تعيين كرم في "الميكانيزم" بين الواقعية والمخاطر...
فتح الإعلان عن تعيين السفير السابق سيمون كرم، رئيساً للوفد اللبناني المشارك في اجتماعات "الميكانيزم"، الباب أمام طرح الكثير من علامات الإستفهام حول أسباب هذه الخطوة، خصوصاً أن هناك من يعتبر أن بيروت لم تكن مضطرة لها، لا سيما أن خرق إتفاق وقف الأعمال العدائية يأتي من جانب واحد هو تل أبيب.
في هذا السياق، ترى مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن السؤال الأبرز، الذي من المفترض أن يُطرح على بساط البحث، يتعلق بالخيارات الأخرى، التي من كان من الممكن الذهاب إليها، بعد الوقائع الذي كانت قد أفرزتها الحرب الماضية، خصوصاً أن إسرائيل لم تلتزم بإتفاق وقف الأعمال العدائية، مستفيدة من الغطاء الأميركي الممنوح لها، الذي يتجاوز حدود ما يعلن عن تفهم وجهة نظرها.
في الأسابيع الماضية، كانت بيروت قد تعرضت لحملة واسعة من التهديدات، التي تشير إلى إحتمال مبادرة تل أبيب إلى عدوان جديد، يتخطى الإعتداءات شبه اليومية التي تقوم بها منذ إنتهاء عدوان أيلول 2024، على وقع إتهامات كانت قد طالت السلطات الرسمية، بعدم القيام بالأجراءات المطلوبة منها بالسرعة اللازمة، بالتزامن مع رفض المبادرات التي قدمت، لا سيما من قبل رئيس الجمهورية جوزاف عون.
إنطلاقاً من ذلك، تعتبر المصادر نفسها، انه ينبغي فهم الخطوة اللبنانية، التي تصب في إطار السعي إلى تجنيب البلاد التصعيد، بالدرجة الأولى، في ظل التوازنات القائمة، خصوصاً أنه على مستوى الإطار العام كان هناك تجربة سابقة مشابهة، خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، دون أن يلغي ذلك المحاذير الحاضرة في المشهد الحالي، بعد المواقف التي كانت قد صدرت عن الجانب الإسرائيلي، تحديداً بالنسبة للذهاب بعيداً في تفسير هذه الخطوة.
في هذا الإطار، هناك من يعتبر أن الخطوة تنازل دون مقابل، على قاعدة أن ليس هناك ما يضمن أن تقود إلى وقف الإعتداءات الإسرائيليّة، بينما هناك من يؤكّد أنّ مجرد وقف التصعيد المحتمل أمر إيجابي يمكن البناء عليه في المستقبل، إلا أن الأساس يبقى أن التعامل معها، من المفترض أن يكون من منطلق التوازنات القائمة، خصوصاً أن هذه التوازنات هي التي قادت تل أبيب إلى التمادي، سواء على مستوى الإعتداءات أو على مستوى المطالب التي تطرح.
ما تقدم، لا يلغي مجموعة واسعة من المخاطر التي ترافق هذه الخطوة، قد يكون أبرزها، من وجهة نظر المصادر السياسية المتابعة، أن إسرائيل قد لا تكتفي بها، لا سيما أن هذا الأمر ظهر بشكل واضح، من خلال التعليقات التي صدرت عن بعض المسؤولين الإسرائيليين، حيث الرغبة بالذهاب في التفاوض إلى ما هو أبعد من إتفاق وقف إطلاق الأعمال العدائية، الذي كان من المفترض أن يجبرها على وقف الاعتداءات، بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى والانسحاب من الأراضي التي لا تزال تحتلها.
هنا، لا يمكن تجاهل العنوان الأساسي لمختلف التحركات الإسرائيلية، الذي يبدأ من السعي إلى إقامة مناطق عازلة على حدودها مع لبنان وسوريا، سواء كان ذلك تحت عنوان أمني أوإقتصادي، بالإضافة إلى التفسير، الذي تتشارك فيه تل ابيب مع واشنطن، لبنود إتفاق وقف الأعمال العدائية، لناحية أنه لا يقتصربالنسبة إلى عملية نزع السلاح، على منطقة جنوب الليطاني، بل يشمل مختلف الأراضي اللبنانية، وهو ما يمثل نقطة خلاف جوهرية على المستوى الداخلي، بسبب ربط "حزب الله" مناقشة الأمر، بعدمإلتزام تل أبيب بالإتفاق، بوضع إستراتيجية أمن وطني شاملة.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، مصدر القلق، الذي لا يمكن التغاضي عنه في ظل هذه الأجواء، يتعلق بإمكانية أن تبادر تل أبيب، في المستقبل، بالعودة للتهديد بالعمل العسكري، لتحصيل المزيد من المكاسب، لا سيما أن واشنطن، على الأرجح، ستبادر إلى دعمها، عبر موجة جديدة من الضغوط الدبلوماسية، حيث السؤال سيكون عن طريقة تعامل بيروت مع ذلك في حال حصوله، نظراً إلى أن المعضلة تبقى أن المفاوضات تجري، في الأساس، دون وجود توازن قادر على تحصين الموقف اللبناني.
في المحصلة، المشكلة ليست في الخطوة التي ذهبت إليها بيروت، على إعتبار أن لها ما يبرره من أسباب موجبة، وفق الظروف الحالية القائمة على مستوى لبنان والمنطقة، إلا أن الخطر هو في كيفية تعامل تل أبيب معها في المستقبل.
ماهر الخطيب -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|