الجيش ينفذ انتشاراً في محيط الضاحية الجنوبية ويمنع الدخول إليها من عدة اتجاهات
بأعلى كفالة في تاريخ البلد.. ماذا يعني الإفراج عن حاكم مصرف لبنان السابق؟
تباينت الآراء حول قرار القضاء اللبناني المتعلق بالإفراج المؤقت عن حاكم مصرف لبنان السابق، بعد دفعه كفالة مالية، حيث يرى البعض أن الطريقة التي أطلق بها سراح رياض سلامة، ستفتح مرحلة جديدة من الجدل السياسي والاقتصادي والقضائي في بلد يرزح تحت واحدة من أسوأ الأزمات المالية في تاريخه.
فبعد نحو 13 شهراً من التوقيف، أعلنت مصادر قضائية لبنانية، أمس الجمعة، أن سلامة أُطلق سراحه بعد دفع كفالة تجاوزت 14 مليون دولار بالإضافة إلى 5 مليارات ليرة لبنانية (قرابة 50 ألف يورو)، وهو المبلغ الأعلى في تاريخ القضاء اللبناني.
سلامة يواجه اتهامات محلية ودولية تتعلق باختلاس 44 مليون دولار من أموال المصرف المركزي، وغسيل أموال وتهرب ضريبي، وإدارة مالية يُحمّلها خصومه المسؤولية عن تبديد أموال المودعين.
ومع ذلك، ينفي الرجل كل التهم، مؤكداً أن ثروته مصدرها "استثمارات خاصة" منذ عمله في شركة Merrill Lynch الأمريكية، واصفاً نفسه بـ "كبش الفداء" لانهيار اقتصادي فاقمته عقود من سوء الإدارة والفساد السياسي.
مسار قضائي متعثر
وخلال الأشهر الماضية، كان سلامة محتجزاً في مستشفى شمال بيروت بسبب وضعه الصحي المتدهور، وكانت مصادر قضائية قد أشارت في أغسطس الماضي إلى أن توقيفه الاحتياطي انتهت مدته دون محاكمة، وهو ما يستلزم إطلاق سراحه تلقائياً.
وبينما فرضت عليه المحكمة حظراً على السفر لمدة عام، سيبقى سلامة خاضعاً لتحقيقات متشعبة في الداخل والخارج، تشمل فرنسا، ألمانيا، وسويسرا، في ملفات تتعلق بتبييض أموال واستثمارات عقارية ضخمة.
قراءة سياسية واقتصادية
يُنظر إلى الإفراج عن سلامة بكفالة ضخمة كخطوة قانونية تحمل أبعاداً سياسية بامتياز، فمن جهة، يُراد إظهار "التزام لبنان بالقانون" أمام الخارج، ومن جهة أخرى، يعكس ضعف قدرة القضاء اللبناني على حسم ملفات الفساد الكبرى، في ظل ضغوط سياسية وتوازنات هشة.
كما أن هذه القضية تعيد فتح الجرح العميق للمودعين الذين خسروا مدخراتهم منذ 2019، إذ يرون في الإفراج عن سلامة "مكافأة غير مستحقة".
ويقول الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ديفيو روزيه ريجوليه في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "الإفراج عن رياض سلامة بكفالة مالية ضخمة ليس مجرد إجراء قضائي، بل هو انعكاس لمعادلة لبنانية أعمق، حيث تتشابك السياسة بالاقتصاد والقضاء"، مؤكدا أن سلامة، "رغم التهم الخطيرة، لا يزال محمياً بشبكة مصالح سياسية محلية ودولية، تجعل محاكمته الحقيقية أمراً شديد التعقيد"، وفق قوله.
وأضاف الباحث الفرنسي أن القضية "لن تقاس فقط بمصير سلامة الفردي، بل بقدرة لبنان على استعادة ثقة المودعين والمجتمع الدولي في نظامه المالي". محذرا من أن "استمرار حالة الإفلات من العقاب في ملفات الفساد الكبرى قد يعرّض لبنان لمزيد من العزلة المالية والدبلوماسية".
"كبش الفداء" أم رمز؟
وفي نظر أنصاره، فرياض سلامة ليس سوى "كبش فداء" لأزمة متجذّرة في بنية النظام اللبناني الطائفي والفاسد. أما خصومه، فيرون فيه رمزاً لانهيار كامل المنظومة الاقتصادية.
وبين هذين الموقفين، يبقى الرجل اليوم خارج السجن، لكنه سيظل محور معركة سياسية وقضائية طويلة، ستحدد نتائجها ليس فقط مستقبله، بل صورة لبنان أمام العالم.
يشار إلى أن رياض سلامة (75 عاماً)، الذي يحمل الجنسية اللبنانية والفرنسية، تولّى قيادة مصرف لبنان لأكثر من ثلاثة عقود. وخلال تلك الفترة، كان يُعتبر "عرّاب الاستقرار النقدي"، قبل أن تنهار سمعته مع انهيار النظام المصرفي عام 2019، الذي وصفه البنك الدولي بأنه من أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ 150 عاماً.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|