قمم الرياض الثلاثة منعطفاً سياسياً في علاقات العالم العربي مع الصين
شكلت قم الرياض الثلاثة الصينية - السعودية والصينية -الخليجية والصينية- العربية حدثا بارزا ومنعطفا سياسيا كبيرا في سياق علاقات العالم العربي عامة ودول الخليج خاصة، لا سيما مع المملكة العربية السعودية مع الصين، خاصة أنها تأتي في لحظة يشعر بها العالم أجمع بالتوتر والقلق خوفا على أمنه الغذائي وأمن الطاقة وتأثير التغير المناخي، وسط مؤشرات مقلقة حول معدلات النمو العالمي تحت وطأة الأزمات ومنها الأزمة الأوكرانية الى جانب تداعيات فيروس كورونا وسط توقعات ببتراجع معدل النمو العالمي الى 2.3 بالمئة العام القادم مقارنة مع 3.2 للعام الجاري وفقا لصندوق النقد الدولي الذي نبه الى ان اكثر من ثلث الاقتصادات ماض نحو ركود في العام الحالي او المقبل، وبأن اكبر ثلاثة اقتصادات في العالم وهي الولايات المتحدة الأميركية والصين والاتحاد الأوروبي ستستمر في التعثر.
وتكمن أهمية هذه القمم في مكان انعقادها في المملكة العربية السعودية، التي ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الاميركية منذ عقود، خاصة ان الاخيرة تعتبر المنافس الأول للصين الذي تعتبر ثاني اكبر اقتصاد عالمي وتتخوف اميركا من منافسته الشرسة، وذلك بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ وبضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك سمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
ولا يمكننا اعتبار هذه القمم الثلاثة محطة عابرة في تاريخ العلاقات بين الصين والدول العربية وانما تؤسس لشراكات قوية على المدى المنظور ربما تؤرق العالم بأسره وخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي تمتلك أكبر اقتصاد في العالم، هذا ولم يتطرق اعلان الرياض الصادر عن القمة الصينية - العربية الى مجالات التعاون الاقتصادي وحسب بل طال قضايا مصيرية واولها القضية الفلسطينية، مؤكدا على أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية في الشرق الأوسط تتطلب إيجاد حل عادل ودائم لها على أساس حل الدولتين، كما طالب "اعلان الرياض" بايجاد حلول سياسية للأزمات والقضايا الإقليمية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات والمرجعيات ذات الصلة، وخاصة الأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن ودعم الجهود التي يبذلها لبنان والصومال والسودان لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار ومكافحة الإرهاب...
لا شك ان لـ"اعلان الرياض" تأثير ووقع على الدول الكبرى بما فيها الولايات المتحدة الأميركية خاصة انه اكد صراحة على التعاون العربي الصيني في تدعيم أمن الدول العربية حيث اكد الجانب الصيني على دعمه للدول العربية لحل القضايا الأمنية في المنطقة عن طريق التضامن والتعاون ودعمه للشعوب العربية لاستكشاف طرق تنموية خاصة بها بإرادتها المستقلة. كما تطرق اعلان الرياض الى مسألة تقلق الصين ومخاوف من اعتراف المجتمع الدولي باستقلال تايوان بعد ان عاد هذا الملف الى الواجهة مؤخرا عقب زيارة قامت بها رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي شهر آب الماضي الى تايوان وما تبعه من اعلان الصين عن مناورات في المياه في المياه المحيطة بتايوان أعقبها تصريحات عن نائب وزيرر الخارجية الصيني شيه فنغ شيه بأن الصن لن تقف مكتوفة الأيدي، مما ضاعف من وتيرة المخاوف من التصعيد بين تايوان والصين عقب هذه الزيارة الأميركية. وقد اكد اعلان الرياض التزام الدول العربية الثابت بمبدأ الصين الواحدة، ودعمها لجهود الصين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد مجدداً على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض "استقلال" "تايوان بكافة أشكاله.
الثابت والمؤكد أن الصين تسعى من خلال هذه العلاقة مع الدول العربية عامة ودول الخليج خاصة الى تعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية في العالم على حساب الولايات المتحدة الأميركية انفاذا للمبادرة التي اطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 والتي تحمل شعار "حزام واحد، طريق واحد"، يبقى السؤال ما هو مستقبل هذه العلاقة وما فائدة الدول العربية منها بعد ارتباطها لسنوات بعلاقات متينة مع الولايات المتحدة باعتبارها الضمانة الأقوى لتدعيم اقتصاداتها.
ميساء عبد الخالق
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|