الوفد اللبناني يعود من اجتماعات الخريف بحثاً عن حل لشوائب يتمسك بها صندوق النقد
انتهت اجتماعات الخريف في واشنطن وعاد أعضاء الوفد اللبناني الرسمي كلٌ إلى مقعده في الحكومة ومجلس النواب ومصرف لبنان، لصياغة "التوافق الممكن" مع صندوق النقد الدولي في ضوء الملاحظات التي سمعوها والتوجّه الذي استشفوه من تلك الاجتماعات واللقاءات الثنائية التي عُقدت على هامشها.
تحليلات واستنتاجات رافقت تلك الاجتماعات، أظهرت تبايناً حاداً بين الجانبين، ما صحّة هذا التباين الذي يهدّد مصير أي اتفاق محتمل مع صندوق النقد؟
مستشار وزير المال الدكتور سمير حمود يدحض ما يصوَّره بعض وسال الإعلام عن وجود صراع بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، "بل جلّ ما فيه أن الموقفين مختلفان" يقول حمود لـ"المركزية"، "فصندوق النقد يطرح شيئاً والبنك الدولي شيئاً آخر! فالعلاقة مع الأخير جيدة ولا تزال كذلك وهو مستمر في القروض التي منحها للبنان كما أنه يبدي ارتياحاً لطريقة استعمال هذه القروض، ولا يبدي أي ملاحظة عليها لغياب أي سوء في استعمالها".
أما صندوق النقد، يتابع حمود، "فلا يزال على موقفه، وبالتالي لم يسمع منه الوفد اللبناني الرسمي كلاماً مغايراً عما سمعه منه في خلال وجود بعثته في بيروت. ولكن هناك وجهتَيّ نظر مختلفتان: إذ إن صندوق النقد يستند إلى رأي الطاقم الوظيفي Staff Decision والكتاب الذي يقدّمه خبراء الصندوق القاضي بأنه "عند إعداد قانون إصلاح المصارف، فالبند المتعلق بإعادة الأموال إلى أصحابها في مقابل اقتطاع جزء من أموال المودِعين، هنا يجب أن يكون الاقتطاع مسبقاً من رساميل المصارف...". إنه مبدأ صحيح ولكن... يجوز تطبيق هذا المبدأ عندما يكون هناك تصفية. فالاتجاه السائد في لبنان هو رفض أيّ من المعنيين بمعالجة الأزمة، الاقتطاع من أموال المودِعين. حتى على صعيد السوق المالية هناك إشارة إلى وجود بعض الشوائب في الودائع يجب التعريف عنها! لأن الشوائب شيء والاقتطاع من الوديعة شيء آخر. وإذا كان هناك شوائب في أموال المودِعين فهناك أيضاً مثلها في ودائع المصارف لدى البنك المركزي".
ويُضيف: هذه هي الرؤية التي حملها الوفد اللبناني إلى اجتماعات الخريف في واشنطن، وبالتالي إن التوفيق ما بين وجهتَيّ النظر هو هدف وليس صراعاً. حتى في صلب ملاحظات صندوق النقد على قانون الإصلاح المصرفي، لا أجد صراعاً بينه وبين الحكومة وبالتالي لن يقف خارج أي قرار قد تتخذه. لكنه يتصرّف من حيث المبدأ ليقول "هذه هي الأصول، وأنا لا أفرض على أي دولة اتباع اقتراحاتي أو الأسلوب الذي أعتمد، بل يمكنها إقرار القانون الذي تريده... إنما لا تؤطّر قرارها في اتفاق موقّع مع صندوق النقد!"، وهذا ما تتفاداه الحكومة اللبنانية.
لكن... "لا يمكن للبنان الولوج إلى الأسواق الدولية بما فيها الأسواق العربية، إلا إذا كان هناك توافق وقبول بالوضع اللبناني من قِبَل صندوق النقد!" يجزم حمود، ليعود ويشير إلى وجود "تباين محدود في وجهات النظر، إنما لن ندَع هذا التباين يكسر إمكانية بناء علاقة قائمة على التوافق مع صندوق النقد الدولي... لا نزال على خط التفاوض لتوضيح قانون الإصلاح المصرفي".
لقاء تقني غداً..
وهنا يكشف عن لقاء سيعقده غداً مع مسؤولين في صندوق النقد عبر تقنية "الزوم" في مسعى "للتوافق على أي ملاحظة يبديها الصندوق على قانون الإصلاح المصرفي، علماً أننا أدرجنا تلك الملاحظات والتعديلات على القانون الذي أخذ مساره في اتجاه مجلس الوزراء ثم إلى مجلس النواب"، ويطمئن إلى "أننا لا نسعى إطلاقاً إلى أن نكون السيف الذي سيقتطع من ودائع الناس من جهة، ولا السيف الذي سيُفلِس المصارف من جهة أخرى، لاعتبارنا أن إفلاس المصارف لا يُفيد المودِعين، ولا الإضرار بالمودِعين يُفيد القطاع المصرفي".
ويوضح أن "الهدف من قانون إصلاح المصارف هو عدم النَيل والضرر بالمودِعين المُحقّين، وعدم حَمل راية إفلاس المصارف... فالأمران محظوران، إنما هناك ما يسمى "لغط شوائب" نسعى إلى الاتفاق على تعريفها ومدى صحّتها إذا كانت عادلة ومُحقّة، وإلا هناك استحالة في تطبيقها. فمصرف لبنان هو السلطة الناظمة الحريصة قانوناً على سلامة القطاع المصرفي والودائع وعلى سعر الصرف، ونحن أيضاً حريصون على المبادئ والأهداف ذاتها، وندعم مصرف لبنان في تأمين هذا الاستقرار".
... إن مسيرة "التفاوض للتوافق" مستمرة مع صندوق النقد "ولن تُقطَع العلاقة معه، إنما "الولادة" ليست سهلة إطلاقاً خلال التفاوض معه، ليس في التجربة اللبنانية فحسب، إنما مع الدول كافة" يختم حمود.
ميريام بلعة - المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|