مخازن سلاح في وحدات سكنية.. "حزب الله" يتمرد على إيران ويعيد التموضع
كُتَّاب العدل "يهربون" من بعلبك.. ماذا يحصل؟!
وقف محمد يحي، ابن بلدة العين البقاعية إلى جانب والدته المٌسنَّة "85 سنة"، للمرة الثالثة أمام دائرة كاتبة العدل في بلدة اللبوة، من دون جدوى. جاء لاستصدار وكالة نقل ملكية عقار، لكنه فوجئ بأن المكتب مغلق خلال الدوام الرسمي. تمتم بامتعاض "كل معاملة بدك تذل نفسك كرمالها، بعمرنا ما راح يصير عنا دولة".
حادثة تختصر واقع دوائر كتاب العدل في شرقي بعلبك، مكاتب يُفترض أن تعمل على تيسير معاملات المواطنين القانونية، من توثيق العقود والوكالات، إلى معاملات الإرث والبيع والشراء، وصولًا إلى تصديق المستندات الرسمية. لكن الواقع اليوم يكشف عن ثغرات كبيرة في التوزيع والدوام والرقابة.
توزيع على قياس الطوائف
وفق بيانات وزارة العدل والمراجع المحلية، كان قضاء الهرمل يضم مكتب كاتب عدل واحد، ومكتب آخر في بلدة رأس بعلبك. ومع المحاصصة الطائفية ، استُحدثت ثلاثة مكاتب جديدة في القاع واللبوة وعرسال (مسيحي، شيعي، سنّي). لكن حسابات الحقل لم توافق حساب البيدر. فمكتب القاع لم يفتح أبوابه نهائيًا، ومكتب عرسال كان دوامه متقطّعاً، ثم انتقل إلى جبل لبنان. وكذلك الأمر بالنسبة لمكتب اللبوة الذي انتقلت كاتبته إلى بيروت. والنتيجة واحدة: فراغ شبه كامل يرهق أبناء القرى.
بدائل.. ورسوم موحّدة
وفق مصادر في وزارة العدل، فإن مكتب عرسال سيعاود عمله مع كاتب العدل فرج حمزة بدلاً من رودريك معوَّض المنتقل إلى زغرتا، كما سيُصار إلى تكليف كاتب عدل جديد في مكتب اللبوة بعد انتقال كاتبته شذا الطفيلي إلى برج البراجنة. أمَّا دائرة القاع فلا يزال مصيرها قيد التقييم.
مع ذلك فإن وزارة العدل تشرف على كامل أعمال دوائر كُتّاب العدل، من مباريات التعيين إلى تحديد الرسوم الرسمية، لكن في دولة مؤجلة، يُثقِل كاهلها الارتباك القانوني، يغدو كل شيء مغايرًا.
تؤكد المصادر أنَّ الوزارة وحدها المخوّلة بوضع جداول الرسوم، ونشرها في الجريدة الرسمية، خصوصاً بعد ظهور جداول "واتسابية" أخذت مكان الحقيقية، فأربكت المواطنين، وفتحت باب الشكوك حول شفافية الأجور. وبالرغم من أنّ الوزارة أكدت مراراً أنّ الأتعاب تبقى منفصلة عن الرسوم، وأيّ تعميم غير صادر عنها باطل، فإن غياب الشفافية يعيد إنتاج البلبلة، ويحوّل المعاملة الروتينية إلى حفلة التساؤلات.
وتلفت المصادر نفسها، إلى أنَّ الدوام الرسمي للمكاتب يبدأ من التاسعة صباحًا حتى الرابعة عصرًا، لكن للأسف عدم الالتزام بالقرار هو القاعدة. فبعض المكاتب تغلق طوال اليوم، وبعضها الآخر يعمل بطاقة أقل. هذا التفاوت يضاعف معاناة الناس، ويؤخر معاملاتهم.
رقابة مطلوبة
كل ما له علاقة بتعيين كُتّاب العدل وأعمالهم هو من اختصاص وزارة العدل، وفي هذا السياق أكَّد النائب سامر التوم في حديث لـ"المدن" أنّ "عمل كُتّاب العدل ليس خارج الرقابة والمساءلة، فهم يُمارسون وظيفة عامة تمسّ بحقوق المواطنين على نحوٍ مباشر.
من هنا، ووفق التوم، يُفترض أن تخضع جميع أعمالهم إلى رقابة دائمة من وزارة العدل، عبر مصلحة شؤون كُتّاب العدل والتفتيش القضائي، بما يضمن الشفافية، ويمنع أي تجاوزات مالية أو قانونية. فالمواطن يجب ألا يكون الحلقة الأضعف في هذه المعاملات؛ بل من واجب الدولة أن تحميه عبر مؤسساتها الرقابية".
كذلك فإنَّ جهات محلية كثيرة، تطالب بتفعيل دور الرقابة، لأن غيابها يفتح باب الفوضى والتأخير، ويُبقي المواطنين رهائن لمزاجية الدوام، والتنقّل بين القرى.
التحول الرقمي. حلول ممكنة
يعيش العالم اليوم زمن التحوّل الرقمي، ومع ذلك لا يزال أبناء شرقي بعلبك مضطرين للانتظار أمام أبواب مكاتب شبه غائبة. لذا يقترح الناشط السياسي ومهندس المعلوماتية محمد الرفاعي عبر "المدن" إطلاق منصات إلكترونية تساعد في تصديق بعض المستندات، وتسجيل المعاملات الأولية. وهذه المنصات، وفق الرفاعي، تختصر المشقة وتوفر المال والوقت، لا سيما أن التجارب في البلدان المجاورة أثبتت فعالية هذا الحل.
دوائر كتاب العدل ليست خدمة رفاهية؛ بل حاجة يومية تمس حياة آلاف المواطنين. وغياب المكاتب الفاعلة حالياً، وتفاوت ساعات الدوام، وضعف الرقابة، كلها عوامل تزيد من كلفة المعاملات، وتستنزف وقت الناس وأموالهم. ففي شرقي بعلبك، تبدو أيّة معاملة بمنزلة رحلة شاقة أشبه بامتحان يومي للمواطن.
طارق الحجيري - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|