّ الأسبق السيّد حسن نصرالله، أو بتدريب الحوثيّين على الصواريخ التي قصفت أراضي السعوديّة، أو بالخلايا التي تسلّلت إلى دول الخليج لتنفيذ عمليّات تخريبيّة، أكبر من طلب حوار في زمن النكبة.

بديع يونس- أساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا