إقتصاد

الخردة السورية ممنوعة في لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أقرّ مجلس الوزراء، في جلسته الأخيرة، وبناء على طلب من وزارة المالية، منع شحنات الخردة الآتية من سوريا إلى لبنان بغية إعادة تصديرها من المرافئ اللبنانية. لماذا صدر هذا القرار وما هي خلفياته؟

تشكّل تجارة الخردة المعدنية جزءًا رئيسًا من سوق دولية لصناعة الحديد والصلب قيمتها حوإلى 46 مليار دولار على مستوى العالم. هذه التجارة نشطت في لبنان وسوريا وبين البلدين منذ اندلاع الأزمة في سوريا عام 2011، لأن جمع الخردة المعدنية والحديد يشكّل جزءًا من تجارةٍ لا غنى عنها لتنشيط صناعة الفولاذ التي تعدّ من أكثر الصناعات تلويثًا للبيئة في العالم، إذ تعتبر هذه الصناعة مسؤولة عن 11 % من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية. وبما أن الفولاذ مادة قابلة لإعادة التدوير بالكامل، فقد شرع العديد من الدول بدخول هذا المجال خلال العقود الأخيرة، منها سوريا التي اجتاحها الدمار، وباتت مناطقها مليئة بالركام، وكذلك لبنان الذي دمرّت الحرب الإسرائيلية مناطق عدّة فيه، وأصبح ركام هذه الحرب حافزًا لتنشيط تجارة الخردة.

لكن رحلة الخردة السورية تنطلق من معامل سوريا في عدرا وغيرها وتتجه إلى لبنان عبر طريق بيروت – دمشق، في شاحنات محمّلة للتصدير، لتصل الخردة في النهاية إلى مصانع الصلب التركية حيث يتمّ خلطها مع مثيلاتها من مصادر مختلفة.

منذ العام 2020، بدأت شاحنات لبنانية تدخل إلى مراكز التجميع في سوريا، وتحمّل الخردة وتنقلها إلى لبنان بعد أن تدفع بين 100 إلى 130 دولارًا للطن الواحد، ليعاد بيع هذا الطن في لبنان وإلى الخارج بـ 300 دولار. وكانت الشاحنات اللبنانية تذهب غالبًا لتحميل الخردة من مركز تجميع المطلّة، لتخرج الخردة والحديد من سوريا إلى لبنان، إمّا من معبر جديدة يابوس، أو من بوابة حمص– القصير الحدودية، لتصل إلى مرافئ لبنان وتُشحن عبر البواخر إلى تركيا.

كانت الشاحنات تدخل إما عبر قنوات رسميّة، أي شاحنات مرخصة تمرّ عبر المعابر الجمركية بين البلدين، مع فواتير/شهادات منشأ إذا كانت للتصدير أو لإعادة التدوير بصفة شركة، أو عبر قنوات غير رسمية أي من خلال التهريب عبر سيارات صغيرة أو شاحنات تقلّ حمولات مختلطة، أحيانًا تُخفى بسلع أخرى أو تستخدم طرقًا بديلة لتجاوز الرقابة.

وفقًا لبعض الوثائق التي وُجدت في أحد الحواجز على الحدود بين لبنان وسوريا، فإن عدد الشاحنات التي تمرّ شهريًا من سوريا إلى لبنان محمّلة بالخردة، يبلغ حوالى 100 شاحنة. علمًا أن سعر كيلو حديد الخردة بعد دخول الجانب اللبناني للتجارة به ونقله إلى لبنان، تضاعف في سوريا من 4 سنتات من الدولار إلى حوالى 10 سنتات. مع الإشارة إلى أن أكثر من مليوني طن من خردة الحديد غادرت الموانئ اللبنانية متجهةً إلى تركيا منذ عام 2013، وفقًا لإحصاءات قاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة، معظمها آتية من سوريا.

تحمّل شركات تصدير في لبنان حاويات أو شاحنات وترسل خردة (خصوصًا النحاس والألمنيوم والحديد) إلى دول مجاورة أو مصانع في تركيا وأوروبا وشرق آسيا.

الاقتصاد الأسود

لماذا شرعت الحكومة اللبنانية اليوم في منع إعادة تصدير الخردة الآتية من سوريا؟

أسباب عدّة، أبرزها مكافحة الاقتصاد الأسود غير الرسمي الذي يغذي عمليات تبييض الأموال، حيث كانت تجارة الخردة والكبتاغون تأتي على رأس هرم أعمال الفرقة الرابعة في سوريا التابعة لنظام الأسد والتي بنت اقتصادها على الجريمة المنظمة. وكانت شركات محدّدة ما زالت قائمة لغاية اليوم هي المسؤولة والموكلة من قبل النظام بهذه التجارة، علمًا أن كبار تجار الخردة في سوريا قبل سقوط النظام، هم اليوم على لائحة العقوبات الأميركية والأوروبية، ومجهولو مكان الإقامة. وكما كانت تجارة الكبتاغون مصدر دخل للنظام السوري وأداة لتمويل "حزب اللّه"، كذلك هي تجارة الخردة التي استمرّت بعد سقوط النظام. 

وبما أن تجارة الخردة هي تجارة غير رسمية فهي تدخل ضمن الاقتصاد الأسود في لبنان وفي سوريا. وفي ظلّ سعي الحكومة اللبنانية جاهدة اليوم، لإزالة لبنان عن اللائحة الرمادية لمنظمة العمل المالي الدولية ولتلبية شروط المجتمع الدولي في مكافحة الاقتصاد الأسود الذي يموّل نشاط "حزب اللّه"، فإن هذا القرار يأتي في هذا السياق، وضمن الإجراءات العديدة المتخذة على الصعيد المالي والمصرفي والنقدي والتجاري للحدّ من مصادر الدخل غير الشرعية المستخدمة لتمويل "الحزب".

وقد أكدت مصادر متابعة لـ "نداء الوطن" أن شاحنات الخردة كانت تأتي من سوريا إلى لبنان بتنظيم من الفرقة الرابعة التابعة لنظام الأسد وتدخل بتسهيلات من قبل جهات معروفة محليًا ليعاد تصديرها إلى الخارج عبر مرفأي طرابلس وصيدا، معتبرة أن قرار الحكومة بمنع إعادة تصدير الخردة الآتية من سوريا، لن يكون سهل التطبيق، إذ إن تجار الخردة الذين يشحنون من سوريا، يمكنهم وضعها موقتًا في أي بورة في لبنان وإعادة بيعها وتصديرها لاحقًا على أنها إنتاج محليّ، كون هذه التجارة شريانًا يغذي تمويل إحدى الجهات في لبنان.

في هذا السياق، أوضح رئيس جمعية تجار الخردة والسكراب في لبنان أحمد بربيش لـ "نداء الوطن" أن كلّ ما يدخل من خردة إلى لبنان عبر سوريا يأتي عن طريق التهريب وليس بصورة رسمية لأن استيراد الخردة من سوريا ممنوع. معتبرًا أن معالجة موضوع تهريب الخردة أمر مهمّ لأن نسبة التهريب كبيرة رغم أنها تقلّصت بشكل لافت بعد سقوط النظام في سوريا. مشددًا على أهمية معالجة ملف التجار السوريين غير المرخصين الذين يمارسون تجارة بيع وشراء الخردة في لبنان عبر شركات وهمية ومن دون تراخيص، ومن دون التصريح لوزارة المالية.

وأكد بربيش أن الإنتاج المحلي من الخردة ليس كبيرًا ولا توجد معامل متخصّصة لاستهلاك الخردة في لبنان، بل يصار إلى تصدير كافة الإنتاج المحلي إلى الخارج وتحديدًا إلى تركيا ومصر عبر مرفأي طرابلس وصيدا، لافتًا إلى أن حجم التصدير يتراوح بين 25 و 30 ألف طن شهريًا، 60 في المئة منها إنتاج محلي والباقي تهريب من سوريا. وأشار إلى أن سعر طن الخردة في لبنان يبلغ حوالى 250 دولارًا ويباع إلى الخارج بحوالى 320 دولارًا.  

رنى سعرتي -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا