الحريري في ذكرى اغتيال محمد شطح: ما أرساه سيبقى منارة لمشروعنا السياسي
“الحزب” أمام خيارين: التسليم أو الهزيمة
عبّر “حزب الله” عن امتعاض كبير ورفض شديد للمواقف التي أطلقها رئيس الحكومة نواف سلام، ولا سيّما تأكيده أنه مع انتهاء المرحلة الأولى من خطة انتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني، سيتم الانتقال فورًا إلى المرحلة الثانية لتشمل المنطقة الواقعة بين جنوب الليطاني ونهر الأوّلي، على أن تُستكمل الخطة تباعًا في باقي المناطق اللبنانية.
واعتبر “الحزب” أن هذه المواقف تندرج في إطار التنازلات المجانية، وأن على رئيس الحكومة مطالبة إسرائيل بوقف ضرباتها والانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلّها، أسوةً بانسحاب “الحزب” من جنوب الليطاني. كما أكّد أن ما أبداه من تعاون في المرحلة الأولى لن ينسحب على المرحلة الثانية، وأن القرار 1701 واتفاق 27 تشرين الثاني ينصّان فقط على جنوب الليطاني، وأنه لن يسلّم سلاحه. وحيال تكرار مواقف “حزب الله”، لا بدّ من إعادة كشفها وتعريتها:
أولًا، إن ما اعتبره “حزب الله” تعاونًا جنوب الليطاني غير صحيح، لأن ما كُشف من مخازن وأنفاق لم يكن نتيجة تعاون طوعي، بل نتيجة انكشافها أمام إسرائيل، وإبلاغها لآلية “الميكانيزم”، واضطراره مرغَمًا إلى تسليم ما لم يعد قادرًا على إخفائه. ومن البديهي، بل من المؤكّد، أن ما لم يُكشف بعد من مخازن وأنفاق جنوب الليطاني يفوق ما كُشف.
ثانيًا، لم يملّ “الحزب” من تكرار مقولة لم تأخذ بها إسرائيل منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، لجهة الانسحاب ووقف الاستهدافات وإطلاق الأسرى والسماح بعودة المهجّرين، ولن تأخذ بها، بعدما اختبرت تضليل “الحزب” في تطبيق القرار 1701. فهذا المنطق لم يعد قابلًا للتسويق لا داخليًا ولا خارجيًا، ولم يفلح في وقف الاغتيالات، ولا في منع التدمير، ولا في تحسين موقع “الحزب” التفاوضي. ومع ذلك، لا يزال يتذاكى ويتشاطر، وكأن الزمن لم يتبدّل، وكأن الوقائع الميدانية والسياسية ما زالت على حالها.
ثالثًا، إن قوله إنّ القرار 1701 واتفاق 27 تشرين الثاني ينصّان فقط على جنوب الليطاني، وأنه نفذ ما عليه فيما على إسرائيل تنفيذ ما عليها، هو تزوير مكشوف ومفضوح ومكرّر، لأنّ الجميع يعلم أن نزع سلاحه كان يفترض أن يتم منذ بدء تنفيذ “اتفاق الطائف”، وأن القرار 1701 واتفاق 27 تشرين ينصّان بوضوح شديد على نزع سلاحه وحلّ جناحيه العسكري والأمني.
رابعًا، لقد أحسن رئيس الحكومة صنعًا حين فصل مسألة نزع سلاح “حزب الله” عن النقاط المتعلّقة بإسرائيل، لأن عدم الفصل يعني الاستمرار في حلقة مفرغة متواصلة منذ 27 تشرين الثاني 2024. ذلك أن تنفيذ إسرائيل لما هو مطلوب منها يبدأ بعد بسط الدولة سيطرتها على كامل أراضيها تنفيذًا للدستور، ومنع الأعمال التخريبية من الأراضي اللبنانية. فلا مدخل لخروج إسرائيل ووقف استهدافاتها إلّا بإنهاء سلاح “حزب الله”، وتجاهل هذه المعادلة لا يلغيها، بل يفاقم كلفتها على لبنان.
خامسًا، يستحيل أن يكون “حزب الله” غير مدرك أنه مكشوف أمام إسرائيل والولايات المتحدة ودول العالم كافة، وأمام جميع اللبنانيين، في سعيه إلى وقف الاستهدافات الإسرائيلية بأي ثمن، لما تشكّله من ضغط عسكري دائم عليه، يمنعه من التقاط أنفاسه أو إعادة بناء قدراته، فضلًا عن الضغط المتزايد من بيئته التي لم تتمكّن من العودة إلى قراها ومنازلها.
سادسًا، يستحيل أيضًا أن يكون “حزب الله” غير واعٍ لانكشاف خطته لإعادة تكوين نفسه وقوته وقدراته العسكرية شمال الليطاني، بهدف إعادة تموضعه العسكري بانتظار ظروف تسمح له بالعودة جنوبًا، في تعاطٍ مع الجغرافيا كأنها تفصيل تقني، فيما هدفه الحقيقي الاحتفاظ بالسلاح والبقاء قوةً عسكرية قائمة بذاتها.
لقد أصبحت خيارات “حزب الله” اليوم محدودة إلى حدّ غير مسبوق، والوقت داهم، وهو يدرك ذلك تمامًا. فإمّا أن يذهب إلى خيار التخلي عن مشروعه المسلّح، والتعاون الكامل مع الجيش اللبناني لبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية دون استثناء، وإمّا أن يتحمّل مسؤولية المواجهة الكبرى والنهائية مع الجيش الإسرائيلي.
والحديث عن ضربةٍ محتملة ليس تهويلًا ولا تخويفًا، بل قراءة واقعية لمسار الأحداث. فالمنطقة مقبلة على مرحلة شديدة الخطورة اعتبارًا من منتصف كانون الثاني، في ظلّ تقاطعات إقليمية ودولية واضحة، ولا سيّما بعد القمّة المرتقبة بين بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب.
الخلاصة بسيطة وواضحة: “حزب الله” أمام خيارين لا ثالث لهما. إمّا أن يُجنِب نفسه وبيئته واللبنانيين حربًا حتمية عبر الإعلان عن انتهاء مشروعه المسلّح، وتسليم سلاحه، وتفكيك تنظيمه العسكري والأمني، وإمّا الهزيمة الكبرى أمام الجيش الإسرائيلي. وكل تأجيل إضافي لن يغيّر النتيجة، بل سيرفع الكلفة عليه وعلى بيئته وعلى لبنان واللبنانيين.
شارل جبور- "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|