اليونيفيل: نواصل مهامنا رغم المخاطر… وكل انتهاك للـ1701 يهدّد مسار الاستقرار
المجلس المذهبي يقر الموازنة السنوية العام 2026 في ظل تحديات مالية
عقدت الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز اجتماعاً في دار الطائفة – فردان برئاسة رئيس المجلس - شيخ العقل الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، لمناقشة واقرار الموازنة السنوية للمجلس، ومسائل مالية وادارية عامة. بمشاركة النائبين مروان حمادة وهادي ابو الحسن، والنائب السابق انور الخليل والاعضاء.
استهل شيخ العقل الجلسة بكلمة، قال فيها: "ليس من أحدٍ منّا لا يعرفُ الواقعَ الذي نعيشُه في ظلِّ ما تواجهُه البلاد من أزمات وتحديات؛ إمكانياتٍ محدودةً ومتطلباتٍ كثيرة، والسؤال الأهمّ: كيف يمكنُنا معادلةَ النفقات مع الواردات في موازنتنا؟ أي كيف يمكننا زيادة الواردات؟ والجوابُ القاطع: يمكننا ذلك من خلال ثلاثة مسارات: استثمار الأوقاف، وإقامة مشاريع إنتاجية، وجمع التبرُّعات، ولكلٍّ من تلك المسارات عملٌ لا بدّ من التأسيس له وتنظيمِه والتعاون لإنجاحه. جميعُنا مقتنعون أنه لا يجوز أن يتحوَّل المجلس إلى جمعية خيرية، فيكون كأيِّ جمعية تُعنى برعاية المحتاجين وتوزيع المساعدات، كما لا يجوز التخلّي عن أهلنا في الوقت نفسه، وهذه مسؤولية تطال الجميع؛ مشيخة العقل، المجلس المذهبي، القيادة السياسية، الجمعيات الخيرية، المؤسسات الدرزية، والميسورين من أهلنا مقيمين ومغتربين".
اضاف: "صحيح أنّ المشيخة والمجلس معنيان بالشأن الاجتماعي؛ الأكثرِ إلحاحاً والأكبر حجماً، لكنهما مَعنيَّان كذلك بالشؤون الدينية والثقافية والاغترابية ورعاية الأوقاف واستثمارها، وليس فقط بالشأن الاجتماعي، فالثقافة الدينية أولوية لترسيخ الإيمان والقيم الإنسانية وصون الهوية الروحية وتحقيق الانفتاح المتوازن، ومن الضروري والمفيد توسيعُ مراكزِ الثقافة التوحيدية في مختلف المناطق، والعمل الثقافي سلاحٌ لا بدَّ منه للحفاظ على الانتماء التاريخي والدور الوطني والاجتماعي والحواري وللقيام بمبادرات على المستوى الوطني، والشأن الاغترابي مسؤولية كبيرة تحتاج إلى ورشة تفكير وعمل واسعة لتمتين الروابط الروحية والاجتماعية والاقتصادية والوطنية مع أبنائنا المنتشرين، واستثمارُ الأوقاف ضروري ويحتاج إلى أن تُخصَّص نسبة مقبولة من عائداتها للتنمية، لا كما جرتِ العادة وفَرضَ الواقعُ بأن تُصرفَ جميعُها على المساعدات الاجتماعية والنشاطات المختلفة، وعلى الصيانة والحاجيات الإدارية".
وتابع: "لذلك، أنشأنا الصندوق الخيري الإنمائي لنسعى معاً لجمع التبرّعات والهبات، وبعد أن كان في عهدة مشيخة العقل آثرنا أن يُوضعَ في عهدة مجلس الإدارة، على قاعدة توحيد التوجُّهِ فيكون الصندوقُ مكاناً موحَّداً لجميع التبرُّعات والهبات، وعلى هذا الأساس وجّهنا الدعوات للعشاء السنوي لدعم الصندوق الخيري الإنمائي في شهر تموز الفائت، ولكنّ أحداثَ السويداء المؤلمة أجبرتنا على إلغاء حفل العشاء بعد أن كانت وُزِّعت الدعوات، واستعضنا عنه بالتواصل مع بعض المدعوّين للتبرُّع للصندوق، ولِعلم مجلسكم الكريم فإننا أوجدنا لهذا الصندوق نظاماً قابلاً للتطوير، يقضي بأن تكون نسبة 50% من التبرعات بعهدة رئاسة المجلس، و50% بعهدة مجلس الإدارة، فيكون لمشيخة العقل موقعُها الأبويّ الحاضن، بما يترتب عليها من مسؤوليات وأعباء، وبذلك يُمكنُها وضع المال حيث تجد الحاجة وترى ضرورةً لذلك، أكان من خلال لجان المجلس أو مباشرةً، ولمجلس الإدارة الحقّ بالتصرُّف بالحصّة الخاصّة به، وممّا لا شكّ فيه أن الشأن الاجتماعي يستحقُّ النسبةَ الأعلى من الموازنة أكان عن طريق المجلس أم من خلال مشيخة العقل، أمّا إذا كان هناك من توصية خاصة من قبل المتبرّع للصندوق، فيُصرَف المال بحسب شرط الواهب، كأن يكون مشروطاً لبرنامجٍ معيَّن أو عملٍ محدَّد فيخرج عندها عن قاعدة المناصفة، وهذا ما يمكن أن يحصل في حالاتٍ استثنائية نادرة جدَّاً، ولا يمكن أن يصبح عادياً، وإلّا فقد الصندوق دوره وأهميَّته. حبذا لو نستطيع تطويرَ هذا الصندوق، للوصول إلى خلق بنية اقتصادية مستدامة، بإقامة صندوقٍ استثماريٍّ سيادي للطائفة، تشترك في تغذيته الأوقافُ العامة والأوقافُ الخاصة بنسبٍ محدَّدة، ويتغذّى كذلك من نسبة معيّنة من عائدات المشاريع الاستثمارية التي تتمُّ برعايتنا، ومن الاكتتابات السنوية لإخواننا وأبنائنا، وعلى الأخصّ المغتربين منهم، ومن الهبات والتبرُّعات، ويكون له مجلسُ أمناء موسّع ونظامٌ دقيقٌ وصارم".
واردف: "أمَّا والحالُ كما هي، والموازنة المطلوبة للعام 2026 تفوق قدرةَ المجلس، وقد أُعدَّت لتغطية مصاريف المشيخة والمجلس وبرامج اللجان التي لا تُغطّى من موازنة الدولة، فقد بلغت موازنةُ مشيخة العقل حوالي 270 ألف دولار، وموازنةُ المجلس المذهبي حوالي مليوني دولار (منها مليون دولار هبات عينية)، وهو رقم خيالي بالنسبة للإمكانيات، لذلك سيَعتمِدُ مجلسُ الادارة مبدأَ إدارة السيولة، كما سيَشرح بعد قليل رئيسُ اللجنة المالية، أي الصرف بحسب المتوفِّر، والمتوفِّر يعتمد على مصادرَ ثلاثة: التبرُّعات بالدرجة الأولى وعائدات الأوقاف وتخفيض النفقات قدر الإمكان. لذلك فمن أُولى مهماتنا أن نسعى لمضاعفة التبرُّعات، من خلال الصندوق الخيري الإنمائي، وبالتكاتف في ما بيننا، ولا يَخفى عليكم أن حملة دعم أهلنا في السويداء أثّرت سلباً على تغذية الصندوق، إذ صبّت معظمُ التبرُّعات في اتّجاه حملة الدعم بناءً على النداء الذي أطلقناه، وقد جمعت حوالى 850 ألف دولار، منها 400 ألف د. من وليد بك وتيمور بك جنبلاط، بالإضافة إلى ما قدّماه بسخاءٍ من خارج المجلس. أمّا تخفيضُ النفقات فهو أمرٌ صعبٌ، ولكنه ضروري ويتطلّب منَّا شدَّ الأحزمة وتقنينَ المصاريف، أكان في الشأن الاجتماعي والاستشفائي أو في سواه، وربطَها بالتبرُّعات وتوفُّرِ السيولة، كما سيكون لعملية ملءِ الشواغر التي وافق عليها مجلسُ الوزراء تأثيرٌ إيجابي في حلِّ جزءٍ من المشكلة، بتوفير ما يُصرَفُ على التعاقد من حساب المشيخة والمجلس، وهو ما تتولّاه اللجنة الإدارية التي ستُعلن عن مباريات التوظيف الرسمي قريباً. أمَّا رفعُ عائدات الأوقاف ففي تحسُّنٍ مُطّرد، وهو ما تعمل عليه لجنة شؤون الأوقاف ومجلس الإدارة، باستقبال طلبات الاستئجار والاستثمار أسبوعيّاً، وتنظيم عقود إيجار جديدة على أكثر من عقار، بانتظار مشروع استثماري مُنقذ بعون الله، وهو ما نسعى إليه وما يجب أن نضعه نصب أعيننا".
واشار الشيخ ابي المنى، ان "هناك الكثير من الطموحات والواجبات التي تتطلّبُ منَّا العملَ الجادَّ الدؤوب وتعزيزَ الثقة في ما بيننا، وطرقَ أبواب الخير والعطاء بما يحفظ كرامةَ الطائفة، والتي تحتاج إلى مؤازرة القيادة السياسية وأصحابِ الأيادي البيضاء من أبناء الطائفة والأصدقاء. تلك التطلعاتُ لم تُلحَظ في الموازنة لعدم القدرة على تحمُّلِها أو تحمُّل أيّ جزءٍ منها، ولكن لا بدّ من السعي لذلك، بالرغم من الظروف التي حالت دون تحقيق أيِّ مشروع نوعي حتى الآن، من تلك الطموحات على سبيل المثال إقامةُ مشاريعَ استثمارية على عقارات الأوقاف، ستكون مُكلفة ولكن منتجة، كإقامة مشروع استثماري على العقار الذي يضمّ دار الطائفة، أو على غيره من العقارات المميّزة في بعورته أو ضهور العبادية أو غيرها، بالإضافة إلى مشروع إقامة بناء للمحاكم الدرزية وللمديرية العامة في بيروت، على الأرض المقدَّمة من بلدية بيروت لهذا الغرض. وكذلك مشروع إضافة بناءٍ في الجهة الخلفية لدار الطائفة يضمُّ مكاتبَ للّجان وقاعاتِ اجتماع ومجلساً للصلاة وسكناً لشيخ العقل وغيرَها".
وقال: "أمَّا بالنسبة لاتفاقيةِ الشراكة مع الرهبانية اللبنانية المارونية، فرعايتُنا لها معنوية، إذ هي كزراعة شجرة الزيتون مع قداسة البابا التي أكّدنا من خلالها على دور الطائفة والجبل في حمل رسالة المصالحة والسلام، كونها محاولةً لفتح بابٍ للشراكة الاقتصادية مع إخواننا المسيحيين، بما يملكون من مساحاتٍ واسعة من الأراضي، وقد شجعّنا على خوض هذه التجربة ورعينا توقيعَ الاتفاقية، لنؤكّدَ على أهميّة مثل هذه الشراكة التي أردناها بأن تكون مسارَ تعاونٍ طويل، ونأمل أن تؤخذَ بحجمها الطبيعي، إذ ليس لدى الموقّعين أيُّ مشروع يتعلّق بالأوقاف الدرزية لكي يُبحثَ في المجلس، كما طلب بعضُ الأعضاء الكرام، بل هناك توجُّهٌ لإقامة مشروع على أراضي الرهبانية اللبنانية المارونية بحسب الاتفاقية، إذا ما تمكّن الموقّعون من إنشاء شركة استثمارية خاصة وإقناع المستثمرين بالمشروع، إذ إن واقع شركة الدراسات وقانون المجلس المذهبي لا يسمحان باستخدام أراضي الأوقاف الدرزية حالياً لإقامة أي مشروع بحسب ما ترى اللجنة القانونية".
واردف: "من جهةٍ أخرى، فإننا نقرأُ ونسمع أخبارَ الصناديق الخيرية والمشاريع الاستثمارية والاجتماعية لدى الطوائف، من صندوق الزكاة الذي وَقّع منذ أسبوع اتفاقاً مع جمعية المقاصد الإسلامية الخيرية لدعم التعليم في مدارسها، إلى المشاريع السكنية التي تقيمُها الأبرشيات المسيحية في هذه المنطقة أو تلك، وقد تمكنّا من جهتنا عبر جمعية الغد وبدعم كبير من وليد بك من إقامة مشروع سكني وحيد في الشويفات ولم تتمكن الجمعية حتى الآن من إقامة مشروع آخر، إلى مشروع رعاية الأسرة وصيانتها والذي نراه موجوداً عند العديد من الطوائف، إلى خلق مشاريع استثمارية تُتيح فرصَ العمل للشباب وتثبّتُهم في أرضِهم، وهذا كلُّه يحتاج إلى رؤية متقدّمة، وإلى فتح الأبواب، وإلى خطوات ومبادرات عملية لتأمين التغطية المالية.
بالمقابل، فإننا نتعرّضُ لهجوم منظّم ومبرمج ضمن مخطّطٍ جهنّميٍّ حاقد، بما لم يسبقْ له مثيلٌ في تاريخ الطائفة، بقصد إحباطنا وتحطيم قدراتنا، على مستوى القيادة السياسية ومشيخة العقل والمؤسسات الدرزية، ما يوجب الثباتَ وتعزيزَ الثقة في ما بيننا، وتمتينَ روابطنا الداخلية، ومضاعفةَ العمل والحضور في كل ما يخدم أهلنا ويؤكّد على دورنا الوطنيّ والاجتماعيّ، ويحفظ هويتَنا ووجودَنا الفاعل، ويلبّي حاجةَ مجتمعِنا وطموحَ أجياله الصاعدة".
وختم : "أكتفي بهذا القدر من الإطالة، راجياً الله تعالى لمجلسنا الكريم التوفيقَ في مهمته، وتاركاً لرئيس اللجنة المالية المجالَ لعرض الموازنة التي هي موضوعُ الجلسة الأساسي، ولكم الفرصةَ لمناقشتها بروحٍ إيجابية. ولكم جميعاً الشكرُ والاحترام".
بعد ذلك عرض رئيس اللجنة المالية في المجلس المذهبي د. عماد الغصيني بنود الموازنة السنوية لمناقشتها واقرارها، وبعد المناقشة والمداخلات واولها للاستاذ انور الخليل تمت اقرار الموازنة والمصادقة عليها .
الصايغ
وكان شيخ العقل التقى قبل ذلك عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب فيصل الصايغ ووكيل داخلية بيروت في الحزب التقدمي الاشتراكي وليد العاقل، وتناول البحث اموراً متصلة بالعاصمة واموراً عامة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|