لبنان بعد زيارة البابا لاوُن: وطنٌ يستعيد الرجاء ويكتشف صوت الأمان

حلّ البابا لاوُن ضيفًا على لبنان في زيارة استثنائية، حملت للوطن ما هو أبعد من البروتوكول والاحتفالات. إنها زيارة أعادت للبنانيين نبض الرجاء، قوّة الإيمان، وثقة بأن هذا البلد، مهما انحنت به الأزمات، قادر أن يقف من جديد ويُثبت نفسه أمام العالم.

لم يعد لبنان بعد الزيارة كما كان قبلها. فقد أضاءت كلمات البابا على حقيقة هذا الوطن: أرض العيش الواحد، حضن العدالة، وحاضنة للضعفاء والمرضى والمهمّشين. كانت رسالته رسالة توحيد، شدّت عزائم اللبنانيين وجمعتهم على محبة وطنهم، على الرغم من التوتر السياسيٌ والظروف المشدودة التي تعيشها البلاد.

ولعلّ من أجمل المشاهد التي رافقت هذه الزيارة، ذلك الصوت المختلف الذي سمعه اللبنانيون فوق رؤوسهم: صوت مروحيات الجيش اللبناني، تحلّق في حماية البابا. صوتٌ جديد حمل الأمان وبثّ الطمأنينة، ليكشف لنا أنّ للطيران في سماء لبنان وقعًا جميلًا، على عكس أصوات الطائرات المسيّرة المعاديّة التي اعتدنا خوفها وقلقها بخاصةٍ في الآونة الأخيرة.

وفي الصورة الموازية، تألّقت السيّدة اللبنانيّة الأولى نعمة عون، بتميّز وحضور استثنائي. نجحت في تقديم وجه حضاري يليق بلبنان، عنوانه الرقيّ، الذوق الرفيع، والتنظيم المثالي. أثبتت أنّ المرأة اللبنانيّة ليست فقط واجهة مشرقة، بل طاقة دبلوماسيّة ترفع اسم بلدها وتُشرّفه أمام كبار العالم.

وعلى الرغم من بعض الإنتقادات المعتادة التي لا ترى إلا السواد، وتصرّ على تجاهل أي نقطة ضوء، فإنّ الحقيقة بقيت أقوى من كل ضجيج. فهناك من اعتاد أن يرى النصف الفارغ من الكأس، ويصنع أزمة لكلّ حلّ… وهؤلاء لا يعرفون سوى التذمّر، ولا يدركون قيمة أن تكون وطنيًا صادقًا ولو مرة واحدة. لعلّ الله ينير قلوبهم ويدلّهم على المعنى الحقيقي للانتماء.

إنها زيارة ستبقى في الذاكرة: بروحها، برسالتها، وبالصورة التي أعادت إلى العالم تعريف لبنان. أعادت إلينا الإيمان بأنّ هذا الوطن، مهما اشتدت عليه العواصف، لا يزال لديه ما يفخر به… وما يقدّمه.

لبنان بعد زيارة البابا لاوُن، وطن أكثر ثقة، أكثر إيمانًا… ووطن عرف من جديد أنّ صوت الحق أجمل الأصوات.

نادين شلهوب - جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة