تعيين كرم نقل النقاش من الطابع العسكري إلى الأمني والسياسي
أكثر من قراءة حملها قرار تعيين السفير سيمون كرم في لجنة الميكانيزيم وفي غالبيتها اتسمت بالإيجابية. وجاء هذا القرار ليبث أجواء مشجعة عن تفعيل عمل هذه اللجنة والتي كانت من ابرز مطالب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي لطالما نادى بهذه المطالبة بهدف وضع حد للإعتداءات الاسرائيلية المتتالية على لبنان، ورأى ان لبنان يعلق امالا على عملها للمساعدة في اعادة الاستقرار الى منطقة الجنوب.
ومع هذا التعيين، تبرز توقعات بإنتقال البحث من مسائل عسكرية بحتة داخل اللجنة الى مواضيع أمنية وسياسية يفترض بها ان تتوسع في وقت لاحق، ولعل المواقف المرحبة بهذا التعيين ولاسيما الخارجية قد تعكس انطباعا بعودة الامور إلى السكة الصحيحة لناحية الدور المناط بالميكانيزيم وما ينتظرها مستقبلاً من أدوار اخرى اساسية.
كل ذلك ينتظر بعض الوقت باستثناء ملف تسليم السلاح الذي سيتطلب خطوات اكثر فعالية كما بات واضحا، انما تبقى خطوة التعيين التي سلكت مسارا رئيسيا يعوَّل عليها في محطات عديدة.
وفي هذا الاطار يقول رئيس المنتدى الإقليمي الدراسات والخبير العسكري العميد الركن المتقاعد خالد حمادة لـ«اللواء»: مما لا شك فيه ان انضمام السفير كرم الى الوفد المفاوض اللبناني ليس قرارا اتخذ في غفلة من الزمن. سمعنا عدة مواقف من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تريد الذهاب الى التفاوض غير المباشر مع اسرائيل للخروج من المأزق الذي يتخبط به لبنان ومحاولة وقف الإعتداءات الاسرائيلية وايجاد ربما صيغة معينة مقبولة دوليا لتنفيذ قرار وقف اطلاق النار. الرئيس نبيه بري كان له موقف يقول انه يؤيد اي تفاوض ولكن عن طريق الميكانيزيم. الفرق بين الإبقاء على الميكانيزيم وادخال السفير كرم كشخص غير عسكري في هذا التفاوض ينقل المفاوضات من اطارها العسكري البحت بمعنى النقاش ومواكبة عملية نزع سلاح حزب لله وادخال مكوِّن جديد يمكن ان يتم من خلالها مناقشة مواضيع ما بعد عسكرية ويمكن ان تذهب في اتجاه امن الحدود بالمعنى الشامل للكلمة، او ربما ترتيبات لها طابع سياسي تضاف الى المفاوضات التي تجري لمعالجة الشق التقني العسكري. طبعا اسرائيل استثمرت في الموضوع ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو رحب وقال ان هذا الموضوع يفتح آفاقا اقتصادية مع لبنان، ويؤسس لعلاقة جديدة مع لبنان، ولكن بعيدا عن كل ذلك يجب ان نأخذ بعين الإعتبار ان ايفاد السفير كرم للإنضمام الى الوفد أتى بعد سلسلة تهديدات اسرائيلية وسلسلة مواقف من السفير توم باراك تذهب الى التلويح بما ستكون عليه الأمور من تداعيات عسكرية في حال لم يذهب لبنان الى نزع سلاح حزب الله. كذلك كان هناك موقف للسفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى الذي خاطب اللبنانيين عبر الصحافة الإسرائيلية وقال ان اسرائيل ليست بحاجة الى اذن من الولايات المتحدة الأميركية كي تدافع عن نفسها وهي تدرك تماما ما عليها ان تفعل.
ويشير العميد حمادة الى ان زيارة قداسة الحبر الأعظم اتت وأن كل هذه الضغوط والموقف الواضح لقداسة البابا بدفع اللبنانيين نحو السلام وكذلك التوجه الى الطبقة السياسية في لبنان بضرورة الإنتهاء من حالات الإنشقاق الداخلي والذهاب بلبنان الى صدامات داخلية او خارجية لا تؤيدها حاضرة الفاتيكان والتي تؤيد التوجُّه نحو السلام وتعتبر انها على مسافة واحدة من كل الافرقاء في الشرق الاوسط بمن فيهم اسرائيل.
ويضيف: اليوم يسأل اللبنانيون ماذا سيضيف وجود السفير كرم في هذه المفاوضات. انا اعتقد انه سيتم طرح مواضيع تتجاوز الترتيبات الأمنية العسكرية الروتينية بالمعنى التكتيكي،أو تمركز الوحدات للذهاب طبعا الى ما يشبه الترتيبات التي تأخذ الطابع السياسي – العسكري بمعنى ان يتم التطرق الى مسألة تقنيات ترسيم الحدود للإنتهاء من صيغة المناطق العازلة ومحاولة بحث ترتيبات تتعلق ربما بكيفية إدارة المناطق التي تم نزع سلاح حزب لله منها وما تزال مهددة اسرائيليا، ولكن كل ذلك يبقى ضمن اطار محدود.وأعتقد ان لبنان عبر ايفاد السفير كرم ربما اكتسب بعض الوقت ولكن ليس وقتا طويلا لأننا لا زلنا ضمن المهلة الأميركية الممنوحة للبنان والتي تنتهي في نهاية العام والتي بعدها سيتم تقييم الاداء اللبناني.
ويعرب عن اعتقاده ان هناك مسألة مطروحة بشكل قوي وجدي ولها علاقة بقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، وقد بدأ بعضها يخلي موقعه وبدأ مئات العناصر يلتحقون بدولهم، وبالتالي فإن هناك اسبابا ملحَّة كي ينتقل النقاش من المسائل العسكرية التكتيكية الى المسائل الأمنية ذات الطابع السياسي لأنه في حال كان هناك تعثر في المعالجة وبعد اخلاء قوات الأمم المتحدة لغالبية مواقعها فهناك ضرورة لإبجاد قوى بديلة ولإستصدار قرار من مجلس الأمن يحل مكان القرار ١٧٠١ ، لذلك فإنه مع السفير كرم باشر لبنان مسارا سياسيا أمنيا يتجاوز الاطار العسكري ولكن يبقى كل شيء مرهوناً وفعالية وجود السفير كرم بنتائج الزيارة التي سيقوم بها اعضاء من مجلس الأمن الدولي الى الجنوب اللبناني الذين سيستمعون الى شهادات اليونيفيل والميكانيزيم والإسرائيليين وربما بعض الاطراف السياسية في لبنان، وربما سيكون لهم معاينات ميدانية لما تم التوصل اليه من خلال خطة الجيش ليُبنى على الشيء مقتضاه ،وساعتئذٍ يمكن القول إما ان تنتقل الى اطار اكثر تطورا من الإطار الميداني العسكري نحو اطار سياسي ربما يُفضي الى إتفاقية فك اشتباك نهائية، أو الى ترتيبات وقف اطلاق نار بشكل دائم وثابت مع ضمانات دولية،او سنعود الى الدوران في حلقة التهديد بالعمل العسكري.
كارول سلوم - "اللواء"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|