واشنطن - بيروت... هل وصلنا إلى مُفترق الطرق؟
يشهد لبنان في الفترة الأخيرة توترات سياسية وأمنية معقدة، تنعكس بشكل واضح على العلاقات بين الأطراف المحلية والدولية، حيث تشكل تصريحات الموفد الاميركي توم براك بورصة لمواقف واشنطن، وتحديدا الرئيس دونالد ترامب، مسلطة الضوء على بعض القضايا الحساسة التي تواجه لبنان والمنطقة بشكل عام.
ففي ظلّ التحولات المتسارعة في المشهد الإقليمي، والتصعيد المستمر بين لبنان و "إسرائيل"، تأتي تصريحات براك لتكشف عن اتجاه استراتيجي جديد في المقاربة الأميركية للملف اللبناني، باتت اوضح بعد لقاء رئيس الجمهورية بوزير الخارجية الاميركي، وما تبعه من أحداث في بيروت، خصوصاً في ما يتعلق "بحصر السلاح" ومصير اتفاق وقف الاعمال العدائية، الذي صيغ يومذاك برعاية دولية، والذي يبدو اليوم موضع مراجعة ضمن خطاب يحمل مزيجاً من التحذير والتصعيد، ويضع لبنان مجدداً أمام استحقاق سيادي وأمني معقّد.
تصريحات، تقاطع فيها التحليل السياسي مع الرسائل الاستراتيجية، مسلطة الضوء على نقاط ضعف التسوية القائمة بكل اوجهها، فاتحة النقاش مجدداً حول الدور الأميركي وشروطه، وتداعيات استمرار حزب الله في بناء قوته العسكرية، عاكسة تحولاً في اللهجة الأميركية من موقف الوسيط إلى موقف المُقيِّم للالتزامات، وربما الضاغط لإعادة التفاوض أو فرض ترتيبات أمنية جديدة.
وعليه، تقول مصادر ديبلوماسية ان موجة تصريحات براك الاخيرة، لا يمكن فصلها عن السياق الأوسع للصراع الأميركي - الإيراني، وانخراط واشنطن في رسم توازنات جديدة على حدود "إسرائيل" الشمالية، مؤشرة الى أن الملف اللبناني لم يعد هامشياً في الأجندة الأميركية، بل بات مرتبطاً عضوياً باستراتيجية واشنطن لاحتواء نفوذ طهران، وضبط إيقاع الصراع في المنطقة، وربما تحضيره لمنع انفجار واسع النطاق قد يتجاوز حدود لبنان، في مشهد يظهر حزب الله، في قلبه، كلاعب محوري في السياسة اللبنانية والأمن الإقليمي.
وتتابع المصادر بان برّاك في تصريحاته الأخيرة، أكد بوضوح أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و "إسرائيل"، في اشارة تعتبر كتحول كبير في السياسة الأميركية، التي كانت قد أدّت دور الوسيط في إطار ضمانات أمنية بين الطرفين، فغياب الضمانات الأميركية قد يعكس توجهاً جديداً من واشنطن لعدم التدخل بشكل مباشر في القضايا الأمنية في لبنان، خاصةً في ظل الحديث عن قرب تنفيذ "تل ابيب" لضربة كبيرة في لبنان فور اعلان وقف النار في غزة.
اما من الناحية الاستراتيجية، فقد رأت المصادر ان الموقف الاخير يشكل تراجعاً في الالتزام الأميركي بالأمن اللبناني، وغيابا للضمانات الأميركية، ما يعكس احتمالية تزايد تدخل القوى الإقليمية الأخرى، مما يرفع من درجة عدم الاستقرار في لبنان والمنطقة.
من ناحية أخرى، تشير المصادر الى ان الولايات المتحدة، التي تدعم استقلالية القرار اللبناني، انما تفعل ذلك تحت سقف يتمشى مع مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، حيث تعني تلك الاستقلالية برأيها، قدرة بيروت على اتخاذ قراراتها السياسية والأمنية دون تأثيرات خارجية مباشرة، خاصة من قبل القوى الإقليمية، من هنا الحديث عن دعم مشروط.
وختمت المصادر كاشفة ان كل ما يتردد عن سحب لملف لبنان من براك هو غير دقيق راهنا، اذ ان مشاركته في لقاء عون - روبيو، في نيويورك، الى جانب مورغان اورتاغوس، انما جاء بطلب مباشر من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، على خلفية التصريح الذي ادلى به قبل ساعات من اللقاء، والذي ارضى صقور الادارة، متحدثة عن توزيع للادوار بينه وبين اورتاغوس، باعتبار ما ينقل عنه عن عدم حماسته للتعامل مع العسكريين، خلافا لاورتاغوس.
ميشال نصر - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|