هذا ما يتوجس منه "الثنائي" انتخابيًا
لا يغالي القوى السياسية عندما تؤكد أن الانتخابات النيابية في ربيع 2026 بالنسبة إلى "الثنائي الشيعي" توازي بأهميتها قضية السلاح. فكلاهما وجوديان ومصيريان. ومن دون عنصر القوة تفقد الانتخابات النيابية الزخم، الذي كان عليه منذ اليوم الأول، الذي قرّر فيه "حزب الله" الانخراط في العمل السياسي، وذلك بالتوازي مع تصليب موقفه من خلال ما راكمه من فائض قوة عسكرية على مدى سنوات.
وفي الاعتقاد السائد فإن حفاظ "الثنائي الشيعي" على "بلوكه" النيابي هو أولوية من أولوياته الرئيسية. وهو بالتالي يبذل كل ما في وسعه للحؤول دون الإفساح في المجال أمام أخصامه السياسيين لتسجيل خرق واحد في هذا "البلوك" المتراص. وبفضل هذا التراص بينهما، وهما المكونان الشيعيان الأكثر شعبية في بيئتهما، استطاعا أن يواجها في السياسة وفي الميدان وعلى كل الجبهات، التي فُرضت عليهما المواجهة فيها.
وترى أوساط سياسية في الجهة المقابلة لخيارات "الثنائي الشيعي" أن الرئيس نبيه بري، وبصفته "الأخ الأكبر" بالنسبة إلى "حزب الله"، سيحاول بكل الطرق، التي تسمح له باستخدام الصلاحيات المعطاة له بصفته رئيس السلطة التشريعية، لعرقلة أي مسعى قد يمكّن المغتربين من التصويت لنوابهم الثمانية والعشرين على غرار انتخابات العامين 2018 و2022، وذلك انطلاقًا من تمسكّه بالقانون الحالي النافذ من دون إدخال عليه أي تعديل حتى ولو جاءه مشروع قانون من الحكومة تطالب فيه بتعديل المادة 112 وملحقاتها، والتي تضمن، متى عُدّلت، حق المغترب في التصويت مثله مثل أي مواطن مقيم، مؤكداً أنّ "الحكومة لا يحقّ لها أن ترسل قانوناً جديداً إلى مجلس النواب في ظلّ وجود قانونٍ سارٍ".
الواضح وضوح الشمس في عزّ النهار أن الخلاف على هذه النقطة بالذات يتجاوز المسائل التقنية البحتة ليعكس تبايناً سياسياً أوسع بالنسبة إلى الخيارات السياسية في البلاد، وذلك من خلال تمسّك الرئيس بري بصلاحياته، والتي مارسها طيلة عقود، تقابله جهة سياسية قوية هذه المرّة، ولكنها تبدو عاجزة عن تحقيق أي خرق في الجدار النيابي الشيعي. وهذا الأمر يعيدنا إلى الجلسات العقيمة، التي سبقت جلسة انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية، بحيث أصبح مفهوم المشاركة والتوازن داخل المؤسسات مجرد وجهة نظر.
الكرة الآن هي في ملعب الحكومة، التي يبدو أنها متجهة نحو إدراج مشروع قانون تعديل المادة 112 بناء على طلب وزير الخارجية يوسف رجي المعني مباشرة بهذه المادة التي تدخل من ضمن صلاحياته. ووفق مصادر وزارية فإن هذا المشروع إذا أدرج على جدول أعمال الجلسة المقبلة للحكومة بالتوافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة فإنه سيتم إقراره والتصويت عليه. فإذا حظي بموافقة ثلثي الوزراء فإنه سيحال حتمًا إلى الأمانة العامة لمجلس النواب.
وفي رأي هذه المصادر فإن الرئيس بري ملزم بطرحه على الهيئة العامة. وإذا ما طرح المشروع على الهيئة العامة فستصوّت الأكثرية النيابية على هذا المشروع لتمكين المغتربين من التصويت للنواب الـ 128 وهذا ما يرفضه رئيس المجلس ومعه أعضاء كتلتي "التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة"، مع كتلة "
لبنان القوي".
فهذا الأمر، في رأي هذه المصادر يتجاوز الإطار الدستوري ليصل إلى عمق المشكلة، حيث يخشى الرئيس بري من الصوت الاغترابي، وبالأخصّ الصوت الشيعي المتأثر بـ "البروباغندا" الغربية. ومقابل إصرار الرئيس بري على عدم السماح بتعديل هذه المادة مهما كان الثمن، فإن القوى النيابية التي تريد إلغاءها أو تعديلها تذهب إلى ممارسة المزيد من الضغط من خلال دعمها للحكومة وفي اتجاه الرئيس بري لكي يضع اقتراح القانون المعجل المكرّر على جدول أعمال أول جلسة تشريعية.
إلاّ أن الرئيس بري، وهو الخبير أكثر من غيره في الأمور المجلسية، لا يزال يرفض أي محاولة للضغط عليه من أي جهة أتت، متحصنًا بذلك بما لديه من صلاحيات، خصوصًا أنه يملك الكثير من المعلومات الأكيدة عن سعي الكثيرين، من الداخل ومن الخارج، إلى تقليص كتلة "الثنائي" النيابية. وهذه الخشية هي التي دفعت الرئيس بري إلى القول بأن ثمة محاولات لعزل الطائفة الشيعية.
وحيال هذا الواقع تحاول الأحزاب والقوى السياسية الساعية إلى الغاء المادة 112 اللعب على الوتر الحساس لدى المغتربين اللبنانيين، حيث لها حضور فاعل وكثيف، وذلك من خلال تشجيعهم على التسجيل بكثافة، وذلك اعتقادًا منها بأن لهم الحق في انتخاب نوابهم الـ 128 كحق أي لبناني مقيم، وهو حق يكفله الدستور، ولا أحد يمكنه أن ينتزع منهم هذا الحقّ.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|