التحضيرات لزيارة البابا أنجِزت تقريبا والسفارة البابوية ممتنة
شبكات سرية في قلب باريس.. فرنسا تواجه حرب تجسس مزدوجة من الإخوان وطهران
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، وازدياد النشاط الاستخباراتي في أوروبا، تواجه فرنسا، اليوم، ما يمكن وصفه بخطر مزدوج، يتمثل في محاولات النفوذ والتجنيد التي يمارسها كل من جماعة الإخوان المسلمين، والنظام الإيراني داخل أراضيها.
وبعد أشهر من صدور تقرير رسمي يُحذّر من تنامي نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في الضواحي الفرنسية، ويعتبر أن الحركة تشكّل "تهديدًا للتماسك الوطني"، ظهر تقرير حديث يسلط الضوء على شبكات التجسس الإيرانية وكيفية سعيها إلى تشكيل نفوذ سياسي وأمني واسع.
التقرير الجديد قدم، يوم 29 أكتوبر الماضي، إلى البرلمان ووزارة الداخلية الفرنسيين، عن أساليب التجسس والاستخبارات التي يعتمدها النظام الإيراني في فرنسا، إذ ركز على كيفية استقطاب الطلبة والشباب، وبناء شبكات تأثير داخل المجتمع الفرنسي.
أحد الفصول المهمة من التقرير، أعده ماتيو غاديري، الذي عمل على اختراق أجهزة المخابرات الإيرانية لصالح الاستخبارات الفرنسية منذ ثمانينيات القرن الماضي، ويوضح أن طهران طورت على مر العقود إستراتيجيات متعددة لاستقطاب وكلاء وداعمين في أوروبا الغربية.
تاريخ من التجسس
وبيّن غاديري أنه بعد الثورة الإيرانية العام 1979، أسست إيران وزارة المخابرات بالتعاون مع السوفييت، لكنها كانت تفتقر إلى شبكات على الأراضي الغربية.
وفي الثمانينيات، لجأت طهران إلى منظمات خارجية. وفي ذلك الوقت، كانت هذه المنظمات الإرهابية تنفذ العديد من الهجمات التي أمرت بها طهران.
ومع مرور الوقت، واكتساب النظام الإيراني خبرة أكبر، توسعت طرق التجسس لتشمل شبكات الجريمة المنظمة، مستغلة عناصر من المافيا الإيرانية، بهدف تنفيذ اغتيالات وعمليات خارجية دون تعريض عملائها المباشرين للخطر.
ومنذ منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، أدركت طهران أن استخدام عملاء غير معلنين من الجريمة المنظمة هو أكثر أمانًا وفعالية.
وبحسب التقرير، اعتمدت طهران على هذه الشبكات لتسهيل عملياتها، مستعينة بالمجرمين لتنفيذ عمليات اغتيال مقابل أجر منخفض، كما حدث في محاولة اغتيال الناشطة الإيرانية مسيح علي نجاد في نيويورك، حيث كان منفذو العملية أعضاء في عصابة من أوروبا الشرقية.
كذلك يقول غاديري إن النظام الإيراني استهدف منذ الثمانينيات الأوساط الطلابية في فرنسا، مستغلاً الشباب الإيرانيين وغيرهم من الطلبة المسلمين من أفريقيا والمغرب العربي. وركز على الجامعات لتجنيد الشباب، مستغلاً في البداية القضية الفلسطينية لجذب اهتمام الطلاب الغربيين قبل الترويج للأجندة الإيرانية.
كما أسس مراكز ثقافية ومساجد في باريس، استغلها لاستقطاب المثقفين والطلبة، وتقديم منح دراسية، وتنظيم زيارات إلى إيران، ما عزز من شبكة التأثير الإيرانية على الشباب الغربيين.
الشبكات الدولية
يبرز التقرير كذلك أن إيران تعتمد على شبكات الجريمة المنظمة في أوروبا، بما في ذلك أوروبا الشرقية وشمال أفريقيا، لتنفيذ عمليات خارجية.
كما تستفيد من خبرات دول، مستوحاة جزئيًا من تقنيات المخابرات السوفييتية، لتنفيذ أنشطة تجسس أو محاولة تصفية معارضين، كما كان الحال في محاولة اختطاف المعارض أمير بوخرص في فرنسا، حيث يُشتبه بأن موظفًا دبلوماسياً، سابقاً، تورط فيها.
وحدد التقرير 5 شروط رئيسة لاختيار العملاء، هي: معاداة الإمبريالية، ومعاداة الاستعمار، والرغبة في القضاء على إسرائيل، واستغلال القضية الفلسطينية لتحقيق أهداف سياسية، واعتبار الغرب هو العدو الثاني بعد إسرائيل.
ووفقاً لغاديري استغلت إيران العلاقات مع حماس والجهاد الإسلامي لتقريب العلاقات مع الإخوان المسلمين، مستغلة أهدافًا مشتركة مثل مواجهة إسرائيل والغرب، بهدف تنفيذ عمليات نفوذ وتجنيد، إلا أن الأعمال الإرهابية غالبًا ما ينفذها عملاء من الجريمة المنظمة، وليس الجماعات الدينية مباشرة.
وأشار التقرير إلى أن إيران استلهمت العديد من أساليب عملها من المخابرات الروسية، مع تعديلها لتتماشى مع النظام الإيراني، منوهاً إلى أن عملاء المخابرات ينقسمون إلى قسمين، أولهما "العملاء المعلنون"، وهم مسؤولون عن إيجاد داعمين داخل فرنسا، مثل الصحفيين والأساتذة والطلبة، ويعملون، غالبًا، تحت غطاء دبلوماسي ثقافي.
والقسم الثاني "العملاء السريون" ويقومون بتجنيد عملاء خفيين ويعملون خارج فرنسا أو في الدول المجاورة مثل ألمانيا وإسبانيا، لتجنب كشف السلطات المحلية.
يشار إلى أنه، يونيو/ حزيران الماضي، صدر تقرير استخباراتي يحذّر من تنامي نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في الضواحي الفرنسية، معتبرًا أن الجماعة تشكل "تهديدًا للتماسك الوطني".
التقرير استند إلى معلومات استخباراتية حول أساليب دخول الجماعة إلى البلاد، وتوسع وجودها في المجالات الاجتماعية والسياسية، مع التركيز على ما أُطلق عليه "الإسلاموية البلدية"، وتأثيرها على السياسات المحلية.
وحذّر التقرير من أن التهديد لا يقتصر على العنف المباشر، بل يتمثل في التآكل التدريجي للقيم العلمانية، ما قد ينعكس على مؤسسات الجمهورية والتماسك الوطني. وأشار إلى أن الجماعة تنشط في التأثير على المسؤولين المحليين، وتستفيد من موارد مالية وإعلامية ومجتمعية لتوسيع نفوذها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|