الصحافة

خفايا زيارة وفد مجلس الأمن الى بيروت ودمشق

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم تكن زيارة وفد مجلس الأمن الدولي إلى كل من دمشق وبيروت حدثا بروتوكوليا عابرا، بل محطة سياسية دقيقة في لحظة إقليمية محكومة بالتوتر والاحتمالات المفتوحة. فالتصعيد المتنامي على الخط اللبناني - الإسرائيلي، والتطورات المتسارعة في الملف السوري، في الداخل وعلى الحدود، وتراجع القدرة الدولية على ضبط الإيقاع الأمني، كلها عوامل جعلت من الجولة الأممية ضرورة أكثر منها خيارا.

مصادر ديبلوماسية في بيروت توقفت عند توقيتها، حيث تقف المنطقة على حافة اشتعال كبير، وتعيش الحدود الجنوبية اللبنانية على إيقاع خروق يومية ، واعتداءات غير مقبولة أو مبررة، فيما يسعى المجتمع الدولي إلى تجنب انتقال المواجهة إلى حرب شاملة. من هنا، جاء مضمون زيارة المجلس، كمحاولة لالتقاط اللحظة قبل تفلت الأمور، ولبناء قناة تواصل مباشرة مع دمشق بعد سنوات من الجمود، وإعادة تأكيد موقع بيروت كمحور أساسي في أي صيغة لاحتواء التصعيد.

على الضفة السورية بيت قصيد الزيارة، حملت اللقاءات رسائل واضحة، حيث أكد الوفد على ثوابت المقاربة الدولية الجديدة: انفتاح مشروط، لا تطبيع كامل، بمعنى أن فتح باب التواصل يعني زيادة قنوات المراقبة والمتابعة الدقيقة، وفقا للمصادر، رغم أن دمشق رأت في ما حصل اعترافا ضمنيا بواقع جديد، يفرض إعادة ترتيب العلاقة مع الأمم المتحدة، تحديدا في ملفات المساعدات الإنسانية وما يرتبط بها من ملف النازحين، وضبط الحدود، وتنظيم حركة المعابر، ومنع أي توترات قد تنعكس مباشرة على لبنان، وإرساء بيئة تسمح باستئناف مسار سياسي وإن كان ببطء شديد، رغم قلق دمشق الكبير من التوغلات الاسرائيلية بعد ما حصل في بيت جن، وما قد يكون من ارتباط بينها وبين مجموعات تتحرك في الداخل.

وتابعت المصادر، أما في بيروت فجاءت الرسائل أكثر مباشرة، حيث استمع الوفد في المقرات الثلاثة، إلى مخاوف الدولة اللبنانية من الخروقات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف النار، مطلعا على وضع قوات اليونيفيل وتحدياتها، وقد حمل معه ملاحظات واضحة حول ضرورة تحسين التنسيق بين الدولة واليونيفيل من جهة، وضرورة ايجاد الاطار البديل بعد انسحابها من جهة ثانية. هنا يمكن قراءة حرص الأمم المتحدة على تأكيد أن لبنان ليس ساحة تترك لتوازنات النار، بل ركيزة يجب الحفاظ على استقرارها مهما بلغت حدة الصراع حولها.

وتوقفت المصادر عند المواقف التي اطلقتها الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس، سواء العلنية او في "خلواتها" وحواراتها مع زملائها، والتي عبرت خلالها عن ارتياح اميركي لخطوة السلطة اللبنانية الاخيرة، رغم انها ظهرت اختلافا واضحا، حول اهداف "الميكانيزم" الجديدة، التي لا تتطابق وما صدر امس عن مجلس الوزراء.

وختمت المصادر بالقول من المبكر حسم النتائج العملية للزيارة، لكن المرجح أنها ستترجم بتقرير مفصل يرفع إلى المجلس خلال الأسابيع المقبلة، يتضمن توصيات حول مستقبل دور اليونيفيل، وآليات ضبط الحدود، وتسهيل المساعدات في سوريا، حيث قد يصدر بيان عن المجلس في هذا الخصوص، يدعو إلى تثبيت قناة متابعة دائمة مع دمشق وبيروت.

اوساط سياسية متابعة توقفت عند نقطتين اساسيتين تثيران الريبة:

- الاولى: الزيارة جاءت وفقا لتوقيت سوري، اكثر منه لبناني، اذ كان يفترض ان تحصل تلك الزيارة قبيل اتخاذ القرار بشان اليونيفيل وارتباطا بها القرار 1701.

- ثانيا: والاخطر بدا ان ثمة عودة دولية الى ربط الملفات اللبنانية والسورية، والساحتين معا من جديد، وهو ما قد لا يكون من مصلحة لبنان، اقله في الفترة الحالية.

- ثالثا: ربط رئيس الجمهورية بين انعقاد مؤتمر دعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، والا فان "الفوضى ستعود من جديد"، وفي ذلك اشارات خطيرة، علما ان رئيس الحكومة اكد الحاجة الى "قوة اممية بعد انتهاء ولاية اليونيفيل لسد الفراغ".

في المحصلة، واضح ان الزيارة لم تحمل حلولا جاهزة، لكنها شكلت خطوة مهمة نحو إعادة تنظيم المشهد اللبناني والسوري تحت سقف الأمم المتحدة. فمجلس الامن، وإن كان عاجزا عن فرض تسويات كبرى بفعل التوازنات الدولية، الا انه يحاول على الأقل إدارة المخاطر ومنع الانهيار الكامل، حيث يبقى الرهان على قدرة الأطراف المحلية على التقاط هذه اللحظة، قبل أن يتحول الشرق الأوسط مجددا إلى ساحة لا مكان فيها سوى للنار.

ميشال نصر- الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا