تصدع لـ "مشروع" الهجري: جماعته تعلن عن إفشال"محاولة انقلابية"
شهدت مدينة السويداء، بدءا من مساء الجمعة الفائت، حملة أمنية قام بها «الحرس الوطني»، الذي جرى الإعلان عن تأسيسه شهر آب المنصرم للقيام بمهام حماية الأمن في المحافظة الجنوبية التي شهدت أحداثا دامية قبل نحو شهر، وقادت إلى حال من القطيعة مع حكومة دمشق، حيث تضمنت الحملة اعتقالات شملت عدة أشخاص، وسط انتشار أمني كثيف على الطرقات الرئيسية، وقد أصدر «الحرس الوطني»، صباح السبت، بيانا أشار فيه إلى «معلومات مؤكدة، وموثوق بها، كشفت عن مؤامرة دنيئة، وخيانة عظمى، تورطت فيها مجموعات من المتخاذلين والعملاء الذين باعوا ضمائرهم، ورهنوا شرفهم بالتنسيق مع حكومة الإرهاب في دمشق، وبعض الأطراف الخارجية»، كما اعتبر البيان أن تلك «المؤامرة» كانت تهدف إلى «تنفيذ خرق أمني داخلي خطِر»، من شأنه أن «يمهد لهجوم بربري يستهدف أعراضنا، ونساءنا، وأطفالنا، وأرضنا الطاهرة، مقابل حفنة من الأموال الملوثة بالخيانة»، كما أكد البيان على أنه «تم كشف خيوط المؤامرة كاملة، وتحديد المتورطين، والمشتبه فيهم»، الأمر الذي دعا إلى «تنفيذ عملية سريعة وحاسمة، أسفرت عن إلقاء القبض على الخونة والمتآمرين». وقد ذكر الإعلامي ماهر شرف الدين، المعروف بقربه من الشيخ الهجري، وتشدده تجاه الحكومة السورية، أن «المقبوض عليهم كانوا يخططون لتنفيذ عمليات أمنية في السويداء، وهي تشمل اغتيال بعض الشخصيات القيادية، وتفجير سيارات مفخخة، وزرع عبوات ناسفة في الأماكن العامة والمزدحمة»، ناسبا تلك المعلومات التي ذكرها إلـى «مصادر خاصة»، وهي قريبة من أجواء التحقيق مع المقبوض عليهم.
وقد ذكر موقع «السويداء 24»، المحلي، أن عمليات الاعتقال شملت كلا من: «الشيخ رائد المتني، وهو أحد قياديي المجلس العسكري الذي جرى تشكليه مباشرة بعد سقوط النظام، وعاصم أبو فخر، وغاندي أبو فخر، ومروان رزق، وشخص آخر»، وأضاف الموقع أن موجة ثانية من الاعتقالات كان قد جرى تنفيذها لاحقا، وشملت كلا من «ماهر فلحوط (المقرب من الشيخ المتني)، الذي بادر إلى تسليم نفسه بعد مداهمة منزله الكائن في قرية عتيل، كما شملت المداهمات عددا ممن لديهم ارتباطات أمنية مع السلطة»، وأضاف الموقع أن «الحصيلة النهائية لتلك الاعتقالات لم تحدد بعد»، وفي اتصال أجرته «الديار» مع الناشط (ش. م.) ، ذكر هذا الأخير أن «أعداد من جرى اعتقالهم هي بالعشرات، والبعض منهم لم يجر الإعلان عن اعتقالهم»، وأضاف أن من بين هؤلاء «حسام زيدان وزيدان زيدان وعلم الدين زيدان، وجميعهم على صلة قرابة مع الشيخ ليث بلعوس المقرب من الحكومة السورية».
واللافت في الأمر أن الفعل كان قد استدعى تدخلا قويا من الشيخ موفق طريف، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز بالأراضي المحتلة، الذي أدلى، يوم الجمعة، بسلسلة من التصريحات دعا فيها الولايات المتحدة إلى «التدخل في الشأن السوري»، كما اتهم فيها الحكومة السورية الجديدة بـ «عدم حماية الأقليات»، وقال طريف، الذي كان يتحدث في حفل تدشين «مدرسة الأمين التوحيدية»، بالجولان السوري المحتل «نحذر من بوادر الانقسام الداخلي التي تهز وحدة الطائفة في السويداء»، مؤكدا على أن «استمرار هذا الانقسام سيكلف الطائفة الدرزية المزيد من الخسائر»، ومشددا على «التمسك بمبدأ التوحيد كخط أساسي لوحدة الطائفة الدرزية».
تشير تصريحات طريف السابقة إلى حقائق عديدة، أبرزها يقينه أن تل أبيب تستخدم ورقة «الطائفة الدرزية»، وورقة «الأقليات» السورية عموما، كذريعة لتقسيم البلاد، وإن لم يكن فللإبقاء عليها في حالة فوضى، تكون من خلالها عاجزة عن النهوض من جديد، الأمر الذي يفسر طلبه إلى الولايات المتحدة بالتدخل، انطلاقا من المواقف التي تتبناها الأخيرة حيال مسألة «وحدة التراب السوري»، أما اتهامه للحكومة السورية بـ«عدم حماية الأقليات»، ولربما كان في الأمر بعض ما يدعو إليه، فهو محاولة لـ«إرضاء» الأصوات الدرزية التي تعالى صراخها مؤخرا مطالبة بالانفصال، خصوصا أن هذه الأخيرة كانت قد اندفعت، إلى ما اندفعت إليه، على وقع انتهاكات مروعة كانت قد شهدتها السويداء شهر تموز الفائت، لكن الأهم مما جاء في تصريحات طريف هو المتمثل بـ«التحذير من بوادر الانقسام الداخلي»، فالشيخ الذي يدرك، ولا شك، طبيعة التوازنات الداخلية في المحافظة الجنوبية، والأثر الكبير فيها للعلاقات العشائرية، يدرك أن العديد من المعتقلين ينتمون إلى عائلات درزية ذات ثقل اجتماعي بارز، مثل عائلتي أبو فخر والمتني، وأن هذا قد يقود إلى صراع درزي - درزي، لا تعود فيه للسياسة، أو خطوطها، أي قيمة، أو أن الأخيرة تصبح «تناقضا» من الدرجة الثانية، فاسحة المجال أمام نظيره الأول المتمثل بالاجتماعي ذي التركيبة العشائرية الطاغية، ومن المؤكد أن تكون لحادثة «موت» الشيخ رائد المتني، الذي وصل «جثة»، وليس مسعفا، إلى مشفى السويداء، صباح الثلاثاء، وفقا للرواية التي قدمهتا ثلاثة مصادر في اتصال مع «الديار»، ارتدادات واسعة من الصعب الآن تحديد حجم الانزياحات التي سوف تتركها على مواقف الأطراف والقوى الفاعلة في المدينة.
هذا «الصدع» الذي أصاب «المشروع» ليس هو الأول من نوعه، فقد سبقه آخر لا يقل وزنا عنه، وإن كان ذا طبيعة مختلفة، عندما أعلن ناشطون، يوم 14 تشرين ثاني الفائت، عن إطلاق «مبادرة جبل العرب»، التي تدعو للعودة إلى «حضن» الدولة، وإذا ما كانت الأخيرة قد شهدت الكثير من اللغط الذي أثير حولها، بفعل ذهاب العديد من الموقعين عليها للـ«التبرؤ» منها، لأسباب قد تكون «مبررة»، إلا أن «عودها» سوف يشتد على وقع «الصدع» الأخير الذي خلفته أحداث الجمعة والسبت الفائتين، وصولا إلى حادثة الثلاثاء، التي ستكون كفيلة بحرف «بوصلة» الكثيرين.
عبد المنعم علي عيسى -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|