الترسيم مع قبرص: مخالفات جسيمة لأصول إبرام الاتفاقات الدولية
30% من عديد الجيش عناصر في "حزب الله"... تصريح إيراني يجدد الجدل
تتعدد الروايات في إيران في ما خص علاقة الجمهورية الإسلامية بالقوى والجماعات المسلحة المعادية لاسرائيل في لبنان والعراق وفلسطين واليمن، بعضها يبدو بلا أساس وناجماً عن الوهم والتكبر الذاتي لدى بعض الجهات، والبعض الآخر أقرب إلى الواقع وله أدلة خارجية. ومع ذلك، تنتشر في إيران روایات مختلفة، لا تتوافق عليها الآراء ليس بين الشعب فحسب، بل بين المسؤولين في الجمهورية الإسلامية أيضاً. هذه الروایات لها تاريخ يمتد لـ45 عاماً، وتشمل:
الروایة الأولى: الإلهام الثوري من الثورة الإيرانية
الروایة التي تعتقد أن الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 كانت مصدر إلهام للعديد من الجماعات والحركات الإسلامية في الشرق الأوسط، بهدف تعزيز التلاحم والانسجام ضد العدو والاستكبار العالمي، وقد عززت أملها في تحرير فلسطين ومواجهة الاعتداءات والاحتلال لأراضٍ إسلامية أخرى. علاقة بعض الشخصيات الإيرانية وحضورها مثل الإمام موسى الصدر والسياسي والعسكري الإيراني مصطفى شمران (الذي شارك في المقاومة في لبنان) وغيرهما في جنوب لبنان، والعلاقة الجيدة بين ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية والإمام الخميني قائد الثورة، ومواقف المسؤولين في الجمهورية الإسلامية المعادية لإسرائيل وأميركا منذ بداية انتصار الثورة، لعبت دوراً فعالاً في تشكيل هذه الروایة. ودافعت غالبية الشعب الإيراني أيضاً، بنظرة معادية للظلم، عنها. بناءً عليها، لعبت الثورة في إيران دوراً ملهماً للحركات الإسلامية. نتيجة لذلك، تشكل "حزب الله" في جنوب لبنان، ولاحقاً أنشئت "جماعة أنصار الله" في اليمن، وبعض الحركات المقاتلة غير الشيعية مثل "الجهاد الإسلامي" في غزة. حتى أن المجاهدين الأفغان الذين حاربوا الجيش السوفياتي استلهموا الثورة في إيران (رغم أنهم تحولوا لاحقاً إلى"طالبان" و"القاعدة").
الروایة الثانية: الدعم الفعال والتنظيمي
تشكلت الروایة الثانية عندما قررت إيران دعم هذه الحركات بأي شكل وبأي طريقة، وربما كان أهم جانب فيها المساعدات الإعلامية والدعائية والتنظيمية. بلغ حجم هذه الأنشطة والدعم حداً كبيراً بحيث أن في حرس الثورة الإسلامية، إلى جانب القوات البرية والجوية والبحرية التي كانت تحارب الثورة المضادة داخلياً وقوات الرئيس العراقي صدام حسين في جبهات الحرب، تشكلت قوة رابعة باسم "فيلق القدس" (تأسس رسمياً عام 1988). كان هذا الفيلق خلال سنوات حرب إيران والعراق يقوم بتجهيز الأكراد المعارضين لصدام في العراق بقيادة الزعيم الكردي جلال الطالباني (رئيس العراق لاحقاً) والشيعة المعارضين لصدام. كما دعم القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود في الحرب مع السوفيات، وامتدت أنشطته تدريجاً إلى نقاط أخرى في الشرق الأوسط، وخصوصاً في لبنان وفلسطين.
الروایة الثالثة: التبعية المزعومة والراديكالية
تشكلت روایة ثالثة متطرفة وراديكالية تجاوزت مستوى دعم إيران للقوى النيابية، ونصت على أن حركات المقاومة أساساً تابعة لإيران وتحارب لمصالح إيران خارج حدودها. وعززت هذه الروایة انتقادات للحكومة باستخدام الموارد الوطنية لأهداف فوق وطنية، ومساعدة تيارات المقاومة الإسلامية بدلاً من السعي لإعمار إيران. وفي الرد، ادعى بعض في الجمهورية الإسلامية أن هذه القوى الوكيلة هي في الواقع قوى تحارب لإيران لكن على بعد آلاف الكيلومترات من حدودها.
وتوسعت هذه الروایة مع ظهور "داعش" في العراق وسوريا عام 2014، ونتيجة لذلك تشكل الحشد الشعبي في العراق بتوجيه من إيران وبمساعدتها. ومثال آخر هو "حزب الله" اللبناني، الذي قيل إنه في الواقع اليد القوية التي تستخدمها ضد إسرائيل إذا اعتدت عليها.
بعد حرب الـ12 يوماً التي شنتها إسرائيل وأميركا ضد إيران، نشأ احتمال تشكل نهج واقعي حيال قوى المقاومة يحل محل النهج المثالي. لكن الروایات الثانية والثالثة ما زالت بارزة في إيران. مثال واضح على ذلك المقابلة التي أجريت مع المحاضر في العلوم السياسية بجامعة الإمام الصادق حسين محمدي سيرت ونشرت على موقع خامنئي، وقال فيها إن "حزب الله" هو امتداد لقوة المقاومة "الباسيج" في إيران، وأن 30% من أعضاء الجيش اللبناني اليوم هم أعضاء في "حزب الله". وأضاف أن هؤلاء يخدمون صباحاً في الجيش ومساءً في "حزب الله"، مستنتجاً أن شعبية إيران زادت حتى بعد حرب الـ12 يوماً في الساحة الدولية. وبناءً على ذلك، يجادل بأن الذين يريدون من إيران التفاوض مع أميركا يريدون تدمير وجه المقاومة للجمهورية الإسلامية.
وأبرزت وسائل إعلام معارضة هذا الكلام لبدء موجة جديدة من الدعاية ضد إيران، لذا يبدو أن التجارب المكلفة للـ45 عاماً الأخيرة تؤكد صواب العودة إلى الروایة الأولى، أي إحياء الجانب الإلهامي لإيران حيال قوى المقاومة. ولتحقيق ذلك، تحتاج إيران اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى زيادة القوة الوطنية، ويمر ذلك من خلال التنمية الشاملة والتفاعل الأفضل مع العالم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|