بالعمليات العسكرية لا بالانتفاضات الشعبية... هكذا بدأت حقبة شرق أوسطية جديدة...
تحالف "زيدان - ساسين" يتملّك 52% من هولسيم بـ115 مليون دولار
صرّحت شركة «هولسيم» أمام بورصة بيروت، بأن المساهم الرئيسي فيها، أي شركة «هولسيبل»، أبرم اتفاقية بيع كامل حصّته والبالغة 52.07% من الأسهم العادية، لشركتي «بي. زي. إل. للأسمنت القابضة ش.م.ل» و«نورث باين ش.م.ل (القابضة)»، وهما شركتان مسجلتان في لبنان ومملوكتان على التوالي لكل من محمد زيدان و/أو أعضاء من عائلته المباشرة، وجيلبرت ساسين. وقالت أيضاً إن الانتقال الفعلي للأسهم مربوط بتحقيق بعض الشروط المسبقة المنصوص عليها في الاتفاقية.
وقالت مصادر مطلعة على الصفقة، إنه تمّ بعد أكثر من سنتين من المفاوضات، الاتفاق على تخمين قيمة الشركة بأكثر من 200 مليون دولار، ما يعني أن الحصّة المبيعة تتجاوز قيمتها 115 مليون دولار، وأن الصفقة تشمل ملكيات لشركة «هولسيم» في الخارج، منها معمل في قبرص التركية وشركات في لبنان ومصر، وأن الشروط التي أدرجت في البيان المعلن على البورصة في 9 تشرين الأول كانت تتعلق بحصول المجموعة الشارية على ترخيص ينقل ملكية المعمل القبرصي إليهم، وهو ما حصل أول من أمس.
وأتت هذه الصفقة بعدما قرّرت «هولسيبل» الانسحاب من لبنان. في حينه عرضت حصّتها التي تصنّف «مقرّرة»، على عدد من رجال الأعمال، إلا أن هذا الاستثمار أثار اهتمام رجل الأعمال محمد زيدان، كون هولسيم تعدّ واحدة من ثلاث شركات تحتكر إنتاج الإسمنت وبيعه في لبنان، ولديها حصّة سوقية تتجاوز 40% من مجمل مبيعات الإسمنت المحلية.
لكن الصفقة اصطدمت في ذلك الوقت بتخمين قيمة الشركة، لا سيما أن تقدير قيمتها قبل سنتين كان مرتبطاً بشكل مباشر بالتقلّبات الهائلة في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وتُرجم ذلك تذبذبات في المبيعات والأكلاف التشغيلية وقيمة الأصول والالتزامات وحقوق رأس المال. فضلاً عن أن الشركة التي تملك هذه الأسهم هي شركة أجنبية وليس لديها وجود عميق في الشركة اللبنانية، كما إن الشركة اللبنانية لديها ملكيات عقارية محلية واسعة وتملك معملاً لإنتاج الإسمنت في قبرص التركية.
وبحسب ميزانية الشركة لعام 2024 والمعلنة على بورصة بيروت، فإن «هولسيم» تملك أصولاً مسجّلة بقيمة 68 مليون دولار منها 58 مليوناً أصولاً جارية، مقابل التزامات إجمالية بقيمة 51.3 مليون دولار منها التزامات جارية بقيمة 20 مليون دولار. أي إن أصولها ذات المدى القصير تغطّي ضعفي التزاماتها القصيرة المدى.
وتبلغ حقوق رأس المال في الشركة نحو 17 مليون دولار ولديها مبيعات بقيمة 110 ملايين دولار. رغم ذلك، سجّلت الشركة خسارة في 2024 بقيمة 1.75 مليون دولار أي ما يوازي 89 دولاراً على كل سهم مقارنة مع ربح لكل سهم بقيمة 1100 دولار في 2023. المشكلة أن الربح الإجمالي للشركة والذي بلغ 35 مليون دولار في 2024، تآكل بسبب الأكلاف التشغيلية المرتفعة مثل كلفة المبيعات والتوزيع والكلفة الإدارية المرتفعة جداً والتي تساوي 25% من الأرباح الإجمالية، إلى جانب كلفة التمويل والمؤونات ضدّ المخاطر والخسائر المتوقعة.
وكانت شركة «هولسيبل» البلجيكية والمملوكة من شركة «لافارج» السويسرية، قد اتخذت قراراً في النصف الثاني من 2022 بالتخلّي عن ملكيّتها في عدد من الوحدات أو الشركات التابعة لها، ولا سيما في الأسواق التي تنطوي على مخاطر مرتفعة، وقالت في تقريرها السنوي آنذاك، إن لبنان والأرجنتين فيهما مخاطر تضخميّة مرتفعة، وإنها تتعامل مع هذا الأمر استناداً إلى قاعدة وجود تضخّم متواصل بثلاثة أرقام يفوق 3 سنوات، وهو الأمر الذي تحقّق في لبنان والأرجنتين.
لذا، فإنّ «أيّ خسارة مالية محتملة لا تقع ضمن مسؤولية الشركة الأمّ، بل تُؤمن شركة هولسيم اللبنانية احتياجاتها المالية باستقلالية تامة».
يمكن تفسير هذه العبارة بأكثر من طريقة، سواء بخفض إدراج قيمة استثمارها المسجّل بالدولار، أو من خلال محاولة تسييل الأسهم. لكن لم يكن هذا الأمر وحده هو دافع الشركة للتخلي عن ملكياتها، إذ إن اسمها ارتبط بعمليات مع داعش في سوريا في العقد الأخير، فاضطرت أن تبيع حصّتها في الهند، وقبلها عدّلت اسمها من «هولسيم - لا فارج» إلى «هولسيم ليمتد» في محاولة لإزالة التداعيات السلبية التي أصابتها بسبب عملياتها في سوريا والتي ارتبطت باسم «لا فارج» تحديداً، ثم أطلقت مساراً للخروج من لبنان بسبب التدنّي اللاحق بقيمة استثمارها.
وكانت قيمة ملكيّتها في لبنان مقدّرة بنحو 800 مليون دولار في سنوات ما قبل الأزمة. فقد كانت أصول الشركة في 2019 نحو 248 مليون دولار، ثم انخفضت إلى 8.2 ملايين دولار في 2021، ثم ارتفعت قليلاً إلى 31.6 مليون دولار في 2022.
واحد من ثلاثة احتكارات
تمثّل «هولسيم» أحد أعمدة احتكار الإسمنت في لبنان. بحسب تقرير صادر عن «بلوم إنفست» في عام 2010، فإن حصّتها السوقية تتراوح بين 43% و45% من مبيعات الإسمنت في لبنان بكل أنواعه، مقابل ما بين 16% و18% لشركة «ترابة سبلين»، وما بين 39% و41% لشركة «الإسمنت الوطنية». وهذا الاحتكار محمي من الدولة اللبنانية، وهو القيمة المضافة الفعلية التي تملكها «هولسيم - لبنان»، إذ تضمن الشركة بموجبه ألّا تصدر الدولة رخصاً جديدة لإنشاء مصنع أو مصانع منافسة. وفي المقابل، تحدّد الدولة، بالاتفاق مع الشركات المحتكرة، سعر مبيع طن الإسمنت في السوق المحلية، وتسمح لها بالتصدير، وهي تتغاضى عن طريقة عمل الشركات الثلاث الملوّثة والمدمّرة للبيئة، سواء بالتلويث المباشر المتعلّق بانبعاثاتها المسرطنة من معامل الإنتاج، أو من خلال تدمير الأراضي من دون إصلاح زراعي.
الملكية بيد زيدان وساسين والبطريكية المارونية وآخرين
إلى جانب انتقال 52.07% من أسهم «هولسيم» إلى تحالف زيدان وجيلبرت ساسين، فإن أسهمها الباقية التي تمثّل 47.93% موزّعة وفق تقرير صادر عن «بلوم إنفست» في عام 2010 على النحو الآتي: 14.98% يملكها مرشد بعقليني، 7.5% تملكها «سيمنت هولدينغ»، 4.13% تملكها البطريركية المارونية، 3.59% يملكها نبيل الصحناوي، 17.8% يملكها آخرون. وفي عام 2022، تردّد أن «بنك عوده» اشترى 1,864,968 سهماً في الشركة بما يوازي 9.55% من أسهمها، ولم تتّضح طبيعة الصفقة وآليات تسديد الثمن ومن باعها للمصرف، علماً بأن الشركة تدرج أسهمها في بورصة بيروت، وتبلغ قيمة السهم بحسب آخر نشرة صادرة عن البورصة 72.5 دولاراً (السعر على بورصة بيروت ليس بالفريش).
هو عدد أسهم «هولسيم - لبنان» المصرّح عنه لبورصة بيروت ورأسمالها 97.58 مليار ليرة بقيمة 5000 ليرة لكل سهم
81.7 مليون دولار
هي القيمة التراكمية للقرض الذي حصلت عليه «هولسيم - لبنان» من «هولسيم ليمتد» السويسرية في عام 2020 على مرحلتين. كان أصل القرض يبلغ 52.44 مليون دولار ثم أضيف إليه قرض آخر بقيمة 7.8 ملايين دولار، ولكن المشكلة أن الشركة لم تسدّد القرض بذريعة الانهيار المصرفي والنقدي، ثم تراكمت الفوائد عليه لتتضاعف قيمته
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|