بعد الرفض الألماني… دولة بديلة تتسلّم تحليل الصندوق الأسود للطائرة الليبية
أبو عمر وضحاياه: نموذج عن الحياة السياسية في لبنان
حتى الساعة لم تتكشف كامل تفاصيل قضية الأمير السعودي المزعوم "أبو عمر"، الذي نجح في الإحتيال على العديد من الشخصيات السياسية والإجتماعية اللبنانية، خصوصاً أن هناك الكثير من الروايات المتضاربة والمضخّمة التي يُروج لها، في حين تبقى المعلومات الدقيقة لدى جهتين أساسيتين، الجهاز الأمني الذي يحقق في القضية والقيادة السعودية المعنية في هذا الملف.
بعيداً عن التفاصيل الكثيرة التي تحيط بهذه القضية، ما يمكن الوقوف عنده هو قدرة الأمير المزعوم على الإحتيال على تلك الشخصيات، الأمر الذي لا يعود فقط إلى "حنكة" لديه قادته إلى النجاح في هذه المهمة، بل إلى ضعف تلك الشخصيات في التنبّه إلى هذه المسألة الخطيرة، بسبب "طموحها وجشعها" الذي دفعها إلى الوقوع في فخه، نظراً إلى أن نجاحه يرتبط مباشرة بالسعي لدى هؤلاء للحصول على رضا الرياض، على قاعدة أنها البوابة التي تقودهم إلى تحقيق رغباتهم.
تشبه هذه القضية العديد من قضايا النصب التي عرفتها البلاد في الماضي، تحديداً عندما يقنع أحد النصابين ضحاياه بقدرته على مساعدتهم في تحقيق أرباح كبيرة خلال وقت قصير، مقابل إيداعه مبالغ مالية يقوم هو بـ"تشغيلها"، ثم يعمد إلى الإختفاء بعد أن يكون قد سدد لهم بعض الدفعات الشهرية، ما يشجعهم على إيداع المزيد من الأموال لديه، لا بل حتى إقناع آخرين من معارفهم بالإستثمار معه، على قاعدة أن ذلك يساعدهم أيضاً على تحقيق الأرباح، خصوصاً إذا ما كان يعدهم بالحصول على نسبة معينة مقابل كل "زبون".
في قضية أبو عمر معظم الضحايا من الراغبين بتعزيز حضورهم السياسي أو الوصول إلى مناصب أعلى من التي هم فيهم، مستفيدين من حالة الفراغ التي برزت، في السنوات الماضية، بعد أن قررت المملكة العربية السعودية الإبتعاد عن الملف اللبناني، قبل أن تعود إلى الساحة مع بداية العام الحالي، تحديداً مع إنتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، خصوصاً أن ذلك ترافق مع إبتعاد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن الواجهة السياسية، بينما هم غالبيتهم من الطامحين إلى وراثته.
هنا من الممكن الحديث عند نقطتين بارزتين، تُفسر إحدى أبرز الظواهر القائمة في الحياة السياسية اللبنانية منذ سنوات، أي البحث عن الدور من خلال الغطاء الخارجي، الأولى هي أنه كان يكفي "أبو عمر" الترويج على أنه شخصية مقربة من دوائر صنع القرار السعودي كي ينجح في تحقيق المهمة المطلوبة منه، نظراً إلى أن الضحايا من المؤمنين بأن شرعيتهم لا تأتي من القواعد الشعبية بل من الرضى الخارجي عنهم، أما الثانية فهي رغبة تلك الشخصيات في التصديق، وهو ما قد يكون لا يزال قائماً حتى اليوم، على قاعدة التعلق بالأمل الكاذب.
في المحصّلة، هذه الفضيحة قد تدفع المملكة العربية السعودية إلى إعادة النظر، في تقييم الشخصيات التي تُصنف على أساس أنها محسوبة عليها في لبنان، لكن السؤال الأبرز يبقى حول ما إذا كانت هذه القصة ستكون الأخيرة، على إعتبار أنها قد تدفع الكثيرين إلى التنبه من الوقوع في الفخ مجدداً، لاعتبارها النموذج عن الحياة السياسية في البلاد، حيث يبحث أغلب "الطامحين"، من مختلف الأفرقاء، إلى "الختم" الخارجي، الذي يشكل بوابة العبور، بالنسبة إليهم، نحو "المجد".
ماهر الخطيب -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|