رودولف هيكل رقم صعب تأخذه واشنطن في الاعتبار
قائد الجيش العماد رودولف هيكل «رقم صعب» لا غنى عنه حتى في الحسابات الأميركية التي حاولت لاحقا تفسير عدم استقباله في واشنطن بالموعد المحدد له بتفسير أن قائد المنطقة الوسطى الأدميرال براد كوبر كان خارج الولايات المتحدة. وأن المسألة كانت بهدف تأجيل الزيارة لا أكثر ولا أقل. فواشنطن تدرك أن قائد الجيش ملتزم بقرار السلطة السياسية بحصرية السلاح بيد الدولة. ولكن قائد الجيش يعرف جيدا أن السلوك الاسرائيلي في الجنوب اللبناني عبر الاعتداءات المستمرة ومحاولات تجديد التوغل الاسرائيلي داخله وإقامة «خط أصفر» ومنطقة عازلة ووضع قيود على انتشار الجيش باتجاه القرى الحدودية، يعرف أن هذا السلوك الاسرائيلي غرضه «رفض التفاوض» مع لبنان وفقا للأجندة المحددة من الأمم المتحدة ومن «لجنة الميكانيزم» ووفقا للقرار 1701.
وموقف قائد الجيش هذا هو فرصة تاريخية لإنجاز مفهوم السيادة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية وهذا ما تعيقه اسرائيل تحديدا. وبالتالي فإن عرض التفاوض من لبنان الرسمي على اسرائيل شكّل تجاوبا مع ما تريده واشنطن وأوروبا وروسيا والصين والدول العربية، وتحديدا المملكة العربية السعودية التي اختبرت المؤسسة العسكرية في ضبط محاولات تهريب المخدرات إليها وموضوع الاتّجار بالبشر والأطفال وتبييض الأموال.
والملاحظ أن العماد رودولف هيكل «غير ميّال» إلى كثرة الكلام أو إلى تبرير موقفه. فهو يؤْثر العمل الصامت والمنتج أي أنه عسكري ومهني بامتياز. ويعرف جيدا تعقيدات الوضع الداخلي اللبناني وما يقتضيه ذلك من الالتفاف حول الدولة وبنائها وفقا لاعتبارات داخلية لبنانية متشابكة باعتبارات الخارج الدولي والاقليمي. وباختصار شديد هو ملتزم بالتوجيهات الرسمية للسلطة السياسية. وإذا كان هناك مأخذ خارجي فينبغي معالجته مع هذه السلطة بالذات التي يدها مفتوحة على واشنطن على ما يقول رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور نواف سلام بأن «لبنان لن يفوّت فرصة التغيير في المنطقة هذه المرة» أي أن لبنان متجاوب مع مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام ومع الشرْكة الاستراتيجية الأميركية السعودية بين سيد البيت الأبيض وولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان. ولذلك كان تصريح الدكتور نواف سلام واضحا بـ «تجديد الالتزام بالتفاوض مع اسرائيل، وخصوصا أن خطط نزع السلاح في الجنوب تسير بشكل صحيح».
والواضح أن لبنان الرسمي يحاول قطع الطريق على «حرب اسرائيلية واسعة» على لبنان عبر»خيار التفاوض» وزيارة البابا إلى لبنان ومبادرة سعودية مرتقبة باستقبال الصادرات اللبنانية وبخطوة لإعادة الإعمار في ظل دور سعودي مؤثر في لبنان لانتشاله مما هو فيه... وكذلك في الرهان على حوار منتظر في مدى زمني قريب بين قائد الجيش العماد رودولف هيكل وقائد المنطقة الوسطى والمسؤولين الأميركيين. وهنا ثمة إشارات إيجابية من جانب السفير الجديد في لبنان ميشال عيسى الذي تربطه علاقات مميزة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يأخذ بنصائحه ومعلوماته.
ومع ذلك نقطة الضعف اللبنانية تتمثل بأن هناك من يعترض على الموقف الرسمي من التفاوض من أكثر من جهة لبنانية ومن اتجاهات سياسية متعارضة. وهذه «الثغرة اللبنانية» يعمل عليها وعلى تعميقها اليمين الديني اليهودي ورئيس الحكومة الاسرائيلية بغرض التأثير في السياسة الأميركية – الأميركية التي لا بديل عنها في المنطقة ولبنان لمصلحة السياسة الأميركية – الاسرائيلية التي تحوّل لبنان كبش فداء تعطي اسرائيل مساحة في النفوذ اللبناني.
وهكذا فإن سياسة التحريض على موقف «التفاوض اللبناني» تندرج في إطار المساس بالسيادة اللبنانية من أي جهة أتت. من هنا، لفت قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى أن الظروف الاستثنائية تستلزم أعلى درجات الحكمة والحزم والربط بين المصلحة الوطنية والسلم الأهلي. ولاقاه في موقفه هذا الرئيس العماد جوزاف عون بالعودة إلى حضن الوطن وتحت سقف الدولة الحصري وتجديد التأكيد على التفاوض برعاية أممية أو أميركية أو دولية.
عبد الهادي محفوظ-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|