هآرتس: الجيش الإسرائيلي تحول إلى أداة سياسية بيد نتنياهو
قال تقرير لصحيفة "هآرتس" إن الجيش الإسرائيلي تحول عمليًا إلى أداة سياسية في يد الحكومة، بعد أن استمرت العمليات البرية ضد غزة دون أهداف عسكرية واضحة، وسط تصاعد الشكوك بشأن جدوى الضغط العسكري ضد حركة حماس.
ويأتي هذا مع حلول احتفالات رأس السنة العبرية 5786، هذا العام بصمت نسبي، وسط الذكرى الثانية لهجمات 7 أكتوبر التي هزّت إسرائيل وأعاد رسم موازين الصراع في قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن ضباط إسرائيليين، أن حماس توقفت منذ فترة طويلة عن العمل كهيئة عسكرية هرمية، وتحولت إلى أساليب حرب العصابات بعد تدمير معظم قدراتها العسكرية وقتل غالبية قادتها البارزين.
ومع ذلك، تستمر الهجمات البرية الإسرائيلية؛ ما يترك المدنيين الفلسطينيين محاصرين ويزيد من الدمار غير المسبوق.
تفكيك القوة العسكرية لحماس
وبحسب تقارير من داخل الجيش الإسرائيلي، فقد تم تفكيك حماس عسكريا منذ وقت طويل؛ إذ إن بعض الضباط يشيرون إلى أن المرحلة الفعلية لانهيار البنية العسكرية لحماس حدثت بين فبراير ومايو 2024، حين توقفت عن العمل كمنظمة هرمية، واعتمدت على تكتيكات الهجوم والاختفاء.
ورغم ذلك، استمر الجيش الإسرائيلي في توسيع عملياته البرية، معتبرا أن تفكيك حماس لم يمنح إسرائيل سوى فرصة محدودة للضغط الدبلوماسي؛ إذ رفضت الحكومة التوصل إلى اتفاقات لإنهاء الحرب تحت ضغوط سياسية، أبرزها محاولة نتنياهو تأجيل محاكمته وأحلام شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف بضم الأراضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن النتيجة، بحسب الضباط، هي "مردود متناقص": لم تعد المكاسب العسكرية ملموسة، وحماس تتكيف مع واقعها الجديد؛ حيث إن نصف مليون فلسطيني ما زالوا محاصرين في مدينة غزة، فيما المناطق الآمنة جنوب المدينة لا توفر حماية حقيقية أو ظروفا معيشية مقبولة.
كما يتزايد عدد القتلى المدنيين يوميا، فيما تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية دون تحقيق تغيير جوهري في الواقع الميداني.
كما أوضح ضابط احتياط قضى معظم الحرب في غزة: "هيكل القيادة والسيطرة لحماس انهار منذ زمن، وليس لديهم موارد حقيقية؛ إنهم متأقلمون مع حرب العصابات، يستخدمون أسلوب الهجوم والاختفاء؛ ما نفعله الآن لن يغير الصورة العسكرية، لقد زرنا بالفعل جميع المناطق المهمة مثل الزيتون والشجاعية والصبرة".
الحرب البرية بين الدمار السياسي والاعتبارات الأخلاقية
على الأرض، تتميز الحرب بدمار واسع لم تشهده غزة سابقا؛ حيث شهدت المراحل الأولى رقابة محدودة من السلطات العليا، لكنها اختفت مع الوقت؛ ولم يعد الحديث عن ضرب الأصول العسكرية لحماس، بل تحول إلى سياسة الأرض المحروقة، التي تستهدف ردع المقاتلين والمدنيين على حد سواء.
في الخلفية، تلعب الأيديولوجيات والأجندات السياسية دورها، لا سيما بين الضباط ذوي الرتب الدنيا والمستوطنين في الضفة الغربية، الذين يسعون إلى استغلال الحرب لتعزيز مشاريع المعدات الثقيلة وترك أكبر قدر ممكن من الدمار.
ومع ذلك، يقر بعض الضباط بأن عدم وجود هدف عسكري محدد يزيد من الشكوك ويجعل القيادة العسكرية تبذل جهدها لإرجاع الجنود إلى ديارهم، لتجنب المزيد من الخسائر البشرية.
كما يشير مصدر عسكري إلى أن الجيش الإسرائيلي يلقى جميع المعضلات الأخلاقية على عاتق قائد السرية الميدانية، في ظل محدودية الخيارات، وقد تلائم سياسة السحق والتدمير والاحتلال قاعدة نتنياهو السياسية وتحظى بتأييد زملائه اليمينيين مثل بتسلئيل سموتريتش، لكنها تبقي أهداف الحرب بعيدة المنال، فيما المدنيون الفلسطينيون يعانون بين جبهات القتال والمناطق المدمرة.
بين السياسة والجيش
منذ بداية الحرب، كان من المفترض أن تتيح النجاحات العسكرية نسبيا المجال لتسوية دبلوماسية. لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت التوقف عن العمليات، مدفوعة بالضغوط الداخلية والأجندات السياسية؛ ما حول الجيش إلى أداة سياسية بامتياز.
هذا التحول يعكس صراعا داخليا بين الهدف العسكري والهدف السياسي، ويجعل من الصعوبة بمكان تقدير مصير الحرب في المدى القريب.
في النهاية، الحرب في غزة ليست مجرد صراع عسكري، بل تجربة تحليلية تكشف عن الفجوة بين ما يروّج له الإعلام الحكومي وبين الواقع العسكري على الأرض.
إن تفكيك حماس لم يعد مسألة نجاح تكتيكي، بل اختبار لقدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق أهداف سياسية في ظل مقاومة مستمرة من حماس وقيود أخلاقية متزايدة، وسط دمار واسع يطال المدنيين يوميا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|