الصحافة

غليان في السويداء: الهجري "يؤدّب" معارضيه

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عادت السويداء إلى الواجهة من جديد، لكن هذه المرة على إيقاع داخلي. فمشهد الاعتقالات التي طاولت وجوهاً تصدّرت الساحة بعد سقوط النظام السابق ثم غابت تدريجياً، أعاد طرح تساؤلات كثيرة، لا تقتصر على هوّية اللاعب الأبرز في ظلّ تدويل ملفّ المحافظة التي تتطلّع إلى الاستقلال، إنّما تتعدّاها إلى حدود الخلافات والتنافس الخفي داخل المجتمع الدرزي نفسه.

وظهيرة السبت الماضي، شنّت قوات «الحرس الوطني» التابعة للشيخ حكمت الهجري - التي تأسّست في آب عقب أعمال العنف التي شهدتها المحافظة منتصف تموز - حملة اعتقالات مفاجئة في مدينة شهبا، طاولت نحو عشرة أشخاص. وبعد انتشار مشاهد مسرّبة لعمليات الاعتقال، برّرت القوات هذه الخطوة، في بيان، بأنها جاءت على خلفية «التخطيط لخرق أمني داخلي خطير يمهّد لهجوم بربري يستهدف أعراضنا ونساءنا وأطفالنا وأرضنا الطاهرة، مقابل حفنة من الأموال الملوّثة بالخيانة»، لافتة إلى أنّ العملية «جاءت بناءً على معلومات مؤكّدة وموثوقة تكشف مؤامرة دنيئة وخيانة عظمى».

وشملت الحملة، التي جرت وسط حال من التوتر والانتشار الأمني، كلّاً من الشيخ رائد المتني (الذي ترأّس المجلس العسكري بعد سقوط النظام) والشيخ عاصم أبو فخر وغاندي أبو فخر وماهر فلحوط وزيدان زيدان وعلم الدين زيدان. وتجمع هؤلاء صِلة قرابة بليث البلعوس، المقرّب حالياً من سلطة دمشق، شأنه شأن سليمان عبد الباقي (مدير أمن السويداء)، الذي تعرّض منزله إلى اعتداء من قبل «الحرس الوطني»، بحسب روايته. وقال عبد الباقي، إنّ «العصابات حاولت اختطاف والدي وهاجمت منزلي (...) أخلينا منزلنا بالمحافظة تجنّباً لإراقة الدماء»، لافتاً إلى «(أننا) دفعنا ثمن إعاقة عمل الدولة بالمحافظة»، وأنّ «الدولة السورية قادرة على الحسم لكن نريد تجنب الدماء». أيضاً، شملت المداهمات منازل أشخاص قالت مصادر محسوبة على «الحرس»، إنّ «لديهم ارتباطات أمنيّة مع السلطة».

وإزاء ما تقدّم، يقول مصدر أهلي، في حديثه إلى «الأخبار»، إنّ دوافع الاعتقالات «تبدو ظاهرياً أمنيّة استباقية، لكن ما يتداوله الوسط المحلّي يشير إلى أنّ المجموعة المعتقلة كانت تُعدّ لانقلاب ناعم يبدأ من داخل الحرس نفسه، عبر استقطاب أعضاء سابقين فيه. ويضيف أنّ «بعض الأطراف في السويداء، الموالية للبلعوس وعبد الباقي، لم تغادر المحافظة واستمرّت في تلقّي دعم مادي منهما، وهي تعوّل على شقّ صف الحرس بفتح ثغرة في خطوط التّماس الغربية مع قوات الحكومة الانتقالية، وخصوصاً في منطقة المزرعة، بهدف تحقيق تقدّم عسكري سريع وفرض واقع ميداني يؤسّس لاحقاً لتسوية تحت الضغط مع حكومة الشرع»، متسائلاً: «لماذا يستخفّ عبد الباقي إذاً بصعوبة اختراق خطوط النار؟».

في المقابل، لم يخفّف بيان «الحرس الوطني»، والذي أُعلن فيه «توقيف عنصرين من الحرس بسبب تصرّف مخالف للانضباط العسكري ومنافٍ للعادات والتقاليد»، من حال الاستياء التي اجتاحت الشارع الدرزي، ولا سيّما بعد انتشار مشاهد يُهان فيها الشيخ المتني، ذو الثقل الروحي، عبر حلق لحيته وتوجيه الشتائم إليه. وأعادت هذه الصورة إلى الأذهان ذكرى بشعة للشارع نفسه، قد تشتعل على إثرها فتنة درزية – درزية، على خلفيّة الإساءة إلى عادات وتقاليد اجتماعية محافظة تحكم ضوابط التعامل مع رموز الدين.

وفي هذا السياق، يشير مصدر محلّي آخر في السويداء، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنّ الخوف يتزايد من «تعمّق الشرخ الداخلي في المحافظة وفقدان القدرة على إدارة الخلافات». ولا يستبعد المصدر أن تمثّل حملة الاعتقالات «مرحلة سياسية جديدة عنوانها «عقاب» من يخالف الواقع المفروض بعد أحداث تموز»؛ مشيراً إلى أنّ «بعض المعتقلين كانت تربطهم علاقات جيدة بالهجري وكذلك بموفق طريف، شيخ عقل الطائفة الدرزية في إسرائيل، وهو ما يرسم صورةً أوسع من مجرد مواجهة رغبة البعض في التواصل مع دمشق، لتمتدّ إلى خلاف داخل الطائفة نفسها».

والجدير ذكره، هنا، أنّ تواصلاً جرى سابقاً بين طريف وأحد الشيوخ المعتقلين، على خلفية شكوك في «استهتار وتراخٍ» في إدارة ملفّ المعيشة من قبل الطرف المسيطر في السويداء. كما أنّ طريف حذّر أخيراً من «بوادر الانقسام الداخلي التي تهزّ وحدة الطائفة في السويداء»، منبّهاً، في كلمة له في أثناء تدشين مدرسة الأمين التوحيدية في الجولان المحتل، إلى أنّ «استمرار هذا الانقسام سيكلّف الطائفة المزيد من الخسائر»، داعياً إلى «التمسّك بمبدأ التوحيد كخطّ أساسي لحفظ الوحدة»، ومشدّداً على أنّ «للطائفة الدرزية في سوريا الحقّ الكامل في تقرير مصيرها ومسارها دون أيّ تدخل خارجي»، على حدّ تعبيره.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا