شهر عسل سياسي متواصل بين عون وبرّي... مع توافق لافت على الملفات الرئيسيّة
الحديد المسيّل جزء من تمويل "الحزب"… والأموال تتدفق ذهابًا وإيابًا
فجأة، ومن دون مقدّمات، تحوّل “حزب اللّه” من مصارع إقليمي يستعرض فائض قوّته العسكريّة ويُحسن توظيفها، إلى جسدٍ مثقوب ينهشه استنزاف متعدّد الوجوه. وها هو اليوم، يقف في قلب شبكة معقدة من المآزق المتشابكة، تلتف خيطانها حول عنقه.
فالانكشاف، بحسب ما تعكسه التطوّرات الميدانيّة والسياسيّة، تعدّى تقلّص حضوره خارج الحدود، وتمدّد إلى الداخل اللبناني نفسه: جنوبٌ غارقٌ تحت وطأة الاحتلال. اغتيالات يوميّة تطول كوادر “حزب اللّه” الأمنيّة. مطالبات محليّة ودوليّة بتسليم السلاح. عقوبات دولية. تراكم في الفواتير، بدءًا بكلفة الترميم وإعادة إعمار، وصولًا إلى رواتب العسكريين والجرحى وعوائل الشهداء. أمّا الانتخابات المقبلة، فتهدّد بأن تتحوّل إلى مأزق إضافي ما لم يتأمّن المال الكافي لإدارة ماكينة لطالما عاشت على الوفرة.
باختصار، “حزب اللّه” أمام مشهد سياسي وأمني ومالي متشابك، بعدما انتقل من فائض قوّة إلى فائض أعباء، وعقدته الكبرى إعادة الإعمار.
يروي مسؤول رفيع لـ “نداء الوطن”، أن اجتماعًا مشتركًا عُقد، بعد أيامٍ قليلة على وقف إطلاق النار، بين قيادة “حركة أمل” وإدارة “القرض الحسن”. وفي الاجتماع عرضت “الحركة” تقديرًا أوليًا يشير إلى أن حجم الخسائر الإجمالية لا يقلّ عن عشرة مليارات دولار، فيما قدّم “حزب اللّه” تقديرًا مغايرًا يعتبر فيه أن مجمل الأضرار لا يتجاوز أربعة مليارات، يمتلك “الحزب القدرة” على تغطية ثلاثة مليارات منها.
يضيف المصدر أن مجرى الوقائع في الأسابيع اللاحقة، أثبت أن تقديرات “الحركة” كانت أقرب إلى الواقع من أرقام “الحزب”. وبعد دفعات أولى شملت بدلات إيواء وترميم، توقف “حزب اللّه” بدءًا بنيسان الماضي عن تسديد المتوجّبات المتراكمة في ملفي بدلات الإيواء والترميم، الأمر الذي زاد حجم الاحتقان داخل بيئته، ورفع منسوب التململ.
يشرح المصدر أن الفواتير تتراكم ويتضاءل التمويل. فلا إيران على استعداد للاستثمار بسخاء في ذراع “حزب اللّه” المعطّلة، ولا نقل الأموال يتمّ بلا خوّات كما كان سابقًا. ويشير المصدر إلى أن الأموال تمرّ بلا عوائق عبر دولتين إقليميّتين، إلّا أن “حزب اللّه” يدفع دولارًا مقابل كلّ دولار، لتسهيل عملية العبور.
ما مصدر هذه الأموال؟
يشرح المصدر أن جرّافات “حزب اللّه” هي الجهة الوحيدة المسموح لها نقل الردميات الناتجة عن تدمير الأبنية بفعل آلة الحرب الإسرائيلية. يقوم مقاولو “الحزب” بانتزاع الحديد من هذه الردميات، ثمّ يُرسل إلى دولتين إقليميتين لإعادة تسييله. ويشير المصدر إلى أن الطن الواحد يُباع ما بين 350 و 400 دولار، وأن العائدات من الحديد المُصدّر من لبنان تعود إلى “حزب اللّه” عبر مرفأي صيدا وصور.
يشير المصدر إلى أن “حزب اللّه” يمارس نوعًا من الاستخدام غير المعلن لأموال الحديد المُسيّل، حيث يفرض سيطرته على هذه المواد ويحوّلها لصالحه السياسي. ويرجّح المصدر أن “الحزب” يخطّط لاستخدام هذه الأموال في تمويل حملاته للانتخابات النيابية المقبلة، مستندًا إلى أسلوبه السابق في الانتخابات البلدية والاختيارية وإعادة الترميم للتأثير على الناخبين.
وهل حجم الحديد المسيّل يكفي لتمويل حملات “حزب اللّه” الانتخابية؟
يشرح المصدر أن هناك 500 مبنى مهدّم في الضاحية الجنوبية وحدها، إلّا أن حجم الحديد المستخرج منها لا يُقارن بما هو مدمّر في جنوب لبنان. ورغم ذلك، يؤكّد المصدر أن الأموال التي تصل إلى لبنان عبر دولتي تسييل الحديد لا تأتي من الحديد فقط، بل تشمل أموالًا تُنقل على متن البواخر نفسها، مصدرها إيران ودولة أوروبية وأخرى في أميركا الجنوبية، ما يعني بحسب المصدر، أن الحديد يمثل جزءًا من شبكة أوسع من التمويل الخارجي.
لكن الأموال، التي تدخل لبنان لا تسلك اتجاهًا واحدًا. فبحسب مصدر آخر، هناك حركة مالية مريبة عبر مطار بيروت، إذ منذ نحو شهر، يخرج يوميًا من لبنان ما يقارب طنًا من الدولارات المجهولة المصدر، والطن يساوي مليونًا ونصف مليون دولار. وهذا التطوّر يفتح الباب أمام سؤالٍ كبير إن صحّ: هل يجري تجفيف البلد من الدولار… ولأيّ غاية؟
نورما أبو زيد - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|