إقتصاد

المركزي باشر التحقيق بالأموال «المهدورة» 16.4 مليار دولار خرجت من الاحتياطي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"نداء الوطن"
ملف استرداد الأموال «المنهوبة»، أو ما تيسّر منها، دخل مرحلة جديدة قد تشكّل نقطة تحوّل في مسار هذه القضية التي بقيت في إطار المطالبات العشوائية، وكادت تتحوّل إلى شعارات فارغة من مضمونها، بسبب استغلالها لغايات لا علاقة لها باسترداد الأموال. ويستعدّ مصرف لبنان لإنجاز خطوة عملية من شأنها أن تسمح باستعادة قسم من أموال الدعم، أو الأموال التي خرجت من صناديق المركزي من دون وجه حق.

يجري مصرف لبنان التحضيرات الضرورية لإطلاق طلب عروض، عبر آلية الشراء العام، بالتنسيق مع وزارتي المالية والعدل، لتعيين شركة تدقيق دولية، بهدف كشف مسار الأموال التي ضخها المصرف المركزي لدعم سعر الصرف وتمويل استيراد السلع الأساسية من غذاء ومحروقات وغيرها، وذلك خلال الفترة الممتدّة من 17 تشرين الأوّل 2019 حتى نهاية عام 2023.

قد يعتقد البعض، أن مصرف لبنان بخطوته هذه، يسعى إلى تطبيق القانون رقم 240/2021، لكن التمحيص في أهداف المركزي يبيّن أن المطلوب من التدقيق أبعد من ذلك، إذ إن القانون المذكور، والذي صدر في العام 2021 كان يهدف إلى التحقيق في مسار أموال الدعم، في حين أن مصرف لبنان، وبالتعاون مع وزارتي المالية والعدل، قرّر إجراء تحقيق شامل، من خلال تدقيق جنائي، لكشف مصير كلّ الأموال التي أنفقها المركزي بعد الانهيار، وهي في النتيجة أموال المودعين.

وبالتالي، لن يقتصر التدقيق المرتقب على الأموال المستخدمة في الدعم فقط، بل يشمل أيضًا كلّ المبالغ التي أنفقها مصرف لبنان في تلك المرحلة، وهي عمليًا جزء من ودائع المودعين المكوّنة من الاحتياطي الإلزامي. ويُقدَّر إجمالي هذه الأموال، بحسب معلومات خاصة حصلت عليها «نداء الوطن»، بنحو 16.4 مليار دولار، وهو رقم بعيد عمّا يروّج له الناشطون بحثًا عن الإثارة. هذا المبلغ الإجمالي، والذي يشمل الدعم والأموال التي قد يكون دفعها مصرف لبنان نيابة عن الدولة، أو الأموال التي قد يكون سدّدها للمصارف لإيداعها في المصارف المراسلة لئلا تبقى حساباتها مكشوفة هناك، ويتسبّب ذلك في تعطيل العلاقة بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة، بالإضافة إلى كلّ الأموال التي قد يكون دفعها المركزي في تلك الحقبة، يؤكّد أن ما فهمه البعض من كلام الحاكم السابق رياض سلامة، أو ما تعمّدوا فهمه، ليس صحيحًا، بدليل أن الحجم الإجمالي لكلّ الإنفاق لم يتجاوز الـ 16,4 مليار دولار.

وتشير مصادر متابعة للملف لـ «نداء الوطن»، إلى أن مصرف لبنان يسعى إلى التعرّف إلى المستفيدين النهائيين من هذه الأموال، للتأكّد ممّا إذا كان الدعم وُظف كما يجب: أي أن يكون التاجر المستفيد قد استخدم الأموال لاستيراد السلع المطلوبة وأعاد بيعها في السوق اللبنانية بالسعر المدعوم. وسيُحال ما يتمّ جمعه من معلومات إلى وزارتي المالية والعدل لاتخاذ الإجراءات القانونية في حال ثبوت أي مخالفة أو احتيال. ويؤكّد المصرف أن هدفه ليس سجن أحد، بل استرجاع الأموال، كما يُنقل عن الحاكم قوله: «السجن لا يعيد الأموال للمودعين، بينما استردادها يفعل».

خوف وهلع
مع تسرّب المعلومات الأوّلية حول هذه الخطوة، سادت حالة من الذعر لدى مجموعة من كبار التجار الذين بدأوا التواصل مع شخصيات نافذة في الحكومة، في محاولة لإيقاف التحقيق بذريعة أنه يسيء إلى صورة لبنان الاقتصادية. لكن هذه المساعي أُحبطت بالكامل، وبات المسار قائمًا بلا تردّد أو تعطيل أو تعديل.

تضيف المصادر نفسها أن هذا التحقيق سيضع حدًّا للقال والقيل، وسيكشف الحقائق كاملة. التاجر الذي استفاد من الدعم، ولم يخالف القانون لن يتضرر. وكذلك المصرف الذي استفاد من تحويلات قام بها مصرف لبنان إلى حسابه لدى المصارف المراسلة، فإذا كان ذلك شرعيًّا، لن تتخذ أية إجراءات في حقه. وبالتالي، لا لزوم للغضب المسبق، وكلّ بريء سيكون محميًّا من أي إجراء قانوني ضده.

من المسؤول
المصادر نفسها تقول إن النقطة الأساسية التي ينبغي أن تناقش أيضًا في هذا الملف، هي بالإجابة عن السؤال التالي: كيف نشأ برنامج الدعم أصلًا؟ وما هي صلاحية الحكومة بأن تأمر مصرفًا مركزيًا بدعم قطاعات وسلع معيّنة؟ «قانون النقد والتسليف» يخلو من أيّ مادة تخوّل ذلك. كان في إمكان الحكومة أن تقترض من المصرف المركزي ثمّ تستخدم القرض لتمويل برنامج دعم واضح البنية. لكنها لم تفعل، كي لا تتحمّل عبء السداد، واكتفت بإعطاء أوامر إلى المصرف المركزي من دون سند قانونيّ، فيما امتثل الأخير من دون أن يملك أساسًا إلزاميًا لذلك. هكذا تلاشت نحو 9 مليارات دولار من ودائع المودعين في برنامج دعم لم يُحكم تنظيمه: استفاد بعض المواطنين من أسعار مدعومة، وحقق بعض التجار أرباحًا خيالية، وجنى فريق سياسي مكاسب شعبوية، فيما خالف المصرف المركزي قواعده ولم يعد قادرًا على استرجاع الأموال التي استُخدمت.

تختم المصادر: الحقائق ستظهر قريبًا. أرقام، شركات، أرباح، ومسارات الأموال. لكن تبقى الأسئلة الكبرى: من يتحمّل المسؤولية السياسية والإدارية؟ أين كان المسؤولون في تلك الفترة، في الحكومة وفي مصرف لبنان؟ أين كان مجلس النوّاب ولجانه الرقابية؟ وأين كان الغيارى على أموال المودعين، والذين يتحفون الرأي العام في هذه الحقبة بالتنظير في اتهام هذا الطرف أو ذاك، بتبديد الأموال؟

هذه الأسئلة لن يجيب عنها التحقيق الفني الذي يستعدّ له مصرف لبنان، لكنها ستظلّ مطروحة على الذين اتخذوا القرار وأولئك الذين نفذوه.

تبقى الإشارة إلى أن حسابات المصالح اختلطت بالحسابات السياسية في تلك الحقبة، وبدا واضحًا أن من كان يمسك بالسلطة أراد تخدير الناس بأي ثمن، فباعهم من أموالهم ما سُمّي بالدعم. في الموازاة، كان فريق الممانعة، وعلى رأسه «حزب اللّه»، يسعى إلى دعم نظام بشار الأسد بأي ثمن، ولو من جيوب اللبنانيين، من خلال تهريب المحروقات المدعومة بأموال المودعين إلى سوريا. وهكذا اكتملت خيوط الكارثة التي دفع ثمنها، ولا يزال المودعون.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا