محليات

تحذيرات من فاسدين قد يلهثون خلف حُكّام الخليج ليربحوا مصالحهم الخاصّة لا لبنان!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بمعزل عن ضرورة الانفتاح على كل دول العالم بما يؤمّن المصالح اللبنانية، إلا أن الحَذَر واجب من بعض الدّعوات الى "الانفتاحات" المُغلَّفَة بمصلحة الدولة اللبنانية، فيما لا همّ لدى أصحابها من سياسيّين ورجال مال وأعمال... سوى توفير مصالحهم الشخصيّة، وبعض المصالح الخارجيّة.

العالم يتغيّر، وهذا صحيح. ولكن لا بدّ لنا من الحَذَر، ومن الحَذَر الشديد، من أي دولة في المنطقة قد ترغب بالعودة الى لبنان، بعدما تركته كلياً في عام 2018. فعودتها مستقبلاً قد تكون من مُنطَلَق "النّكاية" للأميركيّين، أو بـ "أجندا" من اختلاف مصالحها الكلاسيكية مع واشنطن، وبسعيٍ منها لتوفير "زبائن" للصين في المنطقة، مع إظهار القدرة على لعب هذا الدور بالكامل. وهو ما سيسلّم رعاية أي استثمارات صينيّة في لبنان، أو (رعاية) أي علاقات لبنانية - صينية مستقبلاً، لتلك الدول، ولحكامها، وبعيداً من المصلحة اللبنانية.

وإذا كان أحدهم يريد أن "يبيّض وجهه" مع الصينيّين، وأن يُظهر لهم أن الشرق الأوسط يعيش من "خيراته"، ورهن إشارة من يده، وأنه هو وحده الذي يتحدّث في المنطقة، والقادر على أن يبتّ بملفاتها ولو من دون العودة الى الأميركيين... فهذا شأنه، ولكن لا بدّ من تحييد لبنان عن مثل تلك الحسابات، وعن هؤلاء الحكام، حتى ولو كان الثمن خسارة بعض الاستثمارات، والشراكات، والعلاقات مستقبلاً.

من المُفتَرَض أن لبنان دولة ذات سيادة. واللبنانيون يتصارعون مع الإيرانيين، ومع وكلائهم، بحثاً عن الحفاظ على حرية وسيادة واستقلال الدولة اللبنانية. ويحقّ لنا أن نرفض أي احتلال استثماري، أو مالي، ناعم...، تماماً كما نرفض أي احتلال سياسي أو عسكري.

فصحيح أن الأميركيين والغربيين ليسوا أفضل حالاً من "الشرقيّين"، ولا هم يتعاملون مع لبنان من خارج لعبة مصالحهم أولاً، إلا أن أي حماسة لانفتاح بعض الشخصيات اللبنانية على الصين مثلاً، أو حتى على روسيا، من ضمن مظلّة خليجيّة، وفي وقت يحاول فيه البعض رسم سياسة المنطقة على أُسُس تجديد مصالحه هو، وتنويع شراكاته وتحالفاته هو... تبشّرنا (الحماسة) باحتلالات جديدة لا يجب أن نقبلها. ولا بدّ من التحذير من كل ما يتعلّق بهذا السياق تحديداً، انطلاقاً من الفساد الكبير الموجود في لبنان أصلاً، والذي قد يقود بعض الجهات والشخصيات و"الكيانات"... اللبنانية الى القبول بهذا الواقع، إذا كان يلبّي مصالحها، وحتى لو كان ذلك على حساب المصلحة اللبنانية.

فنحن لطالما اكتوينا من نيران اللاهثين خلف مصالحهم الشخصيّة، ومصالح منظوماتهم، ومؤسّساتهم، وشركاتهم... والذين يتربّعون على الكراسي في لبنان، ويرفسون المصلحة اللبنانية لصالح كل ما يعود بالمنفعة إليهم، والذين يتّجهون بلبنان الى حيث رياح مصالحهم الذاتيّة أوّلاً.

أمر آخر أيضاً، وهو أنه في تلك الحالة، قد تُصبح الإصلاحات المنشودة لبنانياً، غير تلك المطلوبة خليجياً، أو صينياً، وهو ما يضعنا أمام تعريف جديد للبنان، ولعلاقاته الخارجية، ويُبقي الكثير من مكامن الفساد الموجود فيه الآن.

وبالتالي، لا بدّ من الحَذَر الشديد من زمن سعي بعض دول الخليج الى ضمّ أكبر عدد ممكن من دول المنطقة الى تحالفاتها مع الصين، والذي قد يقودها الى التحرّك باتّجاه سوريا مستقبلاً، والعراق (أكثر من السابق)، والى دول عربية أخرى فقيرة، لإغداق الوعود عليها بالعَسَل الخليجي - الصيني، في مقابل التأسيس لابتعاد، أو لابتعاد أكبر بينها (تلك الدول)، وبين الولايات المتحدة الأميركية.

فهذا تأسيس جديد للمنطقة، قد يتذاكى البعض في طريق سعيه لتحويله الى قاعدة. ولكنّه لا يتناسق مع الحاجات والتطلّعات اللبنانية بالضّرورة.

صحيح أن المصلحة اللبنانيّة تقتضي عَدَم الذّهاب شرقاً أو غرباً بشكل محصور، وسط عالم يتغيّر. وصحيح أن البحث عن المصلحة اللبنانية هو أمر واجب. ولكن لا شيء مهمّاً أكثر من النجاح في ذلك من دون تحويل لبنان وشعبه الى عبيد، ومن دون استبدال العبودية التي أوصلتنا الى الحصار في عام 2019، بعبوديّة أخرى، ستُحاصرنا ولو بعد عقود.

فالصين تجارة، وصناعة، واقتصاد، وهذا أكثر ما نحتاجه حالياً. ولكن الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا هما اقتصاد أيضاً، وتكنولوجيا، وسياسة، وعسكر. ولبنان ليس سوقاً فقط، بل هو أكثر من موقع مهمّ على البحر المتوسط. وما على اللبنانيين الباحثين عن جديد، وعن الخروج من الأزمة، إلا أن يُدركوا أن ما لن يتغيّر أبداً هو أنه مهما كثُرَت الأبواب في العالم، فإن مفاتيحها تبقى هي نفسها، وأن مفتاح الباب اللبناني والمصلحة اللبنانية هو سلطة غير "مُنبطِحَة" في بلاط أحد بالمنطقة، وقادرة على حُسن التمييز، وعلى إدراك بأن ليس كل ما يلمع في منطقتنا أو العالم، هو ذهب.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا