إقتصاد

الـ 3% تُضعف سيولة الشركات وترفع التضخّم 5%

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ليست الضريبة المسبقة الدفع مفهومًا جديدًا في لبنان، إلّا أن استيفاء نسبة 3 % من قيمة الاستيراد كأمانة على حساب ضريبة الدخل يُعدّ خطوة غير مسبوقة. فوزارة المال تعتمد حاليًا آلية الضريبة المسبقة على الأملاك المبنية التصاعدية. فما هي إيجابيات وسلبيات ضريبة الـ 3%، وما هو التعديل النهائي الذي أُدخل على المادة 31 عند إقرار الموازنة في مجلس الوزراء؟

أصدر مجلس الوزراء مشروع قانون موازنة 2026 تمهيدًا لإحالته إلى هيئة مجلس النواب ومن ثم إلى لجنة المال والموازنة لدراسته ورفعه إلى الهيئة العامة، قبيل إقراره بصيغته النهائية. وتبدو الموازنة التي أقرّت تشغيلية أكثر منها إصلاحية على اعتبار أنها أنجزت من دون إقرار زيادات ضريبية في اقتصاد يئنّ من التضخّم والأعباء ورواتب موظفين لم تصل إلى نسبة 50 % لدى موظفي القطاع العام مقارنة مع ما كانت عليه قبل 6 سنوات.

الحكومة كانت على قاب قوسين من زيادة الضرائب وتحقيق عائدات أعلى وإعطاء الموازنة طابعًا إصلاحيًا، أو تحقيق صفر عجز في النفقات والواردات تلبية لمطلب صندوق النقد مع الحدّ من النفقات وضبط التهرّب الضريبي. فاختارت الطريق الأقلّ ضررًا على المواطنين بتفعيل الالتزام الضريبي وتقدير الواردات بدقة.

إلّا أن المادة 31 من الموازنة لفّها الغموض وكثرت التساؤلات حولها وهي تتعلّق بالإجازة لإدارة الجمارك استيفاء نسبة 3 % محدّدة من قيمة كلّ عملية استيراد كأمانة على حساب ضريبة الدخل، فتمّ تدوير زواياها وتحديد بعض النقاط.

وخرج مشروع قانون الموازنة بتعديل أكثر وضوحًا ومشروطًا، محدّدًا على وجه الخصوص حالة استيفاء نسبة الـ 3% من قيمة كل عملية استيراد. وجاءت التعديلات على المادة 31 من مشروع قانون الموازنة كالتالي: "تستوفي إدارة الجمارك مبلغًا نسبته 3 % من قيمة كلّ عملية استيراد قام بها مكلف لم يلتزم بتقديم تصاريح ضريبية عن الدخل المتوجب على أرباحه وكذلك تصاريح الضريبة على القيمة المضافة، خلال السنوات الثلاث السابقة للسنة التي يتم خلالها الاستيراد، كأمانة على حساب ضريبة الدخل، على أن يدخل هذا المبلغ في حساب المكلف الضريبي ويحسم من الضريبة السنوية المتوجبة على أرباحه وفقًا للتصاريح المقدّمة من قبله".

وتعتمد أحكام التشريع الجمركي لتحديد عمليات الاستيراد وقيمة كلّ منها والحالات المتعلّقة بها، وتحدّد دقائق تطبيق هذه المادة بقرار يصدر عن وزير المالية.

وضعت هذه المادة كما جاء في البيان الحكومي على هذا النحو كونها مخصّصة لتفعيل الالتزام الضريبي من قبل المكلفين من خلال محاربة المؤسّسات الوهمية التي تستورد باسمها لصالح الغير وتحتجب لاحقًا عن الوجود، وقد تمّ حصر تطبيقها بالمكلفين غير الملتزمين على نحو كامل بتقديم تصاريح ضريبية عن الدخل على الأرباح وضريبة القيمة المضافة ضمن المهلة القانونية أو تلك الممتدّة خلال السنوات الثلاث السابقة للسنة التي يتم خلالها الاستيراد.

فكرة الضريبة المسبقة الدفع

وجاءت فكرة الضريبة المسبقة الدفع من قبل وزارة المال، والذي صدّق عليها مجلس الوزراء من إجراء سابق اتّخذته وزارة المال تمّ من خلاله منع الاستيراد إلّا عند استيفاء حقوق الضريبة، فحصل تهافت على الدفع ودخل إلى الخزينة مبلغ من المال ليس كافيًا. وبقدر ما تستطيع الحكومة، وبدلًا من فرض ضرائب جديدة، يجب تحصيل الضرائب والرسوم التي يجب أن تستوفيها الخزينة.

وحول كيفية استيفاء نسبة الـ 3 % من إدارة الجمارك، أوضح رئيس جمعية الضرائب اللبنانية هشام المكمّل لـ "نداء الوطن" "أن مشروع الموازنة العامة للعام 2026 الذي أحيل من قبل وزارة المالية إلى مجلس الوزراء ضمن المهلة الدستورية، ليصار إلى مناقشته وإقراره من قبل مجلس الوزراء وإحالته إلى مجلس النواب متضمنًا المادة 31 والتي تفرض ضريبة 3 %؜ يتمّ استقطاعها على كافة البضائع والمواد المستوردة، تسدّد عند تسديد الرسوم الجمركية كدفعة من حساب ضريبة الدخل التي يتمّ تسديدها من قبل المؤسسات والشركات ضريبة على الأرباح بعد تنزيل ما تمّ تسديده مسبقًا عند الاستيراد من إجمالي الضريبة المتوجبة وتسديد الرصيد. وفي حال كانت الضريبة 3 % المسدّدة مسبقًا عند الاستيراد أكبر من الضريبة على الأرباح يتمّ طلب استرداد الضريبة أو الرصيد الأكبر من الضريبة المتوجبة على الأرباح".

ويشير المكمّل إلى "أن هذه الضريبة جاءت للحدّ من الشركات الوهمية والتي تقوم بفتح شركات وإدخال بضائع وبيعها في الأسواق من دون التزام وتسديد ضريبة دخل على نشاطها ومن ثم تجميد نشاطها وبالتالي تكون وزارة المالية قد حصّلت 3 %؜ على العملية المستوردة بدلًا من اتخاذ إجراءات تحدّ من تأسيس شركات من هذا النوع والتي تلحق الضرر لناحية الخزينة، بل تعزّز الاقتصاد الشرعي. لكن لماذا ستنعكس تلك الضريبة على الشركات الشرعية؟

أثر سلبي 

في المقابل يضيف المكمّل "إن هذه الضريبة التي تتمّ جبايتها مسبقًا ستنعكس سلبًا على الاقتصاد الشرعي من خلال تحميل هذه المؤسسات والشركات أعباء مالية من خلال حاجاتها لتوظيف أموال أكثر وإضعاف السيولة لديها من خلال التسديد المسبق لهذه الضريبة وسيكون له أثر سلبي على حساب التدفقات النقدية الخاصة بالشركات، كما ستؤدي حكمًا إلى تضخّم في الأسعار لا يقل عن نسبة 5 %؜، كما وأن مثل هذا الإجراء عادةً ما يكون في دول لديها خلل في نظامها الضريبي أو عجز الإدارة الضريبية عن ملاحقة الشركات التي تعمل في طرق غير شرعية.

التهرّب الضريبي

وبرأي المكمّل "إن تحسين الجباية الضريبية ووضع آليات للحدّ من التهرّب الضريبي وتنفيذ الإجراءات كالمسح الجغرافي للمؤسسات غير الشرعية ووضع شروط، يجب استيفاؤها لتأسيس وتسجيل الشركات لناحية أصحابها والوضع المقرّ القانوني ومن ثم تسجّل تحت رقم موحّد ضريبي وجمركي للمكلفين، يساعد الإدارة الضريبية في متابعة الملف الضريبي للشركات التي تقوم بعمليات تقتصر على فترات زمنية قصيرة، والتي تمكّن الإدارة من ملاحقة أصحابها للحدّ من هذا التحايل وإيقافه وحماية الاقتصاد الشرعي بدلًا من فرض ضريبة عليهم، وهذا يحدّ من الاقتصاد غير الشرعي ويؤدي لتوسيع الشريحة الضريبية في لبنان وتحقيق العدالة الضريبية على كافة الأراضي اللبنانية وهذا يحقّق إيرادات ضريبية أكبر بكثير ممّا يمكن تحقيقه من مداخيل من هذه الضريبة أو غيرها ويعزز واردات الدولة من الرسوم الجمركية والضريبة بكافة أنواعها والتي قد لا تقلّ عن ضعفي الإيرادات الضريبية المقدرة في موازنة العام  2026".

إذًا، وفق تلك المعادلة، وقبل مباشرة العمل بنسبة الـ 3 %، يترتّب على إدارة الجمارك أو مصلحة الضرائب تحديد المكلّفين الذين لم يقدّموا تصاريح ضريبة الدخل عن الأرباح وتصاريح ضريبة القيمة المضافة خلال السنوات الثلاث السابقة. وتُستخرج تلك المعلومات من البيانات الضريبية السابقة على أن تربط مع سجلّ المستوردين.

تجدر الإشارة إلى أن آلية الضريبة المسبقة على الأملاك المبنية التصاعدية في لبنان تُحتسب عند تصفية الضريبة التصاعدية، سواء عند بيع العقار أو إجراء حصر الإرث، حيث يُسدّد الفرق المستحق وقتها. وعلى الرغم من أن هذه الآلية تختلف في طريقة التنفيذ والتداعيات عن ضريبة الـ 3 % المفروضة على الاستيراد، والتي ترتبط مباشرة بالواردات والتضخّم، إلّا أن مبدأ الضريبة المسبقة نفسه يكون معتمدًا وساري المفعول في لبنان.

باتريسيا جلاد - "نداء الوطن"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا