"لوبيات" لبنانية من ورق تبحث عن زبائن في واشنطن
التحوّلات الكبيرة في المنطقة وفّرت لبعض اللبنانيين فرصة للتجارة في ما يُعرف بـ«اللوبيات»، والاستثمار في الهجمة الأميركية عبر تقديم أنفسهم كمؤثّرين في سياسات الولايات المتحدة وحاضرين على طاولة صنع القرار في ما يتعلّق بشؤون لبنان.
الحديث عن «لوبي لبناني» في الولايات المتحدة أو في دول الاغتراب ليس أكثر من تضخيم إعلامي، ولا يمكن مقارنته بأي حال من الأحوال باللوبيات الفاعلة والنافذة كاللوبي اليهودي (عبر «إيباك») الذي يمتلك إمكانات ضخمة تجعله مشاركاً فعلياً في صنع القرار، إذ لا يتعدّى الأمر تأسيس بعض اللبنانيين في الخارج جمعيات تروّج لهم كناشطين في أروقة القرار الأميركي، فيما الحقيقة أنّ ما يُسوّق على أنه «لوبي» لا يزيد عن عدد محدود من الأفراد الناجحين على المستوى الفردي في قطاعات مختلفة، وممّن يتقرّبون بشكل أو بآخر من دوائر القرار في واشنطن.
أحدث هذه «المبادرات» ما يروّج له رجل الأعمال اللبناني - الأميركي زياد عبد النور، نجل النائب السابق خليل عبد النور، حول تشكيل ما يصفه بـ«حركة تسونامي لم يسبق لها مثيل»، تهدف إلى «تعطيل شبكات تمويل حزب الله، وحشد الشتات للتأثير على السياسات، وإعادة صياغة الخطاب الإعلامي، وقطع الطريق على السياسيين المتهاونين تجاه الشرعية».
ويعرض عبد النور، هذه المبادرة تحت مُسمّيات مختلفة، تارة تحت عنوان «مؤسسة التعليم اللبنانية الأميركية» التي تضمّ مهنيين ونشطاء وخبراء سياسيين لبنانيين وأميركيين، وأخرى تحت اسم «لجنة العمل السياسي الأميركية - اللبنانية» (ALPAC).
ورغم الشعارات والطروحات والوعود، لا يذكر عبد النور، أسماء أيّ من الناشطين المشاركين في الحركة المُرتقبة. ومع أنّ بعض المصادر تقدّر ثروته بحوالى نصف مليار دولار، فإنه لم يتردّد في طلب تبرّعات بقيمة مليون ونصف مليون دولار في المرحلة الأولى، ستُخصّص «للعمليات القانونية والمشاركة السياسية والضغط الإعلامي والتعبئة الشعبية». ورغم أنه يطلب تمويلاً علنياً و«مساهمات متوافقة مع قانون الانتخابات الفيدرالية (FEC) ويتمّ تتبّعها بشفافية»، إلا أنه يعرض شرح التفاصيل للمهتمّين «على الخاص».
ولتبرير جمع التمويل لحركته الموعودة، يشدّد عبد النور على «عدم فاعلية اللوبي اللبناني - الأميركي وجماعات الضغط اللبنانية، إن وُجدت»، مشيراً إلى أنّ دراسة أعدّها، أظهرت أنّ كل هذه المجموعات (فريق العمل الأميركي من أجل لبنان، مركز المعلومات اللبناني، الجامعة الثقافية اللبنانية العالمية، المعهد الأميركي اللبناني للسياسات – لجنة العمل السياسي، مؤسّسة لبنان من أجل لبنان، التجمّع من أجل لبنان، شراكة النهضة اللبنانية الأميركية، مركز التأثير المدني) لم تجمع أكثر من 7,3 ملايين دولار بين عامي 2020 و2025، ما «يعكس تأثيراً محدوداً للغاية يؤدّي إلى التشكيك في فاعلية» هذه المجموعات في التأثير على السياسات الأميركية تجاه لبنان.
ويبدو أنّ عبد النور، تأثّر بإدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ولا سيّما بعد غزو العراق، حين قدّمت المطلوبين من القيادات البعثية العراقية على شكل أوراق لعب، وهو ما اعتمده لعرض مَن يعتبرهم «المطلوبين اللبنانيين الـ52»، مع تقديم ملخّص عن الشبهات وتورّط كل منهم في «قضايا فساد».
تشكيلة عبد النور واسعة ومتنوّعة، وتشمل من رؤساء الجمهورية والحكومة: جوزاف عون، نبيه بري، نواف سلام، ميشال عون، ميشال سليمان، إميل لحود، سعد الحريري، فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي وحسان دياب. ومن حزب الله: الشيخ نعيم قاسم، محمد رعد، وفيق صفا، محمد فنيش، حسن فضل الله ومحمد حيدر. كما تشمل شخصيات سياسية ومالية أخرى، من بينها: وليد جنبلاط، ألبير كوستانيان، غازي زعيتر، غادة عون، رياض سلامة وشقيقه رجا، فادي عقيقي، سليمان فرنجية، علي حسن خليل، جميل السيد، آلان بيفاني، ياسين جابر، عامر البساط وبول مرقص.
وفي المحصّلة، لا يقود البحث عن حضور سياسي مؤثّر لزياد عبد النور، في الولايات المتحدة إلى أي نتيجة تُذكر؛ فلا إطلالات إعلامية له، ولا نشاط فعلياً يشي بقدرةٍ على تحريك «لوبي لبناني». كل ما يمكن العثور عليه هو حضور متواضع لا ينسجم مع الضجيج النظري الذي يحيط به نفسه… حضورٌ خافتٌ إلى درجة قد تجعل «مشروعه» نفسه بحاجة إلى من يضغط لتظهيره.
رضا صوايا -الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|