ذكرى الأسد أحيت "الفتنة" المذهبية في الشارع اللبناني ...الدعم الخارجي للاستقرار لا الإستقطاب!
بين الإنزلاق ومحاولات الإحتواء الحثيثة، يقف لبنان على قاب قوس"مارد الفتنة" الذي يستيقظ في لحظة ما وليتبيّن لاحقاً أنه لم يتلاشى أو ينسى بالكامل.
هذا الكلام يتردد على خلفية مشهد الإضطرابات المتنقلة التي حصلت منذ يومين بين شارعين الأول سُنّي نزل رافعاً صور الرئيس السوري أحمد الشرع في الذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد والثاني لحزب الله اعتراضاً على تحركات هذه المجموعات اللبنانية-السورية المعارضة لنظام استبسل حزب الله في القتال إلى جانبه ضد المعارضة السورية آنذاك والتي باتت اليوم في سدة المواقع الرسمية في سوريا. واستطراداً كان يمكن تفادي كل هذه المشهدية والتوترات في مناطق معروفة باحتقانها الطائفي سواء في قصقص بيروت أو صيدا أو طرابلس من خلال منع اي تظاهرة مؤيدة للنظام "الأسدي" أو معارضة للرئيس الحالي، والأهم كان من الأجدى أن يحتفل النازحون السوريون بذكرى سقوط الأسد من داخل الأراضي السورية لأنهم بذلك أثبتوا انتفاء الحجة لبقائهم بصفة نازحين في لبنان.
في العودة إلى احداث "الذكرى" فإن الكلام عن الفتنة لا يزال مبالغاً إذ نجح الجيش في تطويق بعض الإشكالات ومنعها من التحول إلى صدام واسع. كما أبدت معظم القوى السياسية حرصها على التهدئة، مدركة أن أي انفلات سيضع البلاد على حافة انهيار لا قدرة لها على مواجهته.
الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي يقول لـ"المركزية" أن المعضلة الأساسية في لبنان لم تعالج بعد وهي تتجسد بوجود تدخل عسكري وسياسي في الشأن اللبناني كان سابقاً من قبل المنظمات الفلسطينية ثم من نظام آل الأسد في سوريا وبعده التدخل الإيراني عبر منظمة حزب الله المسلحة وصولا اليوم إلى تدخل خطير عبر المسافات من النظام وولاية الفقيه في إيران ". ويلفت إلى أن العوامل المتداخلة تُترجم بين الحين والآخر بتصادمات داخلية وبدوافع خارجية وتتخذ طابعا فتنوياً أو طائفيا ومذهبياً كما جرى في أكثر من مناسبة في السنوات الماضية وآخر تجليات هذه المؤثرات الخارجية ظهر في التصادمات المتنقلة التي حصلت في الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد ومجيء نظام أحمد الشرع، بحيث اتخذت هذه التصادمات سريعاً طابعاً مذهبياً لبنانياً بين السنة والشيعة وهذا ما ظهر جليا على تخوم الضاحية الجنوبية وخلدة وعرمون وتحديدا في منطقة حارة صيدا إضافة إلى مناطق أخرى ذات تداخل مذهبي أو طائفي في الجنوب أو البقاع وهذا يؤشر أن لبنان ما زال قابلاً لاشتعال فتن طائفية، طالما أن هناك تدخلا خارجياً يتجسد عملياً بوجود قوة مسلحة كبيرة خارج الدولة ولا تملك الأخيرة سلطة مباشرة عليها. وقد ظهر ذلك في التردد والتباطؤ اللذين اتسمت بهما الأشهر القليلة الماضية بعد القرار المركزي المهم في 5 آب الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بحصر السلاح .
ويلفت الزغبي أنه" كان يمكن تفادي الصدامات الأخيرة لولا التصادم الأعلى ما بين الحالة السورية الجديدة والنظام الإيراني بعد انسحاب نفوذه الأمني والعسكري والسياسي من سوريا مع سقوط بشار الأسد. وقد تُرجم الصراع العالي ما بين دمشق وطهران في المسيرات الأخيرة التي حصلت بأكثرية لبنانية ذات طابع سني مع مجموعات من النازحين السوريين المؤيدين لأحمد الشرع .وهذا يعني ان الساحة اللبنانية ما زالت قابلة لامتصاص الصراعات الخارجية. والعلاج الوحيد هو فرض مرجعية الدولة وحدها على جميع الأطراف بدءا من الأطراف المسلحة خصوصا حزب الله وسراياه التي شكّلها من مذاهب أخرى وصولا إلى المنظمات الفلسطينية وكل طرف لا يزال يتمتع بسلاح أو بمجموعات مدربة مسلحة يمكن "إيقاظها" وتحريكها عند المنعطفات السياسية الطارئة".
كل المؤشرات اليوم تدل أن ثمة من يخطط لإيقاظ الفتنة من خارج الحدود على أن تتسلل وتنفجر في الداخل اللبناني. وتعقيباً يقول الزغبي" طبعا هناك ضغط على الحدود الشرقية والشمالية بسبب استمرار حزب الله في تكوين منظمة مسلحة كبرى لا تزال تحاول الحصول على السلاح عبر المعابر مع سوريا وتعيد بناء ترساناتها العسكرية وتحديدا في البقاع، الأمر الذي يثير حساسية كبرى لدى الجانب السوري على خلفية ما أقدم عليه حزب الله خلال الحرب السورية من أعمال عسكرية خطيرة وتهجير مناطق ومدن وبلدات من سكانها الأصليين، والنموذج الأمثل مدينة القُصير. وعليه، فإن روح الثأر ما زالت متبادلة على الحدود الشرقية في لبنان تحديدا وهذا خطر لا يمكن تجاهله، مما استدعى اهتماماً دولياً وقد تم ذلك عبر باريس من خلال طرح مسألة إعادة ترسيم الحدود واحتواء أي تصعيد متبادل بالتعاون المباشر مع الجيش الذي سيعاد تجهيزه بشكل كاف لحماية استقرار الحدود الشمالية والشرقية بمساندة دولية ليس أقلها أبراج المراقبة البريطانية على هذه الحدود".
والسؤال الذي يطرح كيف تلقفت الدولة اللبنانية الرسالة وما الخطوات المطلوبة لوأد بذور الفتنة؟ " في مسألة الصدامات ذات الطابع الفتنوي الطائفي المذهبي تجسد الدولة دور المراقب وليس الفاعل المؤثر وكأنها بذلك تحولت إلى قوة فصل ما بين المتصادمين وهذا دليل عجزها عن معالجة كل هذه المعضلات اللبنانية. أضف إلى أن الجيش غير قادر على معالجة كل هذه الملفات الأمنية الخطيرة من بيروت إلى الجنوب وصولا إلى الشرق والداخل. إذا المسألة باتت في عهدة الأيادي الإقليمية والدولية وتحديدا في أيدي الثنائي الأميركي-السعودي لعله يستطيع أن يضع حدا حاسماً لكل هذه التدخلات بالأسلحة. وكذلك الأمر في مسألة إنشاء ميليشيات وتحريك العصبيات. فهذا الثنائي العربي الدولي وحده القادر على وضع حد لهذه المشكلة الكبرى في لبنان لإعادة ترسيم قدرة الدولة على بسط سلطتها على كل اللبنانيين والأراضي اللبنانية" يختم الزغبي.
جوانا فرحات - المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|