من جامعة بيروت العربية.. "تحية لزياد الرحباني" تخليداً لذكراه
لا زيادات للعاملين في القطاع العام: السلطة تكافئ رجالها بـ7 ملايين دولار إضافية
فيما أقرّت الحكومة زيادة مخصّصات السلطات العامة وملحقاتها، أي مخصّصات الرؤساء والوزراء والنواب السابقين والحاليين وعائلاتهم، قرّرت إبقاء رواتب الموظفين على حالها من التدني والترقيع. ستحصل السلطات العامة على 7 ملايين دولار إضافية، بينما لن يحصل العاملون في القطاع العام على أي قرش إضافي، إذ سيُخصَّص لهم في موازنة 2026 مبلغ موازٍ لما أقرّ في موازنة 2025. لا بل أعلنت السلطات العامة، على لسان المتحدّث باسم الحكومة اللبنانية وزير الإعلام بول مرقص، أنها لن تزيد أي قرش للعاملين في القطاع العام.
وأتى قرار الحكومة رغم «القنابل الدخانية» التي رمتها كلّ فترة بهدف «فرط» تحركات الموظفين، وآخرها «مشروع قانون الزيادة الموضوعية على الرواتب» الذي أعدّه مجلس الخدمة المدنية، والذي ينام في أدراج مجلس الوزراء منذ حزيران الماضي.
فعلى ما يبدو أن الحكومة ووزارة المال تنفّذ، بكلّ أمانة، توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بعدم إعطاء أيّ زيادة للموظفين قبل تحقيق «هامش مالي» من الإيرادات. وقاعدة هذا المسار باتت معروفة، «لا إنفاق من دون مدخول»، بحسب ما أعلنه صراحة أكثر من مرّة وزير المال ياسين جابر.
وحتى يحين موعد إقرار المشروع، سيبقى الموظف معلّقاً بالوعود، أو ينتظر مشاريع كبرى مثل «إعادة هيكلة القطاع العام» أو «صياغة توصيف وظيفي جديد للموظفين». وفي المدى المنظور، لن ترتفع قيمة راتب الموظف عن نحو 700 دولار شهرياً، وهي عبارة عن أساس راتب مضاعف 13 مرّة وبدل صفائح بنزين وبدل مثابرة مشروط بالحضور. وبهذا المبلغ الزهيد تتوقع الحكومة من الموظف أداءً منقطع النظير، يقول موظف في وزارة الداخلية، مثل الحضور 5 أيام أسبوعياً، من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثالثة والنصف بعد الظهر. والأنكى من ذلك، أن هذه البدلات لا تدخل في صلب الراتب ولا تحتسب ضمن تعويضات نهاية الخدمة والمعاش التقاعدي.
ولا تتوقف عرقلة العمل الإداري في الدوائر الرسمية على رواتب الموظفين فقط. للموازنات التشغيلية حصة أيضاً. «إن حضرنا لا نتمكن من تشغيل المركز لأكثر من ساعتين يومياً بسبب غياب التيار الكهربائي، وتهالك أجهزة الكمبيوتر»، يقول موظف في المالية، ويضيف: «في بعض الأحيان لا تتوافق ساعات تغذية كهرباء الدولة مع ساعات الدوام، ولا توجد أموال كافية لشراء المازوت لتشغيل المولدات بشكل دائم».
إذاً، حوّلت سياسة التقشف الحكومية في الدوائر الرسمية حياة الموظفين إلى جحيم مستمر منذ ما يزيد على 5 سنوات، كما أفرغت الوزارات من الكفاءات. من جهة، رحل عن الوظيفة العامة كلّ من يستطيع الرحيل من الموظفين، خاصةً أصحاب الاختصاصات المطلوبة في سوق العمل مثل موظفي المالية من محاسبين ومدققين ماليين، وموظفي وزارة الصحة من الأطباء والصيادلة، والأساتذة من أصحاب الخبرات والشهادات العليا. ففي سنوات الانهيار المصرفي والنقدي، وبعد عام 2019 رحل قرابة 2000 موظف عن الإدارة العامة، تقول مصادر وزارية.
ومن جهة ثانية، سقط في هوّة الفقر معظم من بقي في الوظيفة العامة، وتحوّلوا إما إلى مستغلّين من قبل رؤسائهم لتأمين مداخيل إضافية، أو مارسوا أعمالاً إلى جانب وظائفهم، مثل «البيع أونلاين»، أو فتح أعمال تجارية خاصة.
«هذا حال المحظيين من الموظفين»، يقول الرقيب محمد الذي يخدم في أمن الدولة، مشيراً إلى عمل العسكريين في الخدمة في خدمات التوصيل، «الدليفري»، بعد الدوام أو في أيام الإجازة.
«تسببت الأزمة الاقتصادية في كسر صورة الموظف الحكومي بشكل عام، والعسكريين بشكل خاص»، يقول محمد، إذ «يضطر العسكري إلى الخضوع للابتزاز من رؤسائه مقابل الحصول على دولارات إضافية شهرياً». على سبيل المثال، «يعدّ الحصول على بونات بنزين إضافية شهرياً مورداً مالياً جيّداً، فيباع البون المخصص لشراء 20 ليتراً من البنزين بسعر 19 ليتراً بغية تحصيل المدخول الإضافي».
وتتكرّر حالة استغلال الموظفين من قبل مديريهم في أكثر من وزارة ودائرة رسمية، حيث ينتهز كلّ من القطاع الخاص والمنظمات الدولية الأزمة للدخول إلى مكاتب الموظفين، والحصول على ما يعرف بـ«التوقيع». فالموظف، ورغم التردّي المالي الذي يعيشه، لا يزال ممثلاً للدولة وقادراً على عرقلة أو تسيير المعاملات. في وزارة الصحة مثلاً، تقوم شركات الأدوية، وفي سبيل تسيير أعمالها، بتقديم المعدّات المكتبية اللازمة لتشغيل عجلة المعاملات، من محابر آلات الطباعة، إلى المكيّفات، وصولاً إلى الالتزام بأعمال الصيانة الكاملة للمكاتب.
ويجري الأمر بعلم ومعرفة الأجهزة الرقابية كلّها. وفي الوزارة نفسها أيضاً، تدفع منظمة الصحة العالمية، تحت مسمى «المشاريع»، مبالغ إضافية للموظفين لا تتجاوز 300 دولار شهرياً. ويستخدم هذا المبلغ لشراء الولاءات بين الموظفين، فيوزع على المحظيين، ويُمنع عن «المشاغبين»، بحسب ما تقوله موظفة في الوزارة.
وفي وزارة الداخلية، حوّلت الإدارة الموظفين إلى «نظّار» على بعضهم. فالتعاميم الحكومية حول الالتزام بالدوام الرسمي، وربط الحصول على البدلات المالية الإضافية شهرياً بـ«تحقيق سكور في الوصول إلى مركز العمل يساوي 16 يوماً شهرياً»، دفع بالمديريات إلى تعيين موظفين من الإدارة بمهمة «ناظر». ويقوم هذا الموظف بـ«أخذ الحضور يومياً لزملائه للتأكد من حضورهم، ثمّ رفع لائحة لمديره بغية التوقيع على جداول صرف المساعدات الإضافية للموظفين في رواتبهم».
فؤاد بزيا - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|