لفرض واقع أمني جديد.. إسرائيل تنفذ خطة "حلقة المناطق العازلة" جنوب لبنان
إعلان سلام قوبل باستياء: هل يرفض الحزب التعاون شمال الليطاني؟
قبل أن تعلن قيادة الجيش تقريرها المتعلق باستكمال تطبيق حصرية السلاح جنوب الليطاني، وتنطلق إلى تطبيق المرحلة الثانية من الخطة شمال الليطاني (من نهر الليطاني جنوباً حتى نهر الأوّلي شمالاً)، دخل لبنان في نقاش واسع حول شمال النهر، وما ستشهده هذه المرحلة من خضّات سياسية متوقعة، ورفع لسقف التهديدات الإسرائيلية، والضغط الأميركي المرتقب.
وقبل أن تستثمر الحكومة الخطوة الأولى التي أقدم عليها الجيش للبناء عليها والمطالبة بخطوة إسرائيلية مقابلة، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام الاستعداد للدخول في المرحلة الثانية شمال الليطاني، في موقف بدا وكأنه يحاكي اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، المقرر في 29 من الشهر الجاري، والذي يُتوقع، وفق تقديرات محللين، أن يخرج بموقف حيال الوضع في لبنان. أو ربما جاء هذا الإعلان في إطار التزام حكومي طُلب من لبنان في أعقاب اجتماع باريس التحضيري لمؤتمر دعم الجيش، المقرر مبدئياً في شباط.
بإعلانه هذا، وضع سلام الجميع أمام أمر واقع. وقد قوبل موقفه باستغراب، وفسّره البعض على أنه مؤشر إلى إشارة سعودية هدفها الاستمرار في ممارسة الضغط حتى تحقيق حصرية السلاح شمال الليطاني كما جنوبه، بحيث يصبح حزب الله حزباً مجرداً من سلاحه. ولم تبدل المملكة موقفها حتى الآن، ولا يزال سحب سلاح حزب الله يشكّل أولوية في تعاطيها مع لبنان. وحسب الأجواء التي تكوّنت لدى الوفد اللبناني المشارك في المؤتمر، فإن مؤتمر دعم الجيش لن ينعقد في حال لم يُسحب السلاح، وإلا سيكون مصيره كمصير المؤتمرات السابقة: وعود لم تُترجم على أرض الواقع.
وخلال المداولات التي خاضها الجيش في المرحلة الأولى من الخطة، وما فهمه حزب الله، تبيّن أن استكمال تطبيق حصرية السلاح جنوب الليطاني نهائياً لن يكون ممكناً بسبب وجود نقاط محتلة من قبل إسرائيل، وبالتالي لن يكون في مقدور الجيش الانتقال إلى شمال الليطاني.
وكان من المفترض، وفق الخطوات المقررة، أن يصدر عن قيادة الجيش بيان يعلن الانتهاء من المرحلة جنوب الليطاني، ويتحدث عن عقبات الاحتلال التي حالت دون استكمال العمل، يتبعه بيان صادر عن الرؤساء الثلاثة يحاكي بيان الجيش، ثم يصدر عن حزب الله موقف يعلّق فيه على ما ورد، ويُدرج ملاحظاته بما لا يتعارض مع ما أعلنه الجيش.
من وجهة نظر الجيش، فإن إنجاز مرحلة شمال الليطاني يحتاج إلى توافق سياسي، وخطوات يجب أن تتوافر من الداخل والخارج معاً. أما الحكومة، فترى أن مجرد الالتزام قد يجنّبها تبعات الضغوط الإسرائيلية والأميركية.
لدى حزب الله موقفه المبدئي الرافض لبدء الجيش مرحلة شمال الليطاني ما لم توقف إسرائيل عدوانها وتنسحب من النقاط التي تحتلها. ويربط الحزب هذه المرحلة بمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، أو ما يُسمّى حديثاً باستراتيجية الأمن الوطني. وقبل قراءة موقف سلام على أنه قرار في مواجهته، يرى حزب الله ضرورة قراءته كموقف في مواجهة رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والجيش، كونه موقفاً استباقياً لا يراعي مصلحة لبنان. وكان بإمكان سلام المقايضة بين استكمال جنوب الليطاني ووقف العدوان والانسحاب الإسرائيلي، قبل الالتزام بالمرحلة الثانية التي لا تدخل ضمن إطار القرار 1701.
يتفرّد حزب الله برأيه حيال خطة حصرية السلاح شمال الليطاني، والتي لم ينصّ عليها أي اتفاق، وهو ما يشير إلى أن المرونة التي أبداها جنوب الليطاني لن تنسحب على شماله. غير أن ذلك لا يعني خروج الحزب عن سياق التفاهم مع رئيس الجمهورية، أو التنسيق مع رئيس مجلس النواب حول هذا الملف. فحزب الله، الذي يقف خلف الدولة في القرار الذي تتخذه، سواء بالتفاوض أو بحصرية السلاح جنوب الليطاني، لن يواجه الدولة في شمال الليطاني طالما أن القرار اتُّخذ بوجود وزيريه في الحكومة، ولن يكون بمقدوره التصدي للجيش، وإن كان من المستبعد أن يقدم الأخير على مغامرة مواجهة في شمال الليطاني.
واستدراكاً لمعضلة السلاح شمال الليطاني، تشهد الكواليس اتصالات وبحثاً متقدماً، وسط أجواء إيجابية خجولة تتحدث عنها مصادر سياسية رفيعة، قد يلمسها لبنان، لكنها تبقى أسيرة تضارب المواقف الخارجية. وتشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة، عبر سفيرها في لبنان، تعمل على إعداد ورقة جديدة لاتفاق أو تفاهم بين لبنان وإسرائيل من خلال آلية الميكانيزم، قيد التداول.
كما أن لبنان تقدّم بورقة هي موضع تشاور مع دول القرار، تتضمن مقترحات لمواكبة خطوة الجيش الأولى، باعتبارها شرطاً أساسياً للانتقال إلى شمال الليطاني. وقد شهدت الأيام الماضية مداولات داخل البلاد وخارجها، تركزت حول مرحلة ما بعد جنوب الليطاني، ومعالجة السلاح شماله، والمواءمة بين سحب السلاح وتلافي ضربة إسرائيلية محتملة، وعدم جرّ البلاد إلى توتر داخلي.
ويجري كل ذلك تحسّباً لما قد يصدر عن اجتماع ترامب – نتنياهو، الذي يواكبه لبنان باتصالات متكيفة لتأكيد جديته في معالجة حصرية السلاح. أما حزب الله، فيبدو مضطراً إلى تسليم أوراقه للدولة في ظل انعدام خياراته الراهنة، لأسباب متعددة لكن هل يكون هذا التسليم إلى حدود تسليم سلاحه شمال الليطاني؟
غادة حلاوي - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|