دور غير متوقع.. الشوكولاتة الداكنة تبطئ الشيخوخة

لطالما ارتبطت الشوكولاتة الداكنة بفوائد صحية محتملة، إلا أن دراسة علمية حديثة كشفت عن دور غير متوقع لأحد مكوناتها الطبيعية في إبطاء مظاهر الشيخوخة البيولوجية.

فقد توصل باحثون في كلية "كينغز كولدج -لندن" إلى أن مركباً يُعرف باسم "الثيوبرومين"، والموجود في الكاكاو، يرتبط بظهور مؤشرات بيولوجية لعمر أصغر لدى بعض الأشخاص، بحسب موقع "MedicalXpress" العلمي.

فالدراسة التي نُشرت في مجلة Aging في 10 ديسمبر (كانون الأول) 2025، حللت مستويات هذا المركب في الدم، وربطتها بمؤشرات دقيقة تستخدم لقياس سرعة تقدم الجسم في العمر.

اما هو العمر البيولوجي؟
وعلى عكس العمر الزمني الذي يُقاس بعدد السنوات، يعكس العمر البيولوجي كفاءة عمل خلايا الجسم ووظائفه. ويُقاس هذا المؤشر عبر تحليل تغيّرات جزيئية محددة، أبرزها مثيلة الحمض النووي (DNA methylation)، وهي علامات كيميائية دقيقة تتغير مع التقدم في السن، وقد تنبئ بمخاطر صحية مستقبلية.

وفي هذه الدراسة، لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين يمتلكون مستويات أعلى من الثيوبرومين في دمهم بدوا بيولوجياً أصغر من أعمارهم الحقيقية.

بيانات واسعة من أوروبا
فيما اعتمد الفريق البحثي على تحليل بيانات من مجموعتين أوروبيتين كبيرتين، الأولى مجموعة TwinsUK البريطانية التي شملت 509 مشاركين، والثانية مجموعة KORA الألمانية التي ضمت 1160 شخصاً.

ووجد الباحثون نمطاً متكرراً، إذ كلما ارتفع مستوى الثيوبرومين في الدم، انخفضت مؤشرات التقدم في العمر البيولوجي، مقارنة بالأشخاص ذوي المستويات الأقل.

وفي السياق، قالت البروفسورة جوردانا بيل، أستاذة علم التخلّق الجيني في كلية "كينغز كولدج- لندن" والمشرفة على الدراسة: "نرصد ارتباطاً بين أحد مكونات الشوكولاتة الداكنة وبين البقاء أصغر بيولوجياً لفترة أطول، دون أن يعني ذلك الدعوة إلى الإكثار من تناول الشوكولاتة".

لماذا الثيوبرومين تحديداً؟
كما فحص الباحثون خلال الدراسة، مركّبات أخرى موجودة في الكاكاو والقهوة، إلا أن الثيوبرومين كان الوحيد الذي أظهر ارتباطاً واضحاً بعلامات التقدم في العمر. ويُعد هذا المركّب من القلويدات النباتية، وهي مواد طبيعية يمكنها التأثير في نشاط الجينات، والمشاركة في تنظيم عمليات حيوية طويلة الأمد. ورغم شهرته بكونه ساماً للكلاب، فقد ارتبط لدى البشر بانخفاض مخاطر أمراض القلب، لكنه لم يحظَ باهتمام علمي واسع في مجال الشيخوخة حتى الآن.

كذلك استخدم الباحثون طريقتين لقياس العمر البيولوجي، الأولى هي تحليل مثيلة الحمض النووي، والثانية هي قياس طول التيلوميرات، وهي نهايات الكروموسومات التي تقصر تدريجياً مع التقدم في العمر وترتبط بزيادة مخاطر الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.

وأظهرت النتائج أن ارتفاع مستويات الثيوبرومين ارتبط بمؤشرات أفضل في كلا المقياسين.

الحذر واجب
لكن رغم النتائج المشجعة، شدد الباحثون على أن تناول كميات أكبر من الشوكولاتة ليس حلاً مباشراً لإبطاء الشيخوخة، إذ تحتوي الشوكولاتة أيضاً على السكر والدهون والسعرات الحرارية.

وعلق الدكتور رامي سعد، الباحث الرئيسي في الدراسة: "ما زلنا بحاجة إلى فهم الآليات الدقيقة وراء هذا الارتباط، وكيف يتفاعل الثيوبرومين مع الجينات والعوامل الغذائية الأخرى".

هذا ورأى الفريق البحثي أن هذه النتائج تفتح الباب أمام دراسات أوسع حول تأثير مركّبات غذائية طبيعية على الشيخوخة والصحة العامة، وقد تساعد مستقبلاً في تطوير استراتيجيات غذائية أكثر دقة لدعم الشيخوخة الصحية.

لكن الرسالة الأهم، بحسب الباحثين، هي أن الأطعمة اليومية قد تحمل إشارات خفية لصحة أفضل، شرط التعامل معها بوعي واعتدال.