نيابية 2026: الانفاق الانتخابي دون ضوابط فعلية!

مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، يبدأ الحديث الجدي حول الإنفاق الانتخابي وضوابطه، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى قدرة هيئة الإشراف على الانتخابات على ضبط هذا الملف الشائك والمعقد، فالسقف المالي الموضوع قانوناً للمرشحين غالباً ما يُكسر، فيما تُرصد على الأرض حملات دعائية بموازنات ضخمة تتجاوز بأشواط الإمكانيات القانونية المفترضة.
ورغم أن القانون الانتخابي واضح في ما يخص سقف الإنفاق، إلا أن الإشكالية الأساسية تبقى في التنفيذ، والمساءلة، والرقابة الميدانية الفعلية، إذ تكتفي هيئة الإشراف في الغالب برصد محدود وغير ردعي، بينما يزداد توظيف المال الانتخابي سنة بعد سنة، ويتحول إلى أداة حاسمة في التأثير على الناخبين وتوجيه نتائج الانتخابات.
وفي هذا السياق، برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة متنامية تُنذر بتشويه إضافي للمسار الديمقراطي، وهي لجوء العديد من الأحزاب الكبرى إلى ترشيح شخصيات متمولة، عوضاً عن ترشيح كوادر حزبية ناشطة أو شخصيات ذات كفاءة سياسية.
ووفق ما أفاد به خبير في الشأن الانتخابي لوكالة "أخبار اليوم"، فإن هذه الخطوة باتت مدروسة ومقصودة، لا سيما أن الأحزاب تتجه لترشيح المتمولين كي يتولوا هم كلفة الحملة الانتخابية، ما يخفف العبء المالي عنها، حتى لو جاء ذلك على حساب شخصيات حزبية لها حضورها وتأثيرها.
ويضيف الخبير: هذه الظاهرة تعكس تحولاً خطيراً في آلية الترشح والتمثيل، إذ تُستبدل الاعتبارات السياسية والمبدئية باعتبارات مالية بحتة، وهو ما يخلق نوعاً من التفاوت بين المرشحين ويزيد من فقدان الثقة لدى الناخب.
لكن ما يزيد الطين بلة، بحسب الخبير عينه، هو دخول المال الخارجي على خط التمويل الانتخابي، حيث بات من الواضح أن بعض القوى السياسية تتلقى دعماً من جهات إقليمية أو دولية، إما عبر مرشحين مدعومين مباشرة، أو عبر دعم لوجستي وإعلامي غير مباشر.
بالتالي، هذا التمويل الخارجي لا يخرق فقط القوانين الانتخابية، بل يفرض أيضاً إيقاعه الخاص على الحياة السياسية، محدثاً تحولات في ميزان القوى المحلية، وأحياناً يعيد رسم التحالفات وفق مصالح الخارج، لا أولويات الداخل.

شادي هيلانة - "أخبار اليوم"