هل تمرّ "تهريبة" الـ90 مليون دولار.. قافزةً فوق الحكومة والمجلس مجتمعاً؟!
لم تمرّ "تخريجة" لجنة المال والموازنة النيابية في جلستها المنعقدة الأسبوع الفائت، مرور الكرام. بل شكّلت محطّ قراءة وترقّب لدى شريحة نيابية واسعة إلى جانب الحكومة مجتمعةً والرأي العام اللبناني باستثناء الطائفة الشيعية... بطبيعة الحال!
فاللجنة التي خلصت إلى تحويل 90 مليون دولار من احتياطي الموازنة إلى "مجلس الجنوب" و"الهيئة العليا للإغاثة" بهدف "تسديد جزء من مستحقات إعادة الإعمار" كما جاء في خلاصة الشرح، سجّلت بقصد أو عن غير قصد، مخالفة فادحة لقرار الحكومة أولاً ومجلس النواب ثانياً! بإجماع رجال السياسة والقانون.
فهل سيمرّ هذا الاقتطاع من احتياطي الموازنة، من الناحية القانونية والتنفيذية؟
عضو تكتّل "الجمهورية القوية" النائب غسان حاصباني يوصّف عبر "المركزية" هذه "التهريبة" على حدّ تعبيره، بالقول: خلال التئام لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان تمت مناقشة تأخّر القرض الذي كان من المقرّر منحه من البنك الدولي لإعادة إعمار البنى التحتية، فكان أن ارتأى المجتمعون إضافة أموال إلى موازنة "مجلس الجنوب" كي يقوم بالمهام الموكلة إليه، ليس عملية إعادة الإعمار فحسب، بل أيضاً تأمين بعض المساهمات والمساعدات للعائلات المتضرّرة في قرى الجنوب... هذا بالطبع مطلب "الثنائي الشيعي" تماهى معه رئيس اللجنة النيابية وبعض النواب كالنائب ألان عون، مقابل اعتراض عدد كبير من النواب وصولاً إلى خروجهم من الجلسة، ولكن نجح الفريق الآخر في تأمين الحدّ الأدنى من النصاب داخل الجلسة لاستكمال الموضوع وتمريره اقتطاع 90 مليون دولار من احتياطي الموازنة للهدف المنوَّه عنه.
في حين، وفق حاصباني "يوضع الاحتياطي في الموازنة كي تستخدمه الحكومة في حال تبيّن وجود أي عجز في الموازنة أو حدث أي طارئ حيث يتم نقل الأموال من الاحتياطي لتغطية بنود محددة. لكن اختصار قرار الحكومة بقرار لجنة نيابية اقتطاع جزء من احتياطي الموازنة لاستخدامه لتغطية بند معيّن بغضّ النظر عن ماهيّته، فهذا أمر لا يجوز إطلاقاً! خصوصاً أنه عندما يجري التصويت في الهيئة العامة لمجلس النواب لا تدخل في بنود الأرقام فرادة، بل تناقش البنود القانونية أولاً ثم تصوّت على الموازنة بكليّتها... مع الإشارة إلى أن الحكومة كان في مقدورها تخصيص مبلغ الـ90 مليون دولار لـ"مجلس الجنوب" لكنها لم تفعل، نظراً إلى وجود أولويات أخرى لديها، أكثر إلحاحاً من تلك".
...أن يمرّ هذا القرار كـ"تهريبة" تكون قد اختصرت لجنة المال مجلس النواب والحكومة معاً"، يقول حاصباني، ليسأل "مَن يحدّد الأولويات؟ لماذا تحويل هذه الأموال المُجباة من الضرائب، إلى "مجلس الجنوب"؟ مع عدم إغفال غياب آلية التنفيذ والرقابة على السواء، إذ لا توجد آلية واضحة على كيفية صرفها وأين! كما أن الاستقرار الأمني مهدَّد وبالتالي ماذا يضمن أن الأموال التي ستُصرف على ورش العمل على الأرض ستبقى سليمة ولن يتم استهدافها بالغارات الإسرائيلية!
ولا يتردّد حاصباني في طرح الأسئلة الآتية على سبيل المثال لا الحصر:
لماذا لا يُخصَّص الـ90 مليون دولار للجيش اللبناني بدل أن يستجدي الأموال من الخارج؟ فالجيش اللبناني والقوى الأمنية كافة أحق في الحصول على هذا المبلغ في ظل الظروف الصعبة التي يعملان فيها.
لماذا لا يُخصَّص الـ90 مليون دولار لأساتذة التعليم العام وصناديق تعويضات المعلمين؟
لماذا لا يُخصَّص الـ90 مليون دولار لموظفي القطاع العام؟
هناك أولويات كثيرة في البلاد تحتاج إلى هذا المبلغ، يتابع حاصباني، "وُضعت كلها جانباً لإعطاء الـ90 مليون دولار لـ"مجلس الجنوب" الذي لا نعلم بأي آلية ووفق أي خطة سيصرف هذه الأموال؟ كما أننا لا نعلم إن كانت ستصل إلى أهل الجنوب فعلاً أم ستُهدَر كما هُدِرت أموال كثيرة قبلها؟!".
قرار لجنة المال مُنزَل؟
وعما إذا بات القرار محسوماً ولا رجوع عنه، يُجيب حاصباني: بالتأكيد ليس محسوماً، قد تتم مناقشة الموضوع في الهيئة العامة لمجلس النواب، إنما نظراً إلى طريقة إدارة مجلس النواب من قِبَل رئيس المجلس نبيه برّي فمن المتوقَع أن يدعم الأخير هذه التهريبة ويتغاضى عن مبدأ مناقشتها والتصويت عليها، تماماً كما يفعل اليوم مع قانون الانتخاب بما يتعلق بأصوات المغتربين، عبر عدم إدراجه على جدول أعمال الجلسة التشريعية.
في ضوء هذا التطوّر، "نرى أن منسوب خطورة التشريع في ظل الفوضى، عالٍ جداً في المرحلة الراهنة... لأن أي شيء بات متوقَّعاً لا سيما بـ"التهريبات" المعاكِسة لأنظار المجتمع الدولي الداعم للبنان، ولأولويات الدولة اللبنانية ككل" يختم حاصباني.
ميريام بلعة - المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|