محليات

كواليس اللقاء مع "الأمين العام"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

انطوَت مواقف الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم خلال لقائه التلفزيوني أمس الأول على رسائل عدة في اتجاه الداخل والعدو الإسرائيلي، وهي جمعت بين الثبات على الخيارات المبدئية وبين الواقعية، في مقاربة الوقائع الميدانية والسياسية. لكن ماذا عن كواليس اللقاء التي سبقت ظهوره على الهواء لمناسبة مرور عام على تولّيه الأمانة العامة؟

وسط إجراءات أمنية دقيقة اتخذها عناصر الحماية في «حزب الله»، وصلنا إلى المكان المُحدَّد للقاء التلفزيوني عبر قناة «المنار» مع الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.

واكبَنا المرافقون وأحد مساعدي «الشيخ» بكل تهذيب من موقع الانطلاق إلى المكان المقصود، مع تمنّيهم علينا أن نتفهّم الضرورات التي تُحتِّم اعتماد بعض التدابير الاحترازية والمشدَّدة.

بعد رحلة طويلة نسبياً، دخلنا إلى قاعة فسيحة في أحد المقرّات المجهولة، حيث كان الشيخ قاسم موجوداً. وما لفتنا للوهلة الأولى، أنّه كان يجلس على الأريكة بكل أريَحية، من دون عمامته وعباءته اللتَين يظهر بهما في الإطلالات العامة والحزبية، وهو كان يرتدي بنطالاً داكن اللون يعلوه قميص أبيض، بدا معهما في «لوك» مختلف عن المألوف.

استقبَلنا «الشيخ» بابتسامة عريضة وسلام حار، وتبادلنا معه القبلات والتحيات قبل أن يطلب منا الجلوس على مقعد قبالته، فيما امتدّت في الوسط طاولة عكست «كرم الضيافة»: مكسّرات وجوز وتمر وزبيب وعصائر وفاكهة متنوّعة وحلوى توزّعت على صحون ملأت الطاولة العريضة. وفي إحدى الزاويا قرآن كريم تعلوه سجدة الصلاة، وعلى المقلب الآخر من الغرفة يمتد لوح بدت عليه آثار كتابة ممحيّة.

عكست لغة الجسد لدى «الشيخ» في الكواليس ارتياحاً وسكينة، يُخالفان فرضية أنّه يعيش تحت الضغط السياسي والخطر الأمني. لم تفارقه الابتسامة والطمأنينة طوال مدة الجلسة الجانبية، في دلالة إلى «السلام الداخلي» الذي يسكنه، على رغم من كل أعباء المرحلة وتهديدات الحرب. أمّا سر هذا الهدوء وسط العواصف، فبسيط ويشرحه كالآتي: «نحن نفعل كل ما يتوجّب فعله حتى نؤدّي تكليفنا بأفضل طريقة ممكنة، وبعد ذلك يصبح الباقي عند الله...».

يروي لنا «الشيخ»، أنّ أحد القريبين منه زاره خلال الحرب الأخيرة بعد اغتيال السيد حسن نصرالله وقال له: «أخشى أن نكون قد انتهينا»، فأجابه: «نعم، لقد تلقّينا ضربة قوية لكن لم ننتهِ، والأيام ستُثبِت صحة ذلك». ويُضيف: «بعد فترة، اعترف لي الشخص نفسه بأنّه استعجل في حُكمه، وبأنّني كنتُ على حق». وضمن سياق الأخذ والردّ، يوضّح «الشيخ» أنّه ليس من النوع الذي ينفعل أو يتوتر مهما كان الحدث قاسياً وصادماً، بل يحافظ على تماسكه ورباطة جأشه في أصعب الظروف: «بدايةً أتأكّد من صحة الحدث قبل أن أبدي أي ردّ فعل، ثم إذا تأكّدتُ منه أبحث بعقل بارد وأعصاب هادئة في الخيارات المتوافرة للتعامل معه بعيداً من الاضطراب والتشنّج. هكذا يجب أن يتصرّف مَن هو في موقع المسؤولية، فلا يَميل يميناً مرّة ويساراً مرّة أخرى تحت تأثير هذا الخبر أو تلك الشائعة».

وكلّما تسنّى له الوقت، يشاهد الشيخ قاسم التلفزيون، خصوصاً الأخبار والبرامج السياسية، واللافت أنّه استعاد بالحرف ما أدلى به مواطنون عاديّون ينتمون إلى بيئة المقاومة خلال إطلالات لهم عبر الشاشات، مشيراً إلى أنّ هؤلاء الناس تركوا فيه أثراً كبيراً بفعل عزيمتهم وصدقهم.

يكشف أنّه يتلقّى يومياً من الجهات المختصة في «الحزب» مجموعة تقارير تتوزّع بين السياسي والإعلامي والأمني والتنظيمي، بالإضافة إلى أنّ خطوطه مع مسؤولي «الحزب» وبعض القيادات السياسية لا تنقطع عبر استخدام وسائل تواصل آمنة، ما يمنحه القدرة على الإحاطة الشاملة بجميع الأمور وبتفاصيل كل الملفات، حتى يستطيع أن يتخذ القرارات المناسبة.

بعد حين، أبلغ المسؤول عن التحضيرات المتصلة بالحلقة إلى «الشيخ»، بأنّ كل الاستعدادات اكتملت لبدء الحوار، فارتدى عباءته ووضع العمامة على رأسه، وانتقلنا إلى غرفة مجاورة حوّلها فريق خاص ومختص «استوديو» مكتمل العناصر. ما أن جلس «الشيخ» على مقعده حتى طلب تعديل برودة المكيّف، فيما كانت عيناه تجولان على التفاصيل للإطمئنان إلى أنّها منجَزة في الشكل المطلوب.

أثناء الفاصل، سُئل «الشيخ» عمّا إذا كان يرغب في تناول كوب من العصير الطبيعي، فأجاب بالنفي، شارحاً لنا أنّه يمتنع قبيل ساعات من أي مقابلة أو إطلالة عن الشراب والطعام، لأنّ ذلك يمنحه راحة أكبر، وموضّحاً أنّ لديه اقتناعاً بـ»أنّ عليك أن تتحكّم بجسدك، لا أن تدع جسدك يتحكّم بك».

عقب انتهاء الحلقة، وعلى رغم من الوقت الطويل الذي استغرقته على امتداد ساعتَين ونصف ساعة، دعانا «الشيخ» إلى أن نستكمل الجلسة بعيداً من الأضواء في القاعة المجاورة، قبل أن يطرأ في اللحظة الأخيرة تعديل استوجب أن يغادر فوراً، فتمنّى علينا أن نتفهّم ظروفه الاستثنائية وودّعنا بالحرارة التي استقبلنا بها، ثم قفلنا عائدين من حيث أتينا، وفق الآلية نفسها التي تمّ اعتمادها في الذهاب.

عماد مرمل - الجمهورية

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا