إسرائيل تستغل التوترات في سوريا ولبنان لتكريس معادلة "الكونتونات"؟!
لا يمكن التعامل مع الجولة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو داخل الأراضي السورية، هذا الأسبوع، على أساس أنها تفصيل عابر، خصوصاً أنها جاءت بعد اللقاء الذي جمع الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن، من دون أن يقود ذلك إلى الخطوة التي كانت منتظرة، أي توقيع إتفاق أمني بين تل أبيب ودمشق، لا بل ان وسائل الإعلام العبرية تحدثت أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، بسبب تمسك سوريا بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي سيطر عليها بعد سقوط النظام السابق.
في الأيام الماضية، بادر نتانياهو إلى الحديث عن أن من مصلحة سوريا التوصل إلى تفاهمات أمنية مع إسرائيل، لكنه شدد على أن الأخيرة لن تفرط في أمن حدودها، بينما كان الشرع قد أعلن، قبل ذلك، أن نزع السلاح في منطقة جنوب دمشق صعب التنفيذ، سائلاً: "إذا استخدمت هذه المنطقة المنزوعة السلاح كنقطة انطلاق لضرب إسرائيل، فمن سيتحمل المسؤولية"؟.
إنطلاقاً من ذلك، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أراد، من خلال الجولة التي قام بها داخل الأراضي السورية، التأكيد على أن تل أبيب لن تقدم أي تنازلات في هذا الملف، خصوصاً في ظل التفوق العسكري الذي باتت تتمتع به على مستوى المنطقة، بغض النظر عما يحصل بين واشنطن ودمشق من إتفاقات، نظراً إلى أنها تعتبر الأمر قضية أمن قومي، لا بل أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين تحدثوا عن أن ما تقوم به من تحركات، هو من الدروس المستخلصة بعد عملية "طوفان الأقصى".
بالنسبة إلى هذه المصادر، تؤكد إسرائيل، في كل يوم، أن لديها مشروعاً واسعاً لن تتخلى عنه، لا بل ترى أن الفرصة مناسبة، في الوقت الراهن، للذهاب بعيداً في تنفيذه، لافتة إلى أن الساحة السورية هي المسرح الأساسي له، وهو يقوم على تقسيم دول المنطقة إلى كونتونات، طائفية وعرقية، تقدم نفسها على أنها الحامية لكل منها، كما يحصل مع الدروز في محافظة السويداء السورية، وتضيف: "في الأصل تسعى تل أبيب إلى تعزيز مخاوف الأقليات، وهي عمدت في الفترة الماضية إلى تنظيم مؤتمر خاص لهم في تل أبيب".
ضمن هذا السياق، ينبغي فهم التصريحات التي كانت قد أدلت بها مستشارة نتانياهو للشؤون الدولية كارولين غليك، التي تحدثت عن تغير في رؤية سكان المنطقة بشأن إسرائيل، لافتة إلى أن "الأقليات في المنطقة يرون فيها صديقة لهم أخيراً"، لكن الأبرز يبقى طرحها علامات إستفهام حول دور واشنطن، فيما لو نجحت السلطة الإنتقالية في دمشق في القضاء على الدروز، من خلال الإشارة إلى أن "الدور التالي سيكون الأكراد والعلويين، ثم نجد الجيش التركي في سوريا، فهل ستأتي الولايات المتحدة لإنهاء هذا الوضع"؟.
في هذا المجال، تعتبر المصادر المتابعة أن الأخطر في الطرح الإسرائيلي هو أنه يأتي في مرحلة تفكك سياسي وإجتماعي في المنطقة، حيث أنه ينم عن تفكير إستراتيجي داخل تل أبيب، يقوم على إستغلال الصدامات الداخلية، التي وقعت في سوريا والتي تدفع إليها هي نفسها في لبنان، لتقديم نفسها الجانب القادر على تأمين الحماية لمن يحتاج لها، في ظل المشاكل التي يعاني منها البلدان والضغوط التي يتعرضان لها، من دون تجاهل التوترات الداخلية التي من المرجح أن تتصاعد أكثر في كليهما.
وتدعو المصادر نفسها إلى التوقف عند نقطتين فيما أدلت به غليك: الأولى السعي إلى تكبير الخطر التركي، بالرغم من أنها تدرك أن أنقرة لن تذهب إلى أي مغامرة مباشرة في الداخل السوري، إلا أن الهدف هو السعي إلى تعزيز مخاوف الأقليات بشكل أكبر، أما الثانية فهي طرح علامات الإستفهام حول الدور الأميركي، حيث أنها أرادت أن تقول أن تل أبيب هي الوحيدة الضامنة لتلك الأقليات.
في المحصلة، ترى هذه المصادر أن المشكلة الرئيسية تكمن بمواقف التي تعتبر نفسها فاعلة في سوريا ولبنان، نظراً إلى أنها لا تأخذ بعين الإعتبار مخاطر المشروع الإسرائيلي، فهي في دمشق لا تمارس الضغوط اللازمة لإقناع السلطة الإنتقالية في تغيير سلوكها، في حال كانت قادرة على ذلك أصلاً، بينما في بيروت تلعب دوراً في زيادة التوترات الداخلية، التي لن تصب، في نهاية المطاف، إلا في صالح تل أبيب.
ماهر الخطيب - النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|