ما سر الاستنفار الإيراني غير المسبوق بعد اغتيال "الرجل 2" في الحزب؟

أعاد مقتل هيثم الطبطبائي، المسؤول العسكري الأرفع في حزب الله، في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، رسم ملامح مرحلة سياسية- أمنية جديدة، بعدما حملت عملية الاغتيال دلالات تتجاوز كونها ضربة نوعية في لحظة اشتباك إقليمي، لتتحول إلى مؤشر على تحوّل أعمق في بنية السيطرة الإيرانية على القرار القتالي في لبنان.

ويشرح سياسي لبناني واسع الخبرة، في حديث إلى kataeb.org، أن طبيعة المواجهة بين إسرائيل والجهاز الإيراني الذي يدير حزب الله لا يمكن إدراجها ضمن نموذج صراع بين خصمين متكافئين، بل ضمن مواجهة بين منظومة تعتمد الذكاء الصناعي والتفوق التقني، ومنظومة تتغذى على الرؤية العقائدية وتحارب بمنطق مختلف، الأمر الذي يجعل خطوط الاشتباك غير مستقيمة ويميل بكفة التوازن نحو الطرف الأكثر قدرة على فرض إيقاع التكنولوجيا على أرض المعركة.

ويشير السياسي إلى أن حجم المفاجأة لم يكمن فقط في الجهة التي استُهدفت، بل في الهوية التي يحملها الرجل الثاني في قيادة الحزب العسكرية، إذ تبين أن الطبطبائي يحمل الجنسية الإيرانية، ما يعكس بوضوح أن طهران لا تعمل وفق صيغة الدعم من بعيد، بل تتعامل مع البنية القتالية للحزب كامتداد عضوي لها، وتدير مفاصله الحاسمة بإشراف مباشر، من دون فواصل سياسية أو سيادية.

وقد بدا لافتًا بحسب السياسي عينه، أن السفارة الإيرانية في بيروت أصدرت بيان الإدانة خلال دقائق من تأكيد إسرائيل هوية المستهدف، وهي سرعة اعتُبرت في الأوساط الدبلوماسية والسياسية إشارة على أن طهران تعاملت مع العملية كأنها تطالها في العمق، لا سيما أن الطبطبائي كان يشغل موقعاً تولاه بعد اغتيال عماد مغنية، ما جعله أحد أعمدة البنية التي تعتمد عليها إيران في تحريك ملفاتها الإقليمية الأكثر حساسية.

على مستوى آخر، يكشف مصدر أمني مطلع لموقعنا أن تنفيذ العملية بالدقة الزمنية التي ظهرت في المشهد لم يكن ممكنًا لولا وجود ثغرات بشرية داخل البيئة المحيطة بالضاحية، مؤكدًا أن اعترافات إسرائيلية لاحقة تحدثت عن إحداثيات ميدانية وصلت في لحظتها، وهو ما يعني أن الاختراق الاستخباراتي داخل المنظومة الأمنية للحزب لم يُستأصل كما يُشاع، وأن القدرة على النفاذ إلى الطبقات التنظيمية الحساسة لا تزال قائمة رغم كل إجراءات الحماية التي يعتمدها الحزب منذ سنوات

شادي هيلانة -kataeb.org