هل يقوم العرب من قبورهم؟!
لا عتب على الدولة، ولا عتب على العرب، ولا عتب على العالم. بالمناسبة هل يستطيع الله مواجهة أميركا اذا ما أرادت احتلال العالم الآخر؟ أيضاً لا عتب على الشيطان الذي عبثاً نحاول اقناعه بالوقوف الى جانبنا. هو اعترف أمامنا بانه عاجز عن فعل أي شيء لوقف الجنون الأميركي. بالكثير من اليأس، أضاف بأنه فقد الوظيفة التي أوكلت اليه منذ بدء الخليقة، ليهمس في آذاننا "انتبهوا... اسرائيل ليست مستوطنة أميركية بل أميركا مستوطنة اسرائيلية". ذاك الالتباس الدراماتيكي!
يفترض أن نتوقف بتقهقرنا، وتبعثرنا، عند هذا الحد. بعدما حوّل الاسرائيليون الجمهورية الى مقبرة، دون أن ندري ماذا يفعل المبعوثون من أجلنا، حين نستقبل مورغان أورتاغوس، كمبعوثة لآلهة النار، مثلما استقبلنا كلوديا شيفر، ومثلما استقبلنا بريجيت باردو التي بدت في بهو فندق السان جورج وكأنها هبطت، للتو، من الجنة، ومثلما استقبلنا شاكيرا في مدينة الأهل زحلة بالكؤوس والورود. ما يذهلنا ذاك الاحتفاء بابن زحلة أيضاً توماس براك الذي لم نجد ديبلوماسياً بتفاهته، أو بدورانه حول الأشياء.
الآن، ويا للغرابة، نسند رؤوسنا لأميركا، ونكاد نقيم لها الصلوات، ما دامت صلواتنا، وأدعيتنا، لا تترك أي أثر في السماء. من يتجرأ أن ينفي ذلك الا أولئك الذين احترفوا تضليل الرؤوس أو تفريغها، في زمن يفترض استنفاراً لاحدود له، وتشغيلاً لا حدود له للأدمغة. الدوران، الى يوم القيامة، داخل معادلة الحلال والحرام. اسرائيل لا شيء، بكل تلك الحمولة الايديولوجية، والتكنولوجية، لنردد، المرة تلو المرة، ما كتبه جدعون ليفي في "هاآرتس" "لولا الامدادات الأميركية اليومية لكان علينا أن نقاتل الفلسطينيين بالعصي والحجارة"!
لكننا نعشق أميركا، ومن سراويل الجينز الى الروك اند رول، وصولاً الى الشبكة العنكبوتية التي غيّرت كل تفاصيل حياتنا، حتى لنتبنى قول أولغا توكارتشوك، البولندية الحائزة نوبل في الآداب، "لكأننا مخلوقات أميركية".
أميركا، أيها السادة، تريد اقامة "اسرائيل الكبرى"، لا بحسب الخارطة التي وردت في سفر التكوين، وانما من الخارطة التي بقيت في البيت الأبيض، منذ أن كان بول ولفوويتتز، وريتشارد بيرل، ودوغلاس فايث، يحيطون بالرئيس جورج دبليو بوش، دول من صنع يهوذا، وبعدما طلب منا اعادة قراءة الانجيل، واعادة قراءة القرآن، لاسيما سورة المائدة، ليتبين لنا أن يهوه (أي الله بحسب التفسير الأميركي) أعطى شعبه المختار أرض فلسطين، باجتثاث الأغيار (الغوييم) من هذه الأرض.
الآن يفترض أن نقرأ القرارات التنفيذية التي يوقعها دونالد ترامب، بطريقة الليدي غاغا. أمام الأضواء، وهو الرئيس الذي أبلغنا براك أنه يحبنا، لذلك يريد منا القضاء على ثقافة المقاومة وتمثل ثقافة الغانيات. لا حديث سوى شواطئ الريفييرا، وسوى أرصفة البيفرلي هيلز.
بنيامين نتنياهو لم يخرج فقط من التوراة، أو من اللحى العفنة للخامات فقط، وانما خرج، كما تخرج الثيران الهائجة، من الحظيرة الأميركية ليجعل من بلدان المشرق العربي، والتي لا تعدو كونها غرفاً زجاجية، أو مستودعات للحطب البشري، وقوداً لـ"أميركا العظمى". أي أميركا العظمى حين تتعامل مع العالم بكل تلك الغطرسة، حتى أن الفيلسوف الأميركي آلفن غولدمان أبدى خشيته، قبل وفاته، العام الفائت، من أن تفضي الفوضوية، أو العشوائية، الراهنة، الى غرق الأمبراطورية مثلما غرقت التيتانيك، لا في قاع البحر وانما في قاع القرن.
تصوروا الى أين يمكن أن تصل السياسات الفرويدية للرئيس الأميركي حين يدعو القيادة الأفغانية الى اعادة قاعدة باغرام، ناسياً، أو متناسياً، الخروج الفضائحي لجيشه، وكذلك للقوات الأطلسية الأخرى، على ذلك النحو الفضائحي. من هذا البلد. أما السبب فهو قرب المسافة (نحو ساعة) بين القاعدة واقليم تشينغيانغ، حيث مصانع الصواريخ، والأسلحة، النووية الصينية. ضحالة مروعة في الرؤية الاستراتيجية حين يشعل النيران في رأس التنين الذي، في اعتقاد الرئيس الأميركي، ما زال على مهنته القديمة، أي قيادة قوافل الحرير والأفاويه، وحتى الحلى، من الشرق الأقصى الى الشرق الأدنى.
متى كانت دولتنا، وحيث غالبية لوردات الطوائف، ومنذ القرن التاسع عشر، يعملون للخارج، موجودة حين كان ياسر عرفات يعيث، بسياساته البهلوانية (تذكرون مهزلة الكاتيوشا)، خراباً في الجنوب كأي فاتح آخر، وخلال الاجتياح الاسرائيلي عام 1978 وعام 1982، وحتى طوال فترة الاحتلال، وأين هي الدولة الان، مع اعترافنا بأننا، في الحرب الأخيرة، نحن من فتح الباب، وان كان نتنياهو سيطرقه بعد حين، أمام ذلك الوحش الآتي من الكهف الذي كان يهوه يرشق منه السابلة بالحجارة. وهل باستطاعة رئيس الدولة، بكل النوايا الطيبة، بناء دولة قابلة للبقاء، ما دام نتنياهو قد نقل الى الضوء مشروع "اسرائيل الكبرى"؟
ضربة الدوحة كانت ضربة على راس كل حاكم عربي، عله يستفيق من غيبوبة القصور، ليظهر أن الأميركيين يتعاملون مع أولئك الحكام على أنهن الموتى على عروشهم. لا دول بل محظيات، وحتى لا محميات، أميركية. في رأينا أن شيئاً ما بدأ يتغير. عندما تتحرك السعودية يتحرك الآخرون، فهل يقوم العرب من قبورهم أم استاغوا البقاء حيثما هم هناك؟؟
نبيه البرجي -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|