تحرير الذهب لضمان الودائع
حتى إشعار آخر، ستبقى خطة إعادة الودائع والعودة إلى الانتظام المالي في واجهة الأحداث الاقتصادية والنقاشات الحامية، في العلن ووراء الكواليس.
ولأن المعالم الأساسية للنهج الذي سيُعتمد في الحل خرجت إلى الضوء، من البديهي أن التحاليل والآراء والمواقف خرجت بدورها إلى بازار المزايدات، بما فيها التهديد والوعيد، وهو نمط اعتدنا عليه منذ الانهيار الكبير في أواخر العام 2019.
بعيدًا من المهاترات السخيفة، والشعبوية التي لا تقود سوى إلى مزيد من الخسائر والانهيار، لا بد من الاعتراف بأن هواجس بعض المودعين، تقع في موقعها الصحيح. والمقصود هنا تحديدًا، إشكالية إعادة الودائع الكبيرة بواسطة السندات. إذ تسود قناعة مفادها أن هذه الطريقة، وإن كانت نظريًا تهدف إلى تسديد الأموال إلى أصحابها، والحفاظ على الحقوق، إلا أنها قد تؤدّي عمليًا إلى خسائر فادحة للمودعين الكبار، في حال انهارت أسعارها، بسبب عدم الثقة في تسديدها من قبل من أصدرها. والمقصود هنا الدولة، أو مصرف لبنان.
هذه الثقة المهزوزة مبرّرة ومفهومة، خصوصًا إذا كانت الدولة هي الجهة التي ستُصدر السندات، إذ لماذا قد يصدق المودع أن السند سيُدفع في موعد الاستحقاق، إذا كانت الدولة قد أعلنت التوقف عن دفع ديونها الدولارية (سندات اليوروبوندز) في نيسان 2020، ولا تزال متوقفة عن الدفع حتى اليوم. وكل ما يُقال حول هذا الموضوع، يتمحور حول حسومات كبيرة ستحاول الدولة الوصول إليها عندما تقرر بدء المفاوضات مع المقرضين المحليين والخارجيين.
انطلاقًا من هذا الواقع، ولطمأنة المودعين، ينبغي أن يكون مصرف لبنان الجهة التي ستُصدر هذه السندات. وحتى الآن، ما هو معلوم في هذه النقطة أن مصرف لبنان سيكون الضامن لهذه السندات، وهذا أمر إيجابي، لكنه قد لا يكون كافيًا.
وما دامت الدولة حازمة في موضوع حقوق المودعين، وما دام مصرف لبنان اعترف بتوظيفات القطاع المصرفي لديه، واعتبرها بمثابة دين تجاري، وسيتعامل مع هذه التوظيفات على هذا الأساس، ولأن ميزانية المركزي لن تكون متوازنة من دون احتساب قيمة الذهب، فهذا يقود إلى حقيقة لا بد من مقاربتها بعناية وحذر، وهي أن ضمانة مصرف لبنان لسندات الودائع ستكون أقوى وأصلب إذا اقترنت بضمانة موجوداته بما فيها الذهب.
ماذا يعني هذا الكلام؟ باختصار، ينبغي أن تبادر الدولة، إلى تعديل القانون الذي يمنع مصرف لبنان من التصرّف بالذهب، وأن تُحرّر الذهب، ليكون الضمانة الإضافية لسندات الودائع التي سيتم إصدارها. وهكذا سيستخدم مصرف لبنان موجوداته، بما فيها الذهب، أو جزء منه، لا سيما الموجود في صناديق مصرف لبنان، إذا أراد استثناء الكمية الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية.
بهذه الطريقة، ستسقط هواجس المودعين، وهواجس السوق المالي، لأن السندات التي ستصدر ستُطرح للتداول في الأسواق المالية المحلية والعالمية. وستؤدّي الضمانة الذهبية إلى رفع أسعار تلك السندات إلى مستويات جيدة، بصرف النظر عن موعد استحقاقها. وسيساعد ذلك على دفع فوائد أقل على السندات، من دون المجازفة بأن تفقد السندات جاذبيتها في التداول. وستكون فرصة جيدة لتنشيط السوق المالي اللبناني، الذي يعاني منذ ما قبل الانهيار، من انكماش مزمن، قياسًا بحركة الأسواق المالية العربية.
ضمانة السندات بالذهب، لا يُفترض أن تشكّل خطرًا على الذهب، طالما أن الدولة تنوي فعلًا تسديدها في موعد استحقاقها، إلا إذا كانت تعلن شيئًا وتضمر شيئًا آخر.
أنطوان فرح -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|