محليات

في لبنان... فساد بنسبة "مليار في المئة" والمشاكل البنيوية مستمرة...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

هناك مشكلة أساسية تتحكم بلبنان، وترسم مستقبله على ضوء حاضره وماضيه، وهي كامنة بمن يصدّقون أن دولة هذا البلد هي دولة، وأنها تستحق صفة دولة.

عصابات

فدولة لبنان هي الكذبة التي أرادها العالم في لحظة من الزمن، ورسمها لا لتكون دولة، بل مجموعة من العصابات التي تدير 10452 كيلومتراً مربعاً، بدستور وسلطات ومؤسسات، لا تستحق توصيفها بدستور أو مؤسسات أو سلطات.

فالدستور الذي لا يُعدَّل إلا بعد دماء ليس دستوراً. والدولة التي لا مجال لتعديل أي نقطة في دستورها لا تستحق صفة دولة. والسلطات والمؤسسات الموجودة بحضور يماثل الغياب ليست شيئاً، ولا يمكنها أن تدبّر، ولا أن تصحّح.

مليار في المئة

مشكلة هذا البلد هي بوجود من يتلذّذون بتصديق كذبة أنه دولة. فهؤلاء يتقصّدون رفض الواقع، والتعامي عن الحقيقة، لأنهم أصحاب مصالح شخصية تستفيد من حالة العصابات الحاكمة على رقعة 10452 كيلومتراً مربعاً إسمها دولة لبنانية.

ففي هذا البلد يُخبرونك بإصلاحات، فتجد أنها استعدادات لزيادة أعباء لا تنفع الناس، بل تزيد إيرادات الدولة. وأما النتيجة فهي أقلّ من صفر.

هلمّوا ننظر معاً الى دول كثيرة حول العالم. الفساد موجود في كل مكان طبعاً، وهذه حقيقة لا ننكرها. ولكن هناك فارقاً أساسياً بين فساد بنسبة 30 أو 40 في المئة، وبين آخر بنسبة 80 في المئة، وبين فساد بنسبة 100 في المئة، وبين آخر بنسبة ألف في المئة، أو مليون في المئة، أو مليار في المئة. وفي الرقعة الجغرافية التي اتُّفِقَ على تسميتها لبنان، تجد فئة الفساد من "عيار" مليار في المئة.

الإصلاح

وبموازاة ذلك، ستجد من يشدّد أمامك يومياً على أن الحلّ هو بالإصلاح، لتنظر من حولك فلا تجد إصلاحاً سوى ذاك الذي يُضاعِف إيرادات الدولة من جيوب الناس. وهنا، يمكنك أن تنظر من حولك مجدداً، لتبحث عن نتائج الإيرادات المُضاعَفَة تلك، فتجد أنها تبخّرت. فلا مشاريع، ولا قواعد لمشاريع، ولا خدمات جديدة، ولا تحسين لخدمات قديمة، ولا أي فارق سوى أن الدولة التي سُمِّيَت دولة لبنانية تُضاعِف إيراداتها لا أكثر، وذلك قبل أن تنصرف للإعداد لرزمة خطوات جديدة ستُسمّيها إصلاحات، ولا هدف منها سوى إدخال أموال جديدة الى خزينة دولة مثقوبة، ولا إرادة بترميم ثقبها.

السيادة...

وهذا كلّه فيما لا قضاء، ولا سلطة، ولا جهة يمكن لأي مواطن أن يستعين بها عند الحاجة. والأيام تمضي في بلد يتناهش كل من يعيشون على مساحته بعضهم بعضاً. ففي بلد العصابات الممتدة على مساحة 10452 كيلومتراً مربعاً، ستجد الطبيب والمستشفى والصيدلية والمدرسة والجامعة والسوبرماركت والدكان والمطعم والفندق والباتيسري والمكتبة والكاراج وصاحب المولّد وموزّع المياه والإنترنت والمحروقات والفرن... ينهشون الناس، وهم من الناس، أي ان كل الناس ينهشون بعضهم بعضاً في ربوع ورعاية الدولة، على مساحة 10452 كيلومتراً مربّعاً، وهي مساحة لبنانية "سيادية" طبعاً. سيادية بكل شيء إلا بالسيادة الحقيقية.

"ملح الرجال والنساء"

فعن أي سيادة تتحدثون في بلد يُهلك فيه المسؤول شعبه بالحديث عن حاجة ماسّة الى إصلاحات بنيوية، وعن بسط سلطة الدولة، وإعادة هيكلة القطاع العام... وهو المسؤول الذي يستجمّ بـ "الصبحيات" مع كل الوفود الدولية الديبلوماسية والمالية التي تزور البلد، وذلك قبل أن يُعلن ويقول إن عام 2025 قد يكون من الأفضل اقتصادياً منذ سنوات طويلة، ويتحدث عن ارتفاع في الإيرادات أكثر من النفقات، وذلك فيما لم تتحقّق ولا أي خطوة إصلاحية بنيوية حقيقية واحدة تُشعرنا بأننا بدأنا نتنفّس بأمان، وبأننا في بلد حقيقي، وفي دولة فعلية.

فالكذب "ملح الرجال والنساء" في هذا البلد. كيف لا، طالما أنه لا يوجد من يقول للمسؤول، بما أن الإيرادات ترتفع بنسبة أكثر من النفقات، وبما أن 2025 قد يكون من الأفضل اقتصادياً منذ سنوات، فلماذا تستمرون بالاستماتة في ثقافة الاستعطاء والتسوّل من الدول المانحة، ومن مؤتمرات الدعم؟

هذه مشكلتنا الأبدية في هذا البلد، وهي أساسية وبنيوية. مشكلة أن هناك من يتقصّدون جعل الناس تصدّق أن مساحة الـ 10452 كيلومتراً مربعاً هي دولة، وأنها تستحق صفة دولة.

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا