الصحافة

رسائل الدّم والنّار إلى: الدّولة و”أمل” والسُّنّة ولبنان الكبير

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في يوم واحد شهد لبنان ثلاثة أحداث يمكن فكّ شيفرتها باعتبارعا مقدّمة لتصعيد كبير، سياسيّ وعسكريّ، سيطال بيئات مدنيّة جديدة، خارج “الحزب”، وجسم “الدولة”. سيطال “السنّة” و”الدولة” وحركة “أمل”… و”لبنان الكبير”.

في قرية سبلين على أبواب الشوف في جبل لبنان استهدفت مسيّرة إسرائيليّة يوم الثلاثاء الفائت مركبة، قتلت في داخلها عنصراً في حركة “أمل”، وجرحت 3 عناصر من “الأمن العامّ” اللبنانيّ، توفّي أحدهم.

فتحت هذه العمليّة الباب على تأويلاتٍ كثيرة، أهمّها:

1- الاستهداف قتل عنصراً في حركة “أمل” التي ظلّت خارج “معركة الإسناد”، وكان جزاؤها دوراً سياسيّاً كبيراً لرئيسها نبيه برّي في مرحلة “ما بعد الحرب”.

2- الاستهداف شمال الأوّلي وليس فقط شمال الليطاني. في منطقة وليد جنبلاط.

3- الاستهداف لم يأبه أو تقصّد أن يكون هناك عناصر تابعون لجسم “الدولة” اللبنانيّة. وهم عناصر في جهاز الأمن العامّ.

4- العناصر الثلاثة، بالصدفة، من الطائفة السنّيّة، من بلدة كترمايا في الشوف.

“عن طريق الخطأ”؟

لنتذكّر هنا أنّ إسرائيل تحرص على ألّا يكون هناك إضرار بالعابرين، أينما كانوا. حتّى إنّ الخمسة الذين قيل إنّهم سقطوا في استهداف القائد العسكريّ في “الحزب” علي الطبطبائي، تبيّن أنّهم كوادر عليا في “الحزب”.

لنتذكّر أنّ عنصراً في “الحزب”، استُهدف في سيّارة على كوع الكحّالة، توفّي، ولم تصَب زوجته، إلى جانبه في السيّارة، بأيّ أذى.

بالتالي فكرة “الصدفة” في استهداف 3 عناصر في الأمن العامّ، وألّا تكون لدى إسرائيل فكرة عن طائفتهم أو انتمائهم، لهي فكرة غير قابلة للتصديق.

أفيخاي لم يعلّق إطلاقاً

اللافت على صفحة الناطق باسم الجيش الإسرائيليّ على “إكس”، أنّه لم يعلّق إطلاقاً على هذه العمليّة. لم يشرح هدفها، ولا سبب استهداف عنصر في حركة “أمل” ولا عناصر “الأمن العامّ”. وهو ما يعني أنّ إسرائيل تقصّدت عدم توضيح هدف العمليّة.

هذا يرفع من أسهم اعتبار العمليّة “رسالة سياسيّة” أكثر منها تعبيراً عن “حاجة عسكريّة” أو “تحييداً لخطر”، على ما تذهب البيانات الإسرائيليّة بعد كلّ استهداف. مع توضيح هويّة المُستهدَف وسبب استهدافه.

خلاصة الرّسالة السّياسيّة

أمّا في تفكيك هذه الرسالة الرباعيّة الأطراف، فهناك الآتي:

1- حركة الرئيس برّي تزعج “الغرب”. وإسرائيل هي الذراع التنفيذي لهذا “الغرب”، من أميركا إلى أوروبا، مروراً بالشرق الأوسط وحلفاء الغرب فيه. وبالتالي حركة “أمل” قد لا تكون في مأمن خلال التصعيد المرتقب.

2- الاستهداف في منطقة نفوذ وليد جنبلاط هي رسالة له أيضاً، بعدما اتّخذ مواقف تقترب من “الحزب” بشكلٍ أو بآخر، وتهاجم أميركا، خلال حواره التلفزيونيّ الأخير مع الزميل مارسيل غانم.

3- تقصُّد إسقاط ضحايا من جسم “الدولة” إشارة إلى أنّ التصعيد سيطال مؤسّسات الدولة اللبنانيّة. بسبب تقاعس هذه الدولة عن التصرّف مع سلاح “الحزب”.

4- عناصر الأمن العامّ من الطائفة السنّيّة. وهو ما يعني أنّ الاستهدافات ستطال أيضاً مناطق العمق السنّيّ. وهذا يضرب “سرديّة” سوّقها “الحزب” خلال الأشهر الأخيرة، مفادها: “الضحايا شيعة حزبيّون… ونحن راضون”. وبالتالي هذا سيُدخل “مجموعات” و”طوائف” لبنانيّة جديدة في مرمى الاستهداف. ربّما بهدف تحميل الأحزاب والطوائف مسؤوليّة التلكّؤ عن مواجهة “الحزب” وسلاحه في الداخل.

كانت هذه السرديّة تشكّل صِمام أمان داخليّاً، وتُبقي باقي اللبنانيّين في موقع المتفرّج القَلِق لا الشريك القسريّ في الحرب. ويعني كسرها فتح الباب أمام توتّر وطنيّ أوسع، وربّما أمام إعادة تعريف “من يدفع الثمن”.

خريطة بريطانيا: هلال أحمر حول “لبنان الصغير”

في اليوم نفسه، أصدرت السفارة البريطانيّة في لبنان تحذيراً إلى رعاياها، رسّمت به حدود “لبنان الصغير” باعتباره آمناً. واستثنت الأقضية الأربعة، ضاحية بيروت الجنوبية والطريق الجديدة، أي مكمّلات “المتصرّفيّة” داخل العاصمة. وبقي لبنان الصغير، من صيدا جنوباً، إلى حدود زحلة شرقاً، وصولاً إلى مشارف طرابلس وبشرّي، ضمن نطاق الأمان. مع إبقاء حاصبيا وراشيا (جنبلاط)، داخل “الهلال الأحمر” الخطِر.

هذه ليست نصيحة سفر وحسب. إنّها “شهادة دوليّة” أنّ فكرة “لبنان الصغير” تعود لتتقدّم على الخرائط الدوليّة، ولو بصيغة أمنيّة غير معلنة. لبنان المتعدّد، المختلط والمفتوح يتحوّل في نظر الخارج إلى فسيفساء مناطق خطِرة وأخرى “صالحة للحياة”.

بالتالي تكمل الرسالة البريطانيّة شيفرة القصف الإسرائيليّ اليتيم في سبلين: لبنان الصغير، المتجانس سياسيّاً مع المجتمعَين العربيّ والدوليّ، هو الآمن. وبقيّة أطراف “لبنان الكبير”، والمتصرّفيّة، باتت في مرمى الخطر. ومن لم يفهم الخريطة، فليراجع عمليّة سبلين.

الغرب يضيق ذَرعاً بلبنان الكبير

ما يجمع بين هذه الوقائع هو مسار واحد: الغرب ضاق ذرعاً بلبنان وتمييع حصر السلاح ومحاولة كسب الوقت.

تلوّح إسرائيل بتوسيع الحرب أفقيّاً داخل الطوائف، لا عموديّاً على الجبهة فقط. تضغط على “أمل” عبر بيئتها، تكسر احتكار “الحزب” للدم والضحيّة وتبعث برسالة إلى الخارج بأنّ لبنان لم يعد كياناً واحداً آمناً… “أو تستقيمَ لي قناتُكم”*.

محمد بركات - اساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا