الصحافة

يا حكام العرب... احفظوا رؤوسكم!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد قراة دقيقة لخطة السلام في غزة، كمدخل الى السلام في الشرق الأوسط، نقول للحكام العرب “احفظوا رؤوسكم... انه دونالد ترامب” الذي لا تعرف ما اذا كان صهره جاريد كوشنر (زوج ايفانكا) هو الذي يتجول في رأسه أم الشيطان. رئيس للولايات المتحدة لم يكن يوماً رجل القيم الذي يعنيه الآخر، لكأنه مثل غولدا مئير خرج، للتو، من مؤخرة يهوذا، وهو الذي يستظل أفكار كل منظري اليمين الأميركي، وقد رأوا في العرب، ما  رآه أحدهم ليو شتراوس، غداة حرب حزيران 1967، “الحثالة القبلية التي لا تلبث أن تتقيأها الأزمنة...”.

أين الفلسطينيون في الخطة. هؤلاء هم فلسطين، وهؤلاء هم القضية التي حملت وزير الخارجية الفرنسية السابق أوبير فيدرين على القول “مثلما رأى اليهود في المحرقة التي حدثت لهم في أوشويتز العامل ألأساسي في قيام الدولة الاسرائيلية، يرى الفلسطينيون في المحرقة التي حدثت لهم في غزة، والتي فاقت، بهمجيتها أي محرقة أخرى في التاريخ، العامل الأساسي في قيام الدولة الفلسطينية.

قرأنا البنود العشرين للخطة. البند الأخير نص على ما يلي “ستطلق الولايات المتحدة حوارًأً بين اسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي لتعايش سلمي ومزدهر”. كم سمعنا مثل هذا الكلام منذ الاعداد لاتفاق “وادي عربة”، في 26 تشرين الأول 1994، متاهة لغوية، وتبقي القضية في الدوامة الديبلوماسية. ولكن لنفاجآ بقول موقع “أكسيوس” ان بنيامين نتنياهو أدخل تعديلات جوهرية على الخطة، بعدما صيغت أميركياً واسرائيلياً. باطلاع بعض الحكام العرب.

بديهي أن نرى في الخطة محاولة لاستيعاب الزلزال الذي يمكن أن يحدثه طوفان الدم في غزة، ودون أن تكون يعيدة عن المشروع الخاص بتغيير الشرق الأوسط، وبالشراكة بين واشنطن وتل أبيب. ترامب لا  يأبه بتحذيرات ديبلوماسي مخضرم مثل ريتشارد هاس، وهو يهودي، والذي توجه الى الرئيس الأميركي بالقول “اذا كنت تريد أن تغادر البيت الأبيض على عكاز خشبي، ابق على خطى بنيامين نتننياهو في دفعك الى الوحول الأبوكاليبتية، في الشرق الأوسط”.

هذا هو دونالد ترامب الذي لا يعنيه رأس أي حاكم عربي، باعتبار أن ما من دولة عربية قادرة على الاطلاع بأي دور عسكري، بأبعاد جوستراتيجية، لحساب أميركا. البلدان العربية تعرضت للكثير من الهزات، على أنواعها. دائماً الاستعانة بالولايات المتحدة التي غالباً ما تكون هي وراء اصطناع تلك الهزات للابقاء على استنزافها المنهجي لثروات العرب...

لا حظنا مدى الحرارة التي تعامل بها الرئيس الأميركي، أخيراً، مع نظيره التركي رجب اردوغان، وبعدما بات جلياً الدور الذي اطّلعت به أنقرة من أجل شق الطريق بين دمشق وأورشليم، مقابل اشراكها في المسار الخاص بتغيير خرائط الشرق الأوسط. سوريا المنهكة، والمشتتة، أمام الاستسلام، لا السلام، حين تكاد تظهر دبابات ايال زامير في شارع المزة في دمشق، وبعدما كان  اردوغان قد لاحظ أن مشروع “اسرائيل الكبرى” يلحظ اقتطاع أجزاء من بلاده.

لكن كلام نتنياهو، وقد أضيف اليه كلام السفير الأميركي مايكل هاكابي، لا يترك للشك أن التغيير سيكون وفق الرؤية التوراتية، وكنا قد لاحظنا حساسية بعض اللعبارات التي صدرت عن ترامب والتي تشي بأنه يفكر كقائد بعث به الله لانقاذ المسيحيين واليهود، ليفاجأ بأن عشرات ملايين المسيحيين في أصقاع الدنيا، وحتى في الداخل الأميركي، يرون في نتنياهو الفوهرر الذي يقود الكرة الأرضية الى النهاية. 

كل ما فعله اردوغان لاستخدام سوريا، وهي بوابة الشرق الأوسط، في عقد صفقة جيوستراتيجية يمتد مفعولها الى حدود الصين. لم يجد صدى لدى رئيس الحكومة الاسرائيلية الذي  يدرك جيداً أن حركة التاريخ غالباً ما تشبه حركة الثعبان. تالياً لا أمبراطورية فارسية، ولا سلطنة عثمانية، في الشرق الأوسط، وخصوصاً أن طهران وأنقرة، يعملان بديناميكية استثنائية للولوج في الزمن التكنولوجي، وحتى في الزمن النووي.

رأينا كيف أن اللوبي اليهودي ضغط على شركة “مارتن لوكهيد”، قطب الصناعات الجوية في الولايات المتحدة، لتطلب من الكونغرس وقف تزويد تركيا بمحركات F110 اللازمة للطائرة الشبحبة من الجيل الخامس “كان” ( (Kaan، وهي الكلمة التركية التي تعني “ملك الملوك”. هذه ضربة صاعقة لأردوغان الذي يعتبرأن انتاج هذه الطائرة يؤدي الى ارساء نوع من التوازن في القوى، ما يمكنه من بعث الحياة في مشروعه الذي ولد ميتاً، والرامي الى احياء السلطنة العثمانية...

لكن الصحافي التركي يرى أن لا مجال للتوازن ما دامت القنبلة النووية حكرا على الدولة العبرية، ودائماً بتغطية أميركية، لتبقى اللعبة التركية على هامش التطورات. ها أن طائرات تزويد الوقود تحط في قاعدة “العديد” في قطر. من أجل ماذا...؟  الحيلولة دون آيات الله ومحاولة اعاقة مسارالسلام الأميركي ـ الاسرائيلي في المنطقة أم من أجل ازالة آخر عائق دون الامساك المطلق بمنطقة وصفها برنارد لويس “العربة العتيقة التي تجرها آلهة مجنونة”.

فات الحكام العرب الذي لا يعرفون الى اين دولهم، والى أين عروشهم، اقامة أقواس النصر احتفاء بخطة دونالد ترامب للسلام في غزة، والتي تفتح الطريق أمام “السلام” في سائر أنحاء المنطقة. متاهة ديبلوماسية، ولغوية، أخرى لابقاء العرب في الثلاجة. لا مسافة بين الثلاجة والمقبرة... 

نبيه البرجي- الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا