الصحافة

"الحزب" يبتعد عن "طريق القدس" وبرّي يتجاهل "الحركة"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

دخل لبنان مدار الزيارة البابوية المنتظرة. أيام وترتسم لوحتان متناقضتان: الأولى ملوّنة بخطوط السلام والاستقرار الذي يتوق إليه اللبنانيون، ويحمله إليهم البابا لاوون الرابع عشر برسالة رجاء ودعم، والثانية ملطّخة بمسارات التصعيد والحرب، المدفوعة من محور “المعاندة” بقيادة طهران. وتشهد بيروت هذا الأسبوع حراكًا دبلوماسيًّا، ينذر بمرحلة دقيقة على صعيد الترسيم والأمن والمفاوضات.

عقب اغتيال رئيس هيئة أركان “حزب الله”، هيثم علي الطبطبائي، برزت مواقف متناقضة كشفت حجم الإرباك داخل “الممانعة”. ففي وقت أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن “طهران لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبنان، وأن القرار يعود للبنانيين”، خرج “الحرس الثوري” بتصعيد ناري، متوعّدًا بـ “ردّ ساحق” على إسرائيل، وبثأر “سيأتي في الوقت المناسب”. هذا التباين في الخطاب يعكس مأزقًا مزدوجًا: عجز عن مواجهة إسرائيل ميدانيًا، وضعف أكبر في إقناع جمهور “المقاومة” بأن الأخيرة استعادت عافيتها القيادية وتحصيناتها ضدّ الخرق الأمني.

“الحزب” يتنقل بين المصطلحات

في هذا السياق، برزت مؤشرات لا يمكن فصلها عن التحول الجاري داخل البيئة السياسية الشيعية قبل غيرها، بدءًا من المعجم الجديد الذي استخدمه “حزب الله” في بيانات النعي. فقد لفت المتابعين تنقل “الحزب” بين المصطلحات، بحيث أسقط في بياناته عبارة “شهيدًا على طريق القدس”، واستعاض عنها بمفردة جديدة هي “شهيدًا فداءً للبنان وشعبه”. هذا التحول يُقرأ كاستجابة لحالة التململ الواسعة داخل الطائفة، والرافضة للانخراط في مسارات صدامية، تتجاوز حدود الدولة وتفرض عليها أثمانًا كارثية، والمطالبة بالعودة إلى فكر الإمام محمد مهدي شمس الدين، القائم على مبدأ الدولة الجامعة التي تُدمج فيها الطائفة الشيعية بلا مشروع موازٍ أو خصوصية فوق الدولة.

تجاهل مقصود؟

التحوّل في لغة المصطلحات لم يأتِ من فراغ، بل مهّد له “توأم” الحزب السياسي، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أصدر بيانًا لافتًا في الشكل والمضمون عقب استهداف بلدة الطيري وإصابة حافلة تقلّ طلابًا. ففي بيانه، دعا بري صراحة إلى رفع شكوى أمام مجلس الأمن الدولي، لكنه في المقابل تجاهل كليًّا الإشارة إلى الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مقرًّا لحركة “حماس” في مخيم عين الحلوة، متجنبًا ذكرها تمامًا. وتشير مصادر مطلعة إلى أن قيادة “حماس” أجرت مراجعات عاجلة في هذا الشأن، لكنها لم تتلق أي جواب، سوى الصمت.

أربعاء التفاوض والترسيم

على خط موازٍ، تستعد بيروت لاستقبال وزير الخارجية المصري بدر أحمد عبد العاطي في زيارة وُصفت بأنها قصيرة في الزمن ولكن مثقلة في المضمون. ووفق المعلومات المتقاطعة، فإن ما يحمله ليس مبادرة كاملة بعد، بل ورقة أفكار قابلة للتطوير، لكنها هذه المرة محاطة بزخم عربي ودولي استثنائي، بعد سلسلة لقاءات مكوكية أجراها الوزير المصري، أبرزها مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان. المسودة التي يحملها تتضمن مقترحات عملية لتدعيم الوضع الداخلي اللبناني وتحسين شروط حماية الدولة ومؤسساتها في مواجهة الاستحقاقات المصيرية، غير أن بعضها يحتاج إلى قرارات لبنانية جريئة تتجاوز حدود إدارة الأزمة، إلى الشروع في تغيير بنيوي في المقاربة السياسية والأمنية والاستراتيجية. وبين لغة جديدة في الضاحية، وصمت مدروس في عين التينة، وورقة أفكار مصرية ـ عربية على الطاولة، يبدو أن لبنان يدخل مرحلة إعادة تعريف لما هو “لبناني أولًا” وما هو أبعد من ذلك.

أما على خط العلاقات اللبنانية – القبرصية، فمن المتوقع أن يتصدر ملف النفط والغاز وترسيم الحدود جدول أعمال زيارة الرئيس القبرصي إلى بيروت، لا سيما بعد إقرار الحكومة اللبنانية ملف الترسيم البحري. وستتطرق القمة المرتقبة في بعبدا بين الرئيس جوزاف عون ونظيره القبرصي إلى ملفات سياسية وأمنية، في ضوء الدور الذي تلعبه قبرص، بعلاقاتها الإقليمية والدولية الواسعة، واطلاعها على مسار التطورات في المنطقة.

لا جواب أميركي

بعد أزمة إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن، أشارت معلومات “نداء الوطن” الى أن رئيس الجمهورية يتولّى شخصيًا إدارة الاتصالات لمعالجة تداعيات الخطوة، وقد أجرى تواصلًا مباشرًا مع سفيرة لبنان في واشنطن من جهة، ومع السفير الأميركي في بيروت من جهة أخرى. غير أن الجواب الأميركي حتى الآن ظل مقتضبًا: “الموضوع قيد الدرس والمتابعة”.

تل أبيب تحذر

تشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن “حزب الله” يدرس خيارات عدة للردّ على اغتيال الطبطبائي، منها إطلاق صواريخ أو تنفيذ عمليات اقتحام على الحدود الجنوبية. في المقابل، أكدت تل أبيب أنها ستواصل ضرب جهود “الحزب” لإعادة بناء قوته، وقد وجّهت رسالة تحذير له وللحكومة اللبنانية بأن أي هجوم سيقابَل بردّ “غير متناسب”. كما رفعت منظومتها الأمنية حالة التأهّب في الشمال، تحسّبًا لأي تصعيد. في هذا الإطار، تحدثت “هيئة البث الإسرائيلية”، عن تنسيق غير مسبوق بين “حزب الله” و”حماس” في الأشهر الأخيرة، وتحضير المئات من “الحركة” في لبنان للالتحاق بالـ “الحزب”، عند أي مواجهة قادمة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا